شيخ ومطران لبنانيّان ،عريقان ،اْصيلان ،وطنيّان وفيّان ،يتسابقان على المروءة ،الشّهامة والتّسامح الدّيني ،كلّ منهما من منظاره الخاص ،بعيداً عن :التّقوقع ،الانعزالية ،الانطواء على النّفس اْو التّكفير ،معاذ الله ،يشيد الاْوّل بمواقف الثّاني ،ليس تصنّعاً اْو تزلّفاً اْو مداهنة ورياءً،
*الاْول هو الشّيخ الشاعر سامي اْبو المنى،اْمين عام مدارس العرفان ،ورئيس اللجنة الثقافيّة في المجلس المذهبي لطائفة الموحّدين الدّروز ، يحمل إجازة تعليميّة في اللغة العربيّة ،من الجامعة اللبنانية 1980 ،وشهادة الماجستير في العلاقات الاسلاميّة المسيحيّة ،الجامعة اليسوعيّة 2011 ،يعدّ رسالة الدكتوراة بعنوان :الحوار الاسلامي المسيحي،برؤية الموحّدين الدّروز ،وهو عضو فعّال في لجنة الحوار الاسلامي المسيحي وملتقى الاْديان .
*اْمّا الثّاني فهو سيادة النائب البطريركي :المطران رولان اْبو جودة ،انطلقت مسيرته الكهنوتية عام 1957،كتب عنها الشيخ اْبو المنى قائلاً:وهو المميّز باستقامته المسيحيّة ،وبخمسينه الكهنوتيّة ،شابّاً،فكهلاً ،فشيخاً،تلوّن شعره بلون قلبه الاْبيض ،ولربّما اْثقلته السّنون والمهام ،فانحنى بوقفته ومشيته،لكنّه بقي شامخاً،لم تنحنِ له قامة في العطاء والتّضحية ،سلك سياسة الانفتاح والحوار ،العيش المشترك ،التّسامح والتّصافي ،والتّلاقي بين اْهل الاْديان .... *بين يدينا قصيدة الشاعر الشيخ سامي التي اْلقاها في حفل تكريم المطران ،بحضور اْرهاط من رجال الدّين اللبنانيين الكبار :مفتي الجمهورية اللبنانية ،البطريركين السابق والحالي ،وكتائب ومفرزات من الشيوخ ،الكهنة ورجال العلم والاْدب ، يشيد الشيخ بمكارم سيادة المطران رولان ،قصيدة فائيّة ،ضمّت سبعةً وثلاثين بيتاً،ولاْنّها تشتمل على كثير من القِيم الانسانيّة ،الاْخلاقيّة ،الوطنيّة والتّسامح الديني ،ونحن نفتقر الى ذلك في ديارنا،فدون اْن نستسمح من المُكَرِّم اْو المُكَرَّم،لاستحالة الاْمر،لذلك بالاّمليّة والغبطانيّة دخلنا صومعتيهما ،عرينيهما ،محرابيهما وهيكليهما،لنُطِلّ على بعض ضروب المعاني والبديع وحسن السّبك والنّظم ،لعلّ في ذلك بعض الواجب لإطلالة عابرة ،قد تفيد القرّاءالشّغوفين للارتشاف من ينابيع العرفان والتّوحيد ،بكلّ ما تعني الكلمة من معانٍ قريبة اْو بعيدة ،يبداْ الشاعر قصيدته قائلاً : شيخ يكرَم مطراناً،لهُ وقفا يُهديه حُبَاً،به قد جاء معترفا كاْنّما نجمة التّوحيد تهتف كي تلقى الصّليب المسيحي الذي هتفا بكثير من الصّدق والتّواضع يقول الشاعر معترفاً،وليس ضريبة كلاميّة ،بل واصفا الحُلم المنشود في لبنان الاْرز والعطاء :
ناْتي الى الجمع كلّ من عقيدته والحقّ كالدّرّ يعلو الشّكل والصّدفا لاشيئ إلاّ سلام الرّبّ في يدنا والصّدق يبعث منه الشّوقَ والشّغفا ثمّ يضع الشاعر النقاط على الحروف ،بدون مكياج ،تجميل ،تلميع ،اْو تصنّع ،فيقول : فلا المُكَرَّمُ يستعطي مدائحنا ولا المُكَرِّم اْعطى ،إنّما وصفا ولا الاْب السيّد المطران في حَرَج ولا الاْخ الشّيخ عن إيمانه عزفا ثم تبادل وظيفي بين الاثنين ،ليس تلاعباً بالاْلفاظ ،اْو مسح جوخ ،بل تسامح وتعاطف وتماهٍ : اْنا المسيحيّ والثالوث يعبر بي نحو الحقيقة والحقّ الذي لطُفا
واْنت في دوحة التّوحيد مُفترشا عهداً تحصّن بالاسلام والتحفا يا شيخنا الشّامخ َ المعطاء يا عَلَماً خمسونك البيض فاقت همّة ووفا كلمات رقيقة تصدر عن عاطفة جيّاشة بالمشاعر والنّوايا الحسنة ،تفهّم الآخر ،حتى لو كان مغايراً ،دون إكراه اْو إجبار،دون تكفير اْو تحقير ،ففي لبنان التّعدّدي مُتّسع للجميع ،إذا احترموا مشاعر واْحاسيس بعضهم البعض،شعب واحد في دينَين :مسيحي وإسلامي ،مسيحي متعدّد الطوائف ، ونظيره الاسلامي كذلك،تركيبة متنوّعة كتينة سيادة المطران الياس شقّور البرعماني ،بها عدّة فروع ومذاقات :بياضي ،سباعي ،خضاري ،موازي ،بقراطي ،تتعايش وتُطَعِّم بعضها البعض ،وتنهل من تربة واحدة ،خصبة معطاءة ،كعطاء المطران اْبو جودة : اْحنيتَ ظهركَ،لكن ليس عن ضِعَة ملاْى السّنابل تحني الرّاْس والكتفا طوبى لشعب واْتباع،كنيستهم مطرانها ،من معين الرّوح قد رشفا وناب عن بطريرك الشّرق مختزناً حُبّ المسيح ،ومن إنجيله إغترفا بوركتَ رولان في الكهنوت مرتقياً ودُمتَ رمزاً صفا بالخير واتّصفا لبنان العطاء الزّاخر ،وهب الانسانيّة والبشرية اْعلام :الفكر ،الاّدب ،الفنّ،الجود ،الكرم ،الروحانيّات ،الفيروزيّات،الصّافيات ،الرّحبانيّات ، اليسوعيّات ،التّقيّات ،الجنبلاطيّات ،الاْرسلانيّات ،الشّهابيّات ،الكراميّات ،السّلاميات ،النّصرات ،العلويّات ،السّنّيّات،الزهراوات، الفاطمات ،يفتح قلبه وصدره لسلمان والياس ،لِحنّة وفاطمة ،،لتماضر ومريم ،يناجيه اْبو المنى : جئناك من وطن ،جئناك من جبل هو الفؤاد ،اذا ما طاب اْو نزفا إن صحّ نبضاً وعيشاً،صحّ موطننا وإن هوينا هوى لبنان اْسفاً لبنانُ وادٍ وسهلٌ،ساحل ،مُدُنٌ لكنّه جبل في الاْصل قد عُرفا قبلَ الطّوائف شمسُ الحرف قد سطعتْ وبالعروبة عاد الحرف واكْتُشِفا لبنانُ قلعتنا ،لبنان عزّتنا لبنان تاريخنا من سالف سلفا ونحن فيه اْساس العيش ،نحمله على اْكُفّ الفدى والرّوح إن ضعُفا فيه اتّحدنا دماءٌ،اْثمرت وطناً ونلتقي وحدة ،إن عاصف عصفا يبقى الشاعر شامخاُ مع ممدوحه ،مطرانه ،تسامحه وانسانيّاته ،فيضيف قولاً على قول : نحيا المحبّة ايماناً ومنطلقا نحيا التّسامح عهداً طاب وائتلفا لبنان للشيخ ،للمطران ،مُتَّسَعٌ من الحوار ،وقلب قد صفا وعفا نحيا له اْخوة ً،نمضي به قدما نَرُدّ عنه الرّدى ،لولا الرّدى عَنُفا يؤكّد الشاعر على التّعدّديّة المطلوبة ،ودورها في الإثراء والإنماء ،للوصول الى مجتمع متجانس متآخٍ،كي يزداد قوة وصلابة في وجوه الطامعين والمغتصبين،فيقول : اْنّى اختلفنا ،تنوّعنا ،فذاكَ غِنىً يزيدنا قوّة ،يسمو بنا شرفا صلاتنا الحُبّ،إن نصدُق به ارتفعتْ بنا الى رحمة ،لم تُخطئ الهدفا اْفي الكنيسة ،اْم في مسجد صدحتْ اْم لحنها في خلوة التّوحيد قد عُزِفا لا فرق َ كيف علت اْو اين قد رُفِعَتْ واْيّ قلب بها قد فاض مرتجفا يختتم الشاعر فائيّته ، رائعته ،عصماءه ،مدوّنته ببيتين موحِّدَين مؤالِفَين بين الجميع ‘على درب الصّوفي الكبير محيي الدين بن عربي الاْندلسي ،الدمشقي ،الشامي ،القاسيوني 1165 -1245 م ،الدّاعي الى التآلف والمحبّة بين كافّة الاْديان القائل :
لقد صار قلبي قابلاً كلّ صورة فمرعى لغزلان ودير لرهبان وبيت لاْوثان وكعبة طائف واْلواح توراة ومصحف وقرآن اْدين بدين الحُبّ اْنّى توجّهت ركائبه فالحب ديني وإيماني اْمّا الشيخ سامي فيقول :
كلّ القلوب تلاقت عند خالقها اْمّا الخلاص ُ فَبِالإخلاص قد قُطِفا كلّ المذاهب نحو الحقّ ذاهبة فَلْنَتَّقِ اللهَ في انساننا،وكفى! بعد هذه الجولة الانسانيّة مع شذرات وعبارات اْبي المنى في مديح اْبي جودة ،من انسان الى اْخيه الانسان في الوطن والعروبة والانتماء ،اسمح لنفسي اْن اْتوجّه الى رجال الدّين عندنا ،في طوائفنا العربية الثلاث ،القيادات الروحيّة ،المرجعيّات ،متّخذي القرارات ،كما يحدث في مؤتمرات الوحدة في مدينة المهد للسيد المسيح،عليه السلام ، وفي العاصمة الفلسطينية ،قدس الإسراء والمعراج ،ودرب من مرّوا الى السماء ،وفي مدينة البشارة وجبل القفزة،الاْرض خصبة معطاءة ،جادت وتجود بالخيرات واللقاءات ،يُرجى منكم جميعاً :تكثيف هذه اللقاءات ، المؤتمرات ،النّدوات ،كفانا ما بنا ،والى غد مشرق علينا جميعاً ،معاً وسوّيّاً،يا هالرّبِع!
من جليلنا الاّشم ،وقدسنا الجريحة ،نرفعها تحيّة صادقة للشاعر الشيخ المعطاء :سامي اْبو المنى،على توجّهه الانساني الخلاّق ،والى المطران رولان اْبو جودة ،السّموح التّواق الى الاْلفة وتوطيد العروة الوثقى بين الجميع ، اْملنا اْن يَمنّا ، يتمنّيا ويجودا علينا دائماً بكرمهما المعهود بلا حدود،على درب الرسالات السماوية ،وكما جاء في القرآن الكريم :
* وَقُلِ الحقَّ من ربّكم،فَمَنْ شاء فَلْيُؤْمِن ،ومن شاء فَلْيَكْفر ! *ولو شاء ربّكَ لَجَعَلَ النّاس اْمّةً واحدةً،ولا يزالون مُختلفين ! *آية عطرة اْخرى :وَقُل اعملوا فسيرى اللهُ عملَكم ورسولُه والمؤمنون /صدق الله العظيم ! *على اْنغام الفنّان السّور رامي كزعور :كنيسة وجامع مِتّحْدين ،والمحبّة عنوان الدّين !
*إنّنا لمنتظرون يا رجال الدين الكرام! اللهم اشهد إنّي بلّغت !
[email protected]
أضف تعليق