في ساعات الصباح الباكر من يوم الأربعاء 2.7.2014 وصل خبر الى وسائل الاعلام من شرطة اسرائيل حول فقدان اثار فتى من منطقة بيت حنينا في القدس....حيث اتصلت العائلة واخبرت عن اختفاء اثار ابنها... وبدا الخبر وكأن الفتى ذهب للسهر في ساعات الليل ولم يعد الى البيت...وبعد دقائق قليلة وصل خبر آخر عن العثور على جثة في احراش القدس( بالقرب من دير ياسين المهجرة) وتفحص الشرطة اذ ما كانت علاقة بين الحادثين فارضة امر منع نشر حول القضية....

تسارعت الأحداث بشكل لم تتوقعه الشرطة، كيف لا والحديث عن فتى فلسطيني وليس مواطناً اسرائيليا، كونه مقدسياً، يعني درجة ثالثة(اذا ما كان الفلسطينيون في اسرائيل درجة ثانية) يعاني كما يعاني اترابه الفتيان من عدم تكافؤ الفرص لا في العمل ولا في التعليم ولا حتى في شرب الماء التي تقطعها شركة المياه الاسرائيلية عنهم وووو وحدث ولا حرج.

في الدقائق القليلة بعد فرض الشرطة امر منع نشر، كانت تصل الأخبار تباعا من بيت العائلة في شعفاط وليس بيت حنينا(كما عمدت الشرطة للاعلان في البداية وحتى بعد كشف الامر ابقت على بيت حنينا عنواناً للحادث لغرض في نفس يعقوب...(ربما لإبعاد الخطف عن مخيم شعفاط الملتهب امنياً او، وهو الارجح، ابعاد حقيقة ان الجريمة وقعت بالقرب من احد المحاور الرئيسة في القدس) وبدأت الاخبار تنكشف رويدا رويداً... الاب يشرح ظروف اختطاف ابنه على مرأى منه وهما في طريقهما الى المسجد لأداء صلاة فجر اليوم الرابع من شهر رمضان الكريم، حيث فوجئ بسيارة بيضاء اللون من نوع هيونداي يستقلها 3 مستوطنين، ونفذوا عملية الخطف! حاول الشهيد الإستنجاد بوالده" يابا يابا" الا ان يد الغدر والحقد والداعشية كانت الاقوى....

وسرعان ما بدأت التصريحات المستنكرة ابتداءً من رئيس بلدية القدس نير بركات الذي استنكر العملية واسماها "بربرية" ومن ثم الوزراء الاسرائيليون واحداً تلو الآخر، جميعهم يستنكرون، اما الشرطة فلا زالت في بلبلة وحيرة من امرها، مصرةً على موقفها في انها تحقق في العلاقة بين الحادثين، وبعد دقائق قليلة وعندما تم الإعلان عن اسم الشهيد محمد ابو خضير وعلاقة المستوطنين بخطفه وقتله حرقاً(بحسب الشبهات)، شعرت الشرطة بالضيق والخنق، لأنها لم تستطع فرض امر منع النشر على بعض وسائل الاعلام الرائدة، مما جعلها تتراجع وتعلن بعد ساعات قليلة انها قلصت من امر منع النشر، ويجوز نشر اسم الضحية...في الوقت الذي كان اسم الشهيد يزيّن المواقع الاخبارية ليس فقط العربية وانما العبرية ايضاً.

وبعد اكثر من 24 ساعة اعلنت الشرطة ان الجثة التي تم العثور عليها تعود للفتى المغدور...صح النوم!

واليوم بعد تشييع جثمان شهيد الفجر، الشهيد محمد ابو خضير، بالإمكان تحديد الأسباب الحقيقية لفشل الشرطة الاسرائيلية بفرض امر حظر النشر وذلك باقتضاب شديد:

1. وجود مواقع التواصل الإجتماعي التي حررت بعض الشعوب العربية من ديكتاتوريات زعماء الكراسي وكنست هذه القمامة من اراضيها، لعبت دورا كبيرا في سرعة نقل الأخبار الواردة من بيت العائلة رغماً عن امر حظر نشر الصادر من الشرطة الاسرائيلية، هذا التدفق في المعلومات شلّ قدرة الشرطة في الاستمرار بمنع النشر الجارف.

2. وسائل الاعلام الفلسطينية التي لا يسري عليها امر حظر النشر الاسرائيلي والتي كانت تنشر الحتلنات تباعا.

3. سكان شعفاط جزء لا يتجزأ من الفلسطينيين الذين يسكنون القدس ويشكلون ما قرابته 36% من سكانها ( اكثر من 800 الف انسان يسكنون في القدس 36% منهم فلسطينيون والباقي 64% من اليهود الاسرائيليين) هؤلاء الفلسطينيون يمثلون شريحة سكانية منسية من قبل السلطات الاسرائيلية بحكم موقعهم الجغرافي، ينتمون قلبيا ووطنيا لدولة فلسطين وما يسري هناك يسري عليهم وبالتالي فإنهم يمتثلون للإعلام الفلسطيني وللتوجهات من السلطة الفلسطينية في هكذا موقف، وليس للشرطة الاسرائيلية التي تفرض امر حظر النشر، وتكيل بمكيالين ازاء التعامل في قضايا على خلفية" قومية" حيث تتسارع الشرطة بالنشر اذا ما كانت الضحية يهودية وتقول على لسان وزير امنها الداخلي يتسحاك اهرونوفيتش ان الخلفية قومية ليتضح فيما بعد انه اخطأ، كما حدث في قضية المرحومة الشابة شيلي دادون، ورغما عن ذلك فإن الوزير لا يعتذر، في المقابل  اذا كان الفقيد عربيا فتسبر الشرطة في اغوار غيلها وحيلها وعباطتها من اجل اخفاء الحقيقة بسبل عديدة فاشلة....

خلاصة القول ان حادث خطف وقتل الشهيد محمد ابو خضير اثبت لرئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يغط في سبات عميق ان مدينة القدس مدينة لا يمكن ان تتسع لشعبين، لا يمكن ان يعيش الشعبان فيها سوية، كما يقولون ويجب تقسيمها فعليا بين اليهود والعرب.

4. شرخ كبير بين الشرطة والسلطة ومن يقف وراءها، سواء الوزراء او رئيس بلدية القدس، حيث كل طرف يغني على ليلاه وكما يحلو له.

5. تضعضع مكانة الشرطة على المستوى الشعبي، لا سيما بعد عجزها في الكشف عن عصابات تدفيع الثمن التي ولدت الداعشيين منفذي جريمة الخطف والقتل، جرائم تدفيع الثمن التي بدأها المستوطنون في الضفة الغربية ونشروها بعد ذلك داخل البلدات العربية في اسرائيل، والتي تأتي بشكل حرق المساجد واعطاب سيارات وكتابة عبارة الموت للعرب على الجدران او الاساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يكتفوا بذلك بل دنسوا الكنائس ايضاً وشتموا المسيح، كل ذلك على مرأى من الشرطة التي لم تستطع قطع دابر هذه الظاهرة واستمرت هذه الشعارات حتى اليوم ايضاً في عسقلان ورهط واسدود ...

6. وهو ما يعتبر فشل ذريع يضاف الى الشرطة فشل الشرطة في عدم قدرتها على تقييم مدى خطورة المظاهرات التي اعقبت الكشف عن المستوطنين الثلاثة والتي اقامها المستوطنون في القدس والتي طالبت بالانتقام من العرب وتداعيات ذلك على الشارع العربي في القدس، ما جعل المقدسيون يشعرون بعدم الأمن والأمان والخوف وهو ما على الشرطة تقديمه لهم لكن الشرطة لا تستطيع تقديمه" ففاقد الشيء لا يعطيه" وهكذا هي الشرطة لا سيما بعد الكشف اليوم عن قضية ستزعزع اركان الشرطة الاسرائيلية وتعصف بها بلا هوادة....

رحم الله شهيد الفجر، شهيد شعفاط وفلسطين والمقهورين في الارض الشهيد محمد حسين ابو خضير ولأهله الصير والسلوان.


تعقيب الناطقة بلسان الشرطة الاسرائيلية لوبا سمري:

وارسلت الناطقة بلسان الشرطة لوبا سمري تعقيباً على ما جاء في المقال، موقع بكرا ينشره كما وصلنا:" تواصل الشرطة في بذل جهود جمة واسعة علنية واستخباراتية على حد سواء , من اجل كشف النقاب والتوصل لقرائن وبينات ودلالات حول ما كان قد حصل من احداث في القدس , صباح اليوم الاربعاء مع التنوية باننا على دراية كاملة بما قد تنطوية نتائج التحقيقات من اهمية بالغة الشدة اضافة الى الحاجة في كشف النقاب عن كافة التفاصيل والملابسات وفي اسرع وقت ممكن اضافة الى ادراكنا ايضا لحاجة وسائل الاعلام والاعلاميين على اختلافهم في نشر معلومات فورية لجمهورهم الا انة ومن جانب اخر وبالذات للانعكاسات المحتمل وقوعها , ملقى وواجب علينا كشرطة مواصلة العمل بمهنية وبدقة متناهية حتى التوصل الى كامل الحقيقة وخلاصة التحقيقات مع جملة من القرائن والبينات الراسخة مع ان التوصل الى كامل الحقيقة يوجب علينا العمل حثيثا وبانفاس طويلة ولا ارى لنا حاجة بالتوسع بخصوص الانعكاسات التي قد يحتويها تقرير صحفي ما الذي ربما يستند على تقديرات , تكهنات ,اشاعات , اقاويل , اعتبارات او تخمينات ما"، الى هنا نص التعقيب.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]