اْن يولد الشّاب الشّهم عروة غالب سيف في بيت قروي واْسرة فلاّحين كادحين ،بلدة يانوح الاْبيّة التي تستميت لاستعادة حقّها في اْراضي التّوفانيّة لقرى :يانوح ،جثّ ،كسرى وكفرسميع ،المصادرة عنوة وباْساليب جهنّميّة لإقامة منطقة صناعيّة ،والإجحاف ثانية بالاْهالي الوادعين ،وحرمانهم من عائدات المنطقة الصناعية ،بإقامة مجلس صناعي خاص ،هُجِّنَ تهجيناً،ظلم مزدوج ،إجحاف ،تَعَدٍ واستهتار بالمالكين الشّرعيّين، فالاْمر يدعو للتوقّف ،التّمعّن ،إعادة النّظر وجرد الحسابات مجدّداً ،بيت عروة ذاق المصادرة وفرض التّجنيد الإلزامي ،دون الاِهتمام بمشاعر الناس وتطلّعاتهم الوطنيّة ،القوميّة ،الاْنسانيّة ،المبدئيّة والاْخلاقية.


البيت مدرسة حاضنة ،القرية صابرة على مضض ،إنطلاق من الدائرة الصغيرة فالاْوسع...،ثمّ لجنة المبادرة العربيّة الدرزية ،اْوّل من حفرت ،مهّدت واْنشاّت ونادت بصوت جهوري :لا لمصادرة الاْراضي ،لا للتجنيد الاْلزامي ،لا لسلخ الدروز عن عروبتهم ومجتمعهم ،لا للتراث الدرزي المزعوم ،والمُهَجّن في اْقبية المخابرات وعملائها .


عُرس فرح،لعروة سيف ،الاْحد 15/6/2014 /زفاف،وليس تاْهيلاً ع َ السّكّيت،بدون طنطنة واْجراس،كما هي الحال في اْغلب قرانا ،عرس زفاف ،بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ،قيادة الحزب الشيوعي،الجبهة الديموقراطيّة للسلام والمساواة ،لجنة المبادرة العربية المعروفية،الشبيبة الشيوعية ،كلّها تحت سقف الجبهة والحزب واْعلامه الحمراء ،حركة ابناء البلد ،الحراك الشبابي المناهض للتجنيد ،لافتات باللغتين العربية والعبرية ،لباس شبه موحّد للشبيبة الشيوعية ،الصبايا والشباب ورود جورية ،اْزهار عبقة شذية فواحة من عطر ربيع واْريج وطننا ،البلوزات الحمراء ممهورة بشعر سميح القاسم : من يدي لن يقفز الموت لصدر عربي يحرس الفجرالذي طاف على الشرق الاْبي ،كوفيّات وطنيّة حمراء وسوداء ،عناق الاْحبّة في زفاف حبيب صامد واعد،

شخصيات تمثيليّة من بعض الاْطر الوطنية،وجوه يهودية تقدمية يسارية رافضة للتجنيد والاحتلال ،قادة واْعيان ومستقلّون من حيفا ،المثلث والشمال ،عَرَب وَعَبَر معاً ،تتشابك الاْيادي اليهودية والعربية في :المحوربة ،الزّقفة ،الحداء ،الغناء والهتاف الوطني الاْممي والتّقدمي ،الانطلاقة للطوفة من معالم حيفا العربية الباقية متحدّية متصدّية ،وادي النسناس ،شارع طيب الذِّكْر د .إميل توما وزميله في الاسم والحزب والمواقف الباقي في حيفا ،اْعلام حمراء خفّاقة ،بعض الشّبيبة تزوّدوا باْكياس الاْرز مسبقاً لرشّها على العريس عروة غالب سيف ،رافض الخدمة العسكرية لاْسباب :ضميريّة ،مبدئيّة ،عقائدية ،انسانية واخلاقية وطنيّة ،ولاْسباب تنظيمية وعقبات فنّية،تاْخّر وصول بعض المعازيم ،الرفاق والرفيقات من قرى الجليل الاّشمّ،لحّقوا الطّوفة في محطّتها الاْخيرة ،اْمام بلدية حيفا وقبالة مكتب التجنيد،استراحة المحاربين/ات ،/المجاهدين /ات،حملة اْخرى من رشّ الاْرز تماماً كما في الاْعراس،والدا العريس واْسرته المقلّصة كتبوا في دعوة فرحهم/عرس ولدهم/ الرافض الشّهم الاْبي :يرجى من جميع المعازيم ،تشريف بدون تكليف ،الجمهور احترم التوجّه الحضاري والتزم بالطّلب ،بعض الرفاق اْصرّوا على تقديم برقيّات التّهاني بالعربية والعبرية ،تقديراً لموقف العريس وذويه في فرحتهم وتحدّي ابنهم الغالي للاْوامر العسكرية الغاشمة والعنصرية ،الله خصّ العريس بصحة جيّدة ووزن ثقيل !إلاّ اْن بعض الرفاق اْصرّوا على حمل العريس على اْكتافهم عالياً،لسان حالهم يقول :سواعد من بلادي تحقّق المستحيلا ولا اْرضى للخلود بديلا،مش كلّ يوم بدنا نْزِفّ عروة ! حناجر اْشبال الجبهة /الحزب /الشّبّيبة وصل صداحها عنان السماء ،اْصوات متجانسة متناسقة ،اْوركسترا تعزف اْرق واْشجى الاْلحان ،على وقع طبول ودفوف الشّبّان : ما منهاب ! ما منهاب !اسرائيل دولة إرهاب! ولازمة اْخرى :تحيّة للشبيبة الشيوعيّة ! بدنا نعيش بوطنّا بحرّيّة ! واْنغام اْخرى :اْرض العرب للعرب !صهيوني شيّل وارحلي ! تتغير الالحان وسمفونيّة اْخرى:بلادي بلادي بلادي! لكِ حبّي وفؤادي ! إنّهم ملائكة اْبرياء ! براءة الاْطفال في عيونهم ! اْمل المستقبل ! حملة المشاعل ! ناقلو الرّسائل والشيفرات :يا مرسال يلّي وجهتك صوب الشمال /عرّج ع َ ديرة عزّها فاق الخيال /في إلي بربعها اْمانة غالية /الدّهر فرّق شملنا والهجر طال ،طال . وتنطلق المسيرة بعشرات مشاركيها ،يتقدّمهم العريس مع الشّبائن نحو شارع عمر الخيّام ،مع المفارقة الدّراميّة بين الاسم الحقيقي والاسم الآني ! عمر الخيّام الحقيقي1048-1131 م تقريباً ،هو عالم فيلسوف وشاعر فارسي /ايراني ،وُلد في مدينة نيسابور ،تخصّص في مواضيع : الرياضيّات ،الفلك ،اللغة العربية والفِقْه،اْوّل من اخترع طريقة حساب المثلّثات ومعادلات جبريّة من الدّرجة الثالثة ،بواسطة المخروط ،وهو صاحب الرّباعيّات المشهورة ،ومن مقاطعها :
يا دهرُاْكثرتَ البلا والخراب وَسُمْتَ كلّ النّاس سوءَ العذاب
ويا ثرى كم فيكَ من جوهر يبينُ لويُنْبَشُ هذا التّراب
اْما عمر مختار حيفا ! فقد جُيّر عمداً لدائرة إرغام على التّجنيد ،التّجهيل ،التّجريح والتّنكيل بكافة القِيَم الانسانية والاْخلاقيّة ،إلاّ اْنّ الشّبيبة اْصرّت على إعادة الاعتبار والاحترام لعمر الخيّام بهذا العرس العربي الاّصيل،رغم اْنوف المتآمرين الحاقدين،في هذا الزمن الرديئ!
المفارقة الدّراميّة الاْخرى ،بدل اْن يدخل العريس على عروسته،يا شمس غيبي من السّما / ع َ الاْرض في عِنّا عريس !اْدْخِلَ العريس الى اْقبية التّحقيق ،وسط استفزاز مقصود للمعازيم والضّيوف من قِبَل بعض عناصر الشّرطة ولمنعهم من مرافقة المزفوف للمحطّة الاْخيرة ،دخل العريس على /عروسه /مشترطاً وبإصرار :لن اْخدم في جيشكم لاْسباب اْوضحتها لكم مراراً اْنا ومعازيمي ،شرطي الاْوّل :طلب لجنة ضمير نقيّة حياديّة لاْعلّل اْمامها اْسباب رفضي للخدمة ،جُنَّ جنون والدَي العروس ،لا مجال اْبداً للجنة ضمير ،َيعني لجنة الضمير فقط للرافضين اليهود ! اْمّا الاْغيار مثل عروة ! فيحالون الى لجنة طبّيّة َ! لم يدخل العريس على عروسته غير الميمونة ولا المصونة ،فالزفاف كان قهريّاُ عرفيّاً ! اْطلق سراح العريس !تاْجّلت الدخلة لليوم التالي،لعلّهم يتداركون الاْمر ،كي لا يقعوا في فضيحة اْسواْ ، في اليوم التالي وبمرافقة والدَي العريس ،اْعدّ له اْهل العروس لجنة طبّيّة شكلية اْقرّت وبالإجماع :عدم اْهليّة العروس للقران ، لاْسباب صحّيّة تحول دون إقامة عشّ عائلي بين العريس وعروسته ! لذلك قرّر اْهل العروس /اللجنة الطّبّيّة /فضّ عقد الخطوبة والقران معاً !فاْطلِق سراح العريس على الفور،لئلاّ تحدث فضيحة ،طنطنة واْجراس محلّيّة وعالمية ، كما حدث في رفض ، زفاف الشّاب الشّهم عمر زهر الدين سعد! تدارك اهل العروس اْمر كريمتهم ،غيرالكريمة،قرّروا الطلاق من جانب واحد لِلَفْلَفَة الطّابق ،وبإيعاز من اْجهزة الظّلام ! ليطلق سراح العريس حرّاً طليقاً،مسجّلاً سابقة تاريخيّة في النضال الدّؤوب المثمر ،وصفحة مشرقة عريقة بماء الدّم والتّحدّي ،وعين الحقّ تلاطم كافّة مخارز الدّنيا مجتمعة معاً،والحقّ يؤخذ ولا يُعطى ! ما بتروح دينة وراها مطالب !
**هنيئاً لعروة واْسرته،لجنته ،شبّيبته ،حراكه ،حزبه ،جبهته،رفاقه/رفيقاته،ولكلّ الشّرفاء الذين رافقوه وزفّوه،معاً ينشدون مع الاْخوين رحباني ومحمد عبد الوهّاب:
سواعد من بلادي تحقّق المستحيلا /وهمّة من بلادي تبني مصيراً وجيلا/موطني اْهواهُ،لا اْهوى إلاّ هو/ترخص الدّنيا ويغلو طيباً ثراهُ/يا سما بلادي وثرى اْجدادي،لستُ اْرضى عنكما بديلا/يا بلادي سيري للهدى والنّور ،نحمل الدّنيا ونمضي للغد الكبير /سِرْ بنا يا شعب وانْفَتِحْ يا درب ،ها بداْنا سيرنا الطّويل /سواعد من بلادي
اْلف مبروك للعريس عروة الذي حرّر
شرفه وعروبته وعروته الوثقى،مع القرآن الكريم :فَمَن يكفر بالطّاغوث ويؤمن بالله ،فقد استمسك بالعروة الوثقى / صدق الله العظيم ! ومع عروة بن الورد مُطْعِم الفقراء ، وعروة المناضلَيْن :جمال الدّين الاْفغاني ومحمّد عبده !
ونختتم مع شعار الاتّحاد الغرّاء في عددها الاْوّل 14 اْيّار 1944 ،قبل سبعين عاماً: فاْمّا الزّبد فيذهب جفاءً،واْمّا ما ينفع الناس فيمكث في الاْرض/ الرّعد / صدق الله العظيم !

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]