يُصادف اليوم، 25.6، اليوم العالمي للتضامن مع مرضى البهاق، حيث يُعتبر البهاق (Vitiligo) من الأمراض الجلدية الشائعة التي تنتج عن فقدان الصبغة في الجلد مما يؤدي إلى ظهور بقع بيضاء، وفي أحيانٍ كثيرة يؤدي المرض إلى ضغط نفسي كبير جداً لدى الشخص المُصاب، وخاصةً من نظرة الناس إليه، للأسف.

تجدر الإشارة بداية الأمر إلى أن مادة الـ ميلانين (Melanin) هي الصبغة التي تحدد لون الجلد وشعر وعيني الإنسان، ويتم إنتاج الميلانين في خلايا تعرف بالخلايا الصبغية، فإذا ماتت هذه الخلايا أو عجزت عن إنتاج الميلانين فإن الجلد سيصبح أفتح و يتحول لونه تمامًا إلى اللون الأبيض، مما يحدث البهاق.

والبهاق بالعادة يظهر على شكل بقع بيضاء متفاوتة البياض، ولا يظهر في أماكن محددة في الجسم، فكل الجسم معرض للإصابة بالمرض، لكن يمكن القول بأن أكثر الأماكن شيوعًا هي الوجه؛ الشفاه؛ اليدين؛ الذراعين؛ الساقين؛ و المناطق التناسلية.

د. زياد خمايسي: يُلاحظ المرض لدى العرب أكثر للون بشرتهم

حول المرض تحدثنا إلى الطبيب المختص في الأمراض الجلدية د. زياد خمايسي، الحاصل على جائزة التفوق العلمي في مجال الأمراض الجلدية في إسرائيل، والذي تطرق بداية إلى عدد المصابين بالمرض من فلسطيني الداخل قائلا: نسبة المصابين العرب مطابقة للمعطيات العالمية ولنسبة المصابين اليهود، وهي تتراوح من 0.3%-0.5%. هنالك انطباع أن عدد المصابين العرب أكثر وهذا خاطئ، ويعود ذلك للون البشرة، فمعظم المصابين اليهود لديهم بشرة فاتحة، وفي هذه الحالة يصعب ملاحظة المرض، فيما يلاحظ المرض لدى العرب أكثر للون بشرتهم الداكنة.

بين كل 100 شخص واحد أو اثنين عرضة للإصابة بالبهاق..

وعن الأجيال الاكثر عرضة للمرض قال د. خمايسي: المرض لا يتعلق بجيل أو جنس، فهنالك أطفالا يصابون بالمرض من جيل عام وهنالك من يصاب به في جيل متأخر. وفق المعطيات العالمية شخص إلى شخصين من بين كل 100 شخص عرضة للإصابة بالبهاق.

وفيما يتعلق بأسباب مرض البهاق قال د. خمايسي: لم يتم التعرف على السبب الحقيقي وراء الإصابة بالبهاق حتى الآن، لكن بالنسبة لنا فأن المرض من فئة الـ Autoimmune diseaseـ، أي فئة امراض المناعة الذاتية التي تهاجم الجسم بدون سبب معروف، فمرض البهاق ينتج بعد حدوث تفاعل مناعي ذاتي يتسبب في مهاجمة الجهاز المناعي للخلايا المُنتجة لصبغة الميلانين وتدميرها على أنها خلايا مرضية.

المرض غير خطير..

وتطرق د. خمايسي إلى خطورة المرض قائلا: هذا المرض غير خطير بالمرة، والعلاج له فقط تجميلي، وليس في كل الحالات، فكما ذكرت أصحاب البشرة الفاتحة ليسوا بحاجة إلى العلاج.

وأضاف: حتى في الجانب العلاجي، الحديث يدور عن استعمال لأنواع من الكريمات التجميلية. والمتبع في إسرائيل استعمال علاج الـ Protopic، وهي فئة جديدة نسبيًا من العقاقير الموضعية تسمى بـ Immunomodulators ، وتظهر نتائجها بعد شهرين أو ثلاثة كأقصى حد، حينها ممكن أن نلاحظ إختفاء البقع.

وقال د. خمايسي: في حال لم يتم التجاوب مع هذه العقاقير نتوجه إلى PhotoTherapy، أي العلاج بالحزمة الضيقة من أشعة الـ UVB، وهذا شكل من أشكال العلاج بالضوء الذي يتطلب علاج الجلد مرتين و أحياناً ثلاث مرات أسبوعيًا، لكن للأسف نتائجه تظهر بعد أشهر تصل أحيانا إلى 8 شهور.

لا أثار جانبية للعلاج..

وأوضح د. خماسي أن لمعظم تلك العلاجات لا يكون آثار جانبية، مشددًا على أنه وحتى الآن لم يتم الربط علميًا بين مرض البهاق أو أي أمراض أخرى، حتى فيما يتعلق بسرطان الجلد، خاصة وأن هنالك إدعاء على أن العلاج بالأشعة يمكن أن يطور أمراض سرطانيّة.

وعن فرص نجاح العلاجات تحدث د. خمايسي قائلا: النجاحات عالية وممكن ملامستها، على الرغم من أنه لا يمكن التنبؤ بإنتشار المرض أو توقفه، ففي حالات معينة ينتشر المرض أكثر وفي أخرى يختفي وكأنه لم يكن.

د. خمايسي: يجب توعية البيئة المحيطة بالمريض...

نهاية حديثه شدد مرة أخرى د. خمايسي على أن المرض ليس بخطير، لكن يرافق مريض البهاق حالة نفسية صعبة بسبب التغييرات الجلدية ومدى تقبل المجتمع له، فنرى مريض البهاق يفضل الانعزال عن المجتمع، ويختزل المواجهة، مما يؤكد أن هنالك حاجة إلى العمل على الجانب التوعوي للبيئة المحيطة بالمريض وكيفية التعامل مع المرض، كما أن هنالك حاجة للعمل مع المريض نفسه ومفضّل أن يحصل على استشارة من طبيب مختص. 

لا لإحتكار الجمال ...

وفي سياق نظرة المجتمع ومرض البهاق، قامت مؤخرًا المصابة بالبهاق ويني (شانتيل) هارلو، من أصل كندي، بإمتهان مهنة عرض الأزياء، موضحة على أنها الطريقة الأفضل لرفع الوعي المجتمعي لمرض البهاق ولكسر مفهوم ومعايير الجمال الذي أحتكره المجتمع وبات يصنّف البشر وفقه. خطوة هارلو لاقت تجاوبًا كبيرًا حيث يتابعها اليوم على موقعها الخاص أكثر من 150 الف متابع يوميًا. وفي مقابلةٍ معها قالت هارلو: ليتني أعود طفلة لأقول لنفسي أن كل شيء سيصبح على ما يرام، ملخصة بذلك كل المعاناه التي مرت بها خاصة عندما كانت طفلة حيث لا يتردد الأطفال في إعلان رفضهم ونفورهم وسخريتهم من كل غريب عن المعايير التي وضعها المجتمع للمظهر الخارجيّ.  

أحببت الخبر ؟ شارك اصحابك

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]