ـ الدين والدولة ـ
نحن أمام خلط بين الدين والدولة، بين السلطة والسلطان، بين الإيمان وعمل الدنيا، وهذا الخلط يجب أن يتناوله المفكّرون وعلماء الدين، ليفصلوا بين هذا وذاك، كي لا يدعوا الناس يتقاتلون في ما بينهم حول أمور موضّحة في الأصل ومبيّنة من قبل الله عزّ وجل، حين يقول: «قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده الطيّبات من الرزق هي لكم في الدنيا فاعملوا فيها». أما علاقتكم بالله فهو يحاسبكم عليها في الآخرة، ففي الدنيا تبنون دنياكم لأجل آخرتكم. حتى النظافة وهي من الأمور الدنيوية أراد الله تنظيمها، فقال ليست الدولة وحدها تكافئكم على النظافة، أنا أيضاً أكافئكم، فـ»النظافة من الإيمان»، وكذلك العدل، وترك له الخيار أن يكون نظيفاً أو عادلاً، وإنْ كان حاكماً فلتعزله الأمّة إنْ لم يكن.
الدولة نحن صنعناها. نجعلها مملكة أو خلافة ارتضيناها، أما الدين فهو منهج إلهيّ.
الدولة نظام ومجتمع وقوانين قائمة على منهج أُخذ من الرسالات السماوية، وصيغ لكلّ زمان بما يناسبه، ففي زماننا نأخذ من الدين حركة المسافات بالطائرات والسيّارات، لا بالناقة والجمل والحمار. في زمانهم أخذوا بتلك المسافات. في الطب نأخذه تطوّراً علميّاً وتكنولوجيّاً ولا نبقى في زمن الأعشاب فحسب، فالدين لم يمنعنا من أخذ هذه وتلك بأمور الدنيا، بل أعطانا الدين مساحة لنختار.
الدين عقيدة وقيَم وأخلاق صاغتها السماء ولا إكراه فيها. والدولة مجتمع ونظام وقوانين، الأصل فيها الإلزام، فكلّ مواطن يلتزم بقوانين الدولة التي يقيم فيها، فإن كنت في دولة أكثريتها مسيحية أو يهوديّة أو ملحدة أنت ملزم بقوانينها، أما عقيدتك فهي خاصة بك. وقيام الدول الدينيّة بدعة صهيونيّة لم يقم بها أيّ نبيّ من الأنبياء، لا ابراهيم ولا موسى ولا عيسى ولا محمد، سلام الله عليهم، إنما بنوا الإنسان على القيم والأخلاق والعقيدة. ومحور الإيمان القداسة والفضائل. وعلى الإنسان أن يبني الدولة ونظامها الذي يرغب فيه، اشتراكي أو ملكيّ أو جمهوريّ، على ألاّ يتصادم مع عقيدة الإنسان ويحفظ حريته العقيدية، فمهمة القانون أن يكون خادماً للإنسان في حريته من دون الإساءة إلى الآخرين.
[email protected]
أضف تعليق