أصدرت محكمة الصلح في حيفا حكماً يقضي بدفع تعويض قدره (30) ألف شيكل لسيدة أدعت ضد سلطات الدولة ومستشفى "بني تسيون" (روتشيلد سبقاً) بالإهمال تجاهها،في ظروف وملابسات غير مسبوقة،تتعلق بالولادة والإنجاب.
وتعود هذه الواقعة إلى نهايات العام 2006 (قبل ثماني سنوات) حين أنجبت سيدة أبنتها البكر في المستشفى المذكور،وتنبه زوجها إلى أن حبل المشيمة لم يخرج بالكامل من رحم الزوجة،وحين توجه إلى الممرضة القابلة مستفسراً عن الأمر،لم يلق إجابات شافية،وبعد أسابيع من الولادة اضطرت الوالدة للخضوع لعملية اخراج ما تبقى من المشيمة،فرفع الزوج دعوى ضد المستشفى،الذي أدعى في دفاعه (من بين ما ادعى) أن هذه "مشيئة التوراة"،مثلما ورد في التوراة عن أن المرأة "بالألم تلد"!
الولادة الثانية تعسرت
وجاء في هذا الملف،أن شكوك الزوج كانت في محلها،حيث عثر الأطباء الجراحون على بقايا مشيمة في رحم السيدة،ولم تنفعها الأدوية التي أوصى بها الأطباء،وفي فبراير شباط من العام التالي (2007) عادت إلى المستشفى وأخرجت بقية المشيمة،تحت التخدير الكلي.
لكن المعانة لم تنته عن هذا الحد:ففي مايو أيار من العام 2010 أنجبت السيدة مولوداً ثانياً،وكانت العملية مصحوبة بنزيف حاد وبالصعوبة في إخراج المشيمة،وعلل الأطباء ذلك بعملية إخراج بقايا المشيمة بعد الولادة الأولى!
وأثر ذلك توجهت السيدة إلى المحكمة،رافعة دعوى ضد الدولة،بصفتها صاحبة المركز الطبي "بني تسيون".وجاء في الدعوى أن السيدة عانت طوال شهور من الآلام والنزيف والاكتئاب،الناجمة عن إهمال الطاقم الطبي.وجاء في لائحة دفاع الدولة أن متابعة حالة السيدة لم تظهر أية علامات أو آثار ناجمة عن بقايا المشيمة في الرحم،وأن العلاجات كانت صحيحة ومناسبة.
واستعانت "الدولة" في هذا الإطار بالتوراة،حيث جاء في ختام لائحة الدفاع أن لا مكان لشكوى ودعوى السيدة،حيث ورد في التوراة "بالآلام تلدين"،وهذا يعني أن الألم والمعانة "شيء طبيعي"!
المشيمة في المحكمة!
وذهب محامي المستشفة إلى أبعد الحدود حين عرض على مرأى من المحكمة والقاضية حانا لبين،مشيمة "حية"،وسط ذهول القاضية التي "تعطلت لغة الكلام" لديها،بينما أدعى المحامي أنه يقصد اختبار معلومات الزوج عن المشيمة،بشكل مباشر!
وعندما أفاقت القاضية من صدمتها،أبدت امتعاضها الشديد من تصرف المحامي،ووصفته بأنه "مسرحية هزلية بعيدة عن الذوق".ثم فندت عبارة "بالآلام تلدين"،مؤكدة أن المقصود بالآلام – آلام تربية ورعاية الأبناء،والانفصال عنهم عندما يكبرون ويتزوجون!
تعويض وأتعاب
وخلصت القاضية إلى التأكد أن المدعى عليهم لم يوفقوا في إثبات صحة وسلامة تصرفهم وموقفهم،وأكدت أن معاناة السيدة المدعية ناجمة عن إهمال الطاقم الطبي،وأصدرت حكماً يقضي بتعويض السيدة بثلاثين ألف شيكل وإلزام الدولة بدفع مصاريف المحكمة وأتعاب المدعى عليهم غرامة لخزينة الدولة بقيمة (5) آلاف شيكل،على خلفية جلب المحامي "مشيمة حية" إلى قاعة المحكمة!
[email protected]
أضف تعليق