في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الاسرائيلي حملته العسكرية في الضفة الغربية ضمن عمليته التي اطلق عليها" إعادة الإخوة" –اعادة" المخطوفين" المستوطنين الثلاثة الذين اختفت آثارهم 16 الجاري وتغطية وسائل الاعلام سواءً المحلية او العالمية لهذه العملية وتداعياتها ولما يحدث من اعمال تخريب وترهيب وبطش وقتل ضد الفلسطينيين واعتقال المئات ، الا ان قضية الاسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام لا زالت تحتل حيزاً كبيراً في التغطية الاعلامية وان خفتت بعض الشيئ عن قصد او بدونه!

واليوم الأحد يدخل اضراب الاسرى الفلسطينيين يومه الـ 60، اضراب عن الطعام والاكتفاء بالقليل من الماء والملح من اجل نيل الحرية.

191 معتقلا ادارياً بدون محاكمة


يشار الى ان عدد المعتقلين الإداريين قبل العدوان على الضفة الغربية كان 191 معتقلاً، وبعد العملية أضيف إليهم العشرات وجرى تثبيت اعتقالهم إدارياً، فيما يتهدد نفس المصير مئات المعتقلين في الحملة الأخيرة.

لماذا يضربون عن الطعام؟

يشار الى ان الاضرب عن الطعام يأتي لكسر قانون الاعتقال الاداري الذي يتيح لاسرائيل اعتقال اي شخص من دون اتهام، ستة اشهر قابلة للتجديد فترة غير محددة.

ويعتبر الاضراب عن الطعام عملية احتجاج ليست عنيفة انتهجها الكثيرون في السابق ولعل ابرزهم المناضل الجنوب افريقي نلسون مانديللا.
قوننة اطعام الاسرى عنوةً

وفي خضم هذه التطورات تواصل اسرائيل مساعيها الرامية لتمرير قانون اطعام الاسرى المضربين عن الطعام قسراً وبالقوة وعنوة في محاولة منها لكسر هذا الاضراب وشرخه، ضاربةً القوانين الدولية بعد ان ضربت ومن زمن الانسانية، عرض الحائط الاممي الداعم لها.

وينص القانون الجديد على شرعنة استخدام القوة لتغذية الأسرى، وفي حالة قام الأسير بمقاومة هذه العملية فإن القانون يسمح برفع درجة استخدام القوة المطلوبة لتغديته من أجل بلوغ الهدف. القانون لا يقف فقط عند السماح باستخدام القوة لإطعام الأسرى فحسب بل يشكل ذريعة إضافية يمكن من خلالها ممارسة التعذيب المضاعف على الأسرى.

وبالرغم من ان إطعام الأسرى عنوةً من قبل مصلحة السجون الإسرائيلية لكسر إضرابهم عن الطعام غير قانوني ومخالف للاتفاقيات الدولية ولاتفاقيات جنيف الرابعة ولقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، الا ان اسرائيل تواصل مساعيها الحثيثة للمصادقة عليه عبر المجلس التشريعي( الكنيست) بالقراءتين الثانية والثالثة بعد ان صودق عليه بالقراءة الاولى مؤخراً وسط عجز اعضاء الكنيست العرب والاعضاء من اليسار الاسرائيلي، اذا ما كان هناك "يسارا" بالفعل، من فعل شيئ يذكر.

فقراء اسرائيل اشد الحاجة لطعام الاسرى!


ولسخرية الاقدار او لمرارة الواقع هناك قانون اساس الحقوق الاجتماعية، الذي تم عقده منذ عشرات السنوات في اسرائيل، لكن لم يوقع بعد ولم يسن وهو بين دولة اسرائيل ومواطنيها، حق اساس للخبز والسكن لا سيما وان الفقر ليس قضاء وقدراً والمسؤولية تقع على عاتق الحكومة الاسرائيلية والكنيست بمعالجته وحصره.

مليون اسرائيلي محرومون من الامن الغذائي


وتشير التقارير الاسرائيلية الى ان مليون اسرائيلي محرومون من الأمن الغذائي من بينهم 300 الف طفل، تتحمل الحكومة الاسرائيلية المسؤولية عن هذا التردي والذي ينعكس على المجتمع وسلوكياته وقيمه بتصاعد الجريمة والنقمة.

ولا تزال تحتل إسرائيل مواقع متقدمة في نسبة الفقر والفجوات في الدخل الشهري مقارنة بباقي دول العالم المتطورة، وذلك بنسب أعلى بكثير من تلك النسب التي كانت قبل عقود.

ناهيك الى أن نسبة الفقر في المجتمع العربي واليهودي المتزمت(الحريديم) تزيد عن النصف وهي نسبة تعتبر الأعلى منذ 20 عاما.

وتشير التقارير الى انه وبدون العرب والحريديين فإن نسبة الفقر تظل عالية مقارنة بباقي دول العالم المتطورة، حيث أن ربع السكان في "إسرائيل" يعيشون تحت خط الفقر بينهم 21% من الأطفال.

وبسبب الفقر تنازل نحو سدس العرب عن شراء الدواء أو تلقي العلاج الطبي، بينما تنازل 21% عن علاج الأسنان.

والمضحك المبكي في الامر ان المسؤولين في وزارة المالية وبنك إسرائيل يعارضون تنفيذ معظم التوصيات المتعلقة بزيادة المخصصات من اجل رفع الغبن عن هذه الشرائح المستضعفة نظراً لتكلفتها الباهظة!(200 مليون شيكل!).

اسئلة لا بد منها:

وفي هذا السياق تطرح العديد من الاسئلة ولعل اهمها: لماذا تخشى اسرائيل على صورتها" الديمقراطية" الوهمية والصورية وتخشى تردي صحة الاسرى وهم قلة قليلة مقارنة بأكثر من مليون محتاج، وتتركهم ليتشدقوا لوحدهم بشظف العيش القليل؟

لماذا تخشى اسرائيل من انتفاضة فلسطينية ثالثة ولا تخشى من انتفاضة اجتماعية داخلية؟ لماذا تخصص جهودها واموالها ومنابرها ودبلوماسييها لتلميع موقفها من موضوع اطعام الاسرى عنوة ولا تألو جهدا لتخصيص ملايين قليلة لتوفير الطعام والشراب والمسكن وهي اقل الحقوق التي ينص عليها القانون..

فأين هو وزير المالية ووزير الرفاه الاجتماعي من القضية التي هي بحاجة بحسب التقارير الى تخصيص 200 مليون شيكل للامن الغذائي للعائلات المحتاجة؟

هل حقا اسرائيل تود العيش بسلام في المنطقة؟ هل حقا اسرائيل تريد دولتين لشعبين؟ هل حقا اسرائيل تسعى لتطبيق المساواة التامة للاقلية الفلسطينية العربية التي تعيش فيها والذين يشكلون قرابة 20% من سكانها؟ هل وهل وهل هل...اسئلة لعل اجاباتها معروفة للكثيرين منا ولسنا بانتظار الاجوبة عليها!

كل يوم اضراب اسرى ونحن صامدون!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]