لم يكن إسدال الستارة على المشهد الأخير الذي احتلّ صدارة الصحف، ومواقع التواصل الاجتماعيّ، أسوةً بالمونديال، أمرًا مستهجنًا. نعم، كان الحدث حديث السّاعة بين أروقة المكاتب الخاصّة والرسمية، الجلسات العائلية والمقاهي، وقد لاقى موجة من الاستنكار بين أفراد الأسرة الشفاعمريّة على اختلاف أطيافها وانتماءاتها. وأكّد الجميع أنّ ما حدث بعيد من أن يكون طائفيًّا، وإنما مجرّد خلاف عاديّ ومفاجئ بين بعض الأفراد، وأن السّحابة التي حامت في أجواء سمائنا كانت سحابة صيف عابرة، إذ تمّ السّبت الماضي، بجهود العقلاء والخيِّرين، وبحضور المئات يتقدّمهم رجال الدِّين، وشخصيّات رسميّة وشعبيّة في دار البلديّة، إعادة المياه إلى سابق عهدها وتسوية الخلاف.

تجدر الإشارة إلى أنّ زاوية رماح الهادفة إلى التّوعيّة والإصلاح، كانت قد نشرت مقالة الأسبوع الماضي: " مدينتي تبحث عن مرسى" خطّها قلمي بعد أيّام معدودة من الخلاف المؤسف، وممّا جاء في مقدمتها: "تُشير ملامح مدينتي إلى أن سحابة تحوم في سمائها، قد لا تبعد كثيرا، ولعلها توحي بغياب الأمن والأمان، الاطمئنان والاستقرار. تتبخر مياه الأمطار من حولها، وتتصاعد غيوم متلبدة لتغطي زرقة سمائها، تتساقط الأمطار بلا توقف لكنها بعيدة عنها، احتجاجًا، لوعةً وتمردًا. مدينتي، أما زلت فوق أمواج الحياة تبحثين عن مرسى؟! وهل دخلت في روتين الجمود لترجعي إلى عهد أهل الكهف، فسيطر عليك الخضوع للواقع المرّ، وسياسة العهود، الوعود، التلوّن والمظاهر؟".

وهذا يعني أن إحساسي، تقييمي، وقراءتي للحلبة السّياسية كان صادقًا، رغم أني لم اقصد بالذات خلافات من هذا القبيل، وإنّما لأحذِّر من انحراف شفا عمرو عن مسارها الحقيقيّ، إذ غدت في أمسِّ الحاجة إلى إعادة ترتيب وتقييم وضعها، والعمل على وضع حدّ لمعاناة المواطن الذي علّق آماله عاليًا، وصار يصبو للعمل بشفافية أوضح، ومصداقيّة أكبر، ويأمل في أن تبذل المؤسّسة الكبرى كلّ الجهود والطاقات لتحقيق المزيد من الفعاليات والانجازات الّتي تليق بمكانتها المرموقة، كونها مدينة عريقة ذات تاريخ حافل، وعذرًا لتكرار هذه الكلمات: الكفّ عن اتّباع سياسة العهود والوعود، التلوّن، المظاهر، والشعارات الرّنانة على أمل تحقيق شعار بلديّة لكلّ الناس، وعزف موسيقى شعبيّة أصليّة ذات إيقاع بسيط تنسجم مع مزاج ونفسيّة المواطن.

على أيّة حال، هذا هو الوضع على الصّعيد السّياسيّ المُزري، أمّا على صعيد النسيج الاجتماعيّ، فكلّي أملٌ أن تظلّ شفا عمرو قلعة للتعايش، ومثالاً يُقتدَى به، دون أن تهزّها العواصف، أو تسوِّدها الغيوم مهما تلبّدت في سمائها، فلا ينجح أعداء التآخي والتسامح والألفة، في خرق حصن قلعة التعايش، ليزرعوا بذور الفرقة التي أبت من أن تنمو في أرضها؛ لأنّها صامدة كقلعتها، فيها الخيّرون والعقلاء وأصحاب الضمائر الحيّة، ولهم مواقف العظماء من الرّجالات الّذين يشكّلون الدّرع الواقية في وجه كلّ التحدِّيات، أو السّلوكيّات التي لا تخدم البلد، ولا المجتمع.

وخير ما أنهي به قوله تعالى في سورة الحُجُرات، آية (10) :
{إنّما المؤمنون إخْوةٌ، فأَصْلِحُوا بيْنَ أخَوَيكُم واتّقُوا الله لعلّكم تُرحَمُون}. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]