تتميّز السيّارات التي تصنّعها شركة «رولز - رويس» بمواد عالية الجودة وحرفيّة عالية، فما يميّزها عن غيرها هو هذا التفاني المفرط في البحث عن المثالية.
وعلى غرار كل أعمال الفنّ أو المنحوتات الرائعة، لا يبرز العمل الدؤوب الذي يُبذل في عملية الابتكار في المرحلة النهائية. وعندما ينظر العميل لأول مرّة بإعجاب إلى مجموعة الخشب المصقولة الجميلة التي صُنعت له، لا يكون لديه أدنى فكرة عن الجهد الذي انكبّ في عملية التصنيع.
كيف تبدأ العملية؟
وتبدأ العملية مع الجزء الركيزة وابتكار الشكل والهيكل الأوّليَن للقطعة، ثمّ تُضاف القشرة الخشبية إلى تلك القاعدة. وتجري هذه الخطوات الأولى في منطقة الكبس والخراطة. فتُقتطع الأشكال المنفردة من طبقات من صفائح الغراء، والتوليب (خشب الحور)، والألمنيوم. وتزوّد طبقات الألمنيوم الصلابة البنيوية، والمقاومة ضدّ الحرارة، وتغلّف القطعة لحمايتها من التشقّق والتفسّخ. وتوضع الطبقات بعد ذلك الواحدة فوق الأخرى، ويتمّ كبسها لمدّة ستّ دقائق. ويتمّ تعريضها لحرارة 150 درجة لتذوب وتنصهر الطبقات بعضها ببعض. وتُكرّر هذه العملية الدقيقة لكل قطعة ستستخدم في السيارة.
وفي هذه الأثناء، يعمل فريق آخر في مشغل الخشب على اختيار القشور وقطعها. وقشور الخشب هذه تُستورد بشكل يتماشى مع المعايير الأخلاقية من شبكة عالمية مستدامة من المورّدين. ثمّ تُقطع قطع الخشب التي تبلغ سماكتها 1 ملم من جذع شجرة يدور حول محور، فنحصل على صفيحة رقيقة وطويلة من قشر الخشب مع كل دورة، حرصاً على عدم تغيير نقشة الخشب. وهذه النقشة التي تسمح لفريق العمل بالحصول على شكل الخشب المتناسق التّي تتميّز بها سيّارات «فانتوم»، وهذا الجهد الكبير الذي بهدف الحرص على إتمام هذه التفاصيل بدقّة كبيرة ويتكرّر في كل خطوة داخل مشغل الخشب، وهذا ما يميّز الشركة.
وبفضل الجمع بين التقنيات التقليدية والتكنولوجيا المتطوّرة وأساليب العمل الحديثة، يتم التأكد من أنّ كل قطعة ممتازة تقنياً وتحافظ في الوقت عينه على طابع فريد، وقد يكون ذلك مستحيلاً لولا الاستعانة بمواهب الحرفيين البارعين في مشغل الخشب. وتبدأ المرحلة التالية بالخراطة وإزالة أي مواد زائدة، وهنا يبدأ شكل الخشب بالتبلور. ثمّ توضع الحشوة على القطعة وتحفّ لنيل سطح ناعم توضع عليه قشرة الخشب.
قشرة الخشب
وتُجمع قشرة الخشب مع الطبقة الركيزة، وفي هذه المرحلة تبدأ القطعة باتّخاذ شكلها. وحرصاً على عدم بروز أي شائبة أو فقاعة هواء، توضع الأجزاء في كبّاس غشائي، وهو عبارة عن صفيحة مطاطية كبيرة تضغط الخشب وتنزع منه الهواء، ثمّ تُستخدم الحرارة لمعالجة الغراء، بينما يُمدّد المطاط ليضغط بقوة عالية على سطح الخشب. وبعد التنظيف، تبدأ عمليّة التقليم. فيتمّ تشذيب القشرة الزائدة وإصلاح أي أقسام متضرّرة. ويعتمد هذا القسم من العملية اعتماداً كاملاً على مهارة الحرفيين في مشغلنا وعلى خبرتهم للحرص على أن تكون الخشبة متناسقة ومصقولة إلى أقصى الحدود، ولهذا يتعاون أربعة موظّفين معاً لتحقيق ذلك.
أمّا المرحلة التالية، طلي الورنيش، فقد أحدثت تغييراً جذرياً في أنماط العمل المتّبعة في مشغل الخشب. انتقلت هذه العملية إلى المشغل عند البدء في إنتاج سيّارات «جوست»، بعد أن كانت موكلة إلى مورّد خارجي في ألمانيا. قبل ذلك، كانت تُرسل مجموعات الخشب المحفوفة من جودوود في شكلها الخام لتعود بعد ستّة أسابيع مطليّة بالكامل. كان ذلك حينها حلاً اقتصادياً، لكن مع ازدياد المبيعات، ازدادت الحاجة إلى منشأة تصنيع ضمن الشركة وباتت مسألة لا مفرّ منها.
وفي هذا السياق يقول مدير العمليات في مشغل الخشب جون بيديل: «عادت هذه الخطوة بمنافع كبيرة على الأعمال، بعد الاستثمار الأولي، يتخطّى اليوم التوفير في الكلفة 1000 يورو للسيّارة الواحدة. وأمّنت هذه الخطوة أيضاً زمن إنتاج أقل ومرونة أكثر للعميل، وتبيّن أنها خطوة تستحقّ العناء».
رش مانعة للتسرب
وتبدأ المرحلة الأخيرة برشّ طبقة مانعة للتسرّب على الخشب والسماح للورنيش بالالتصاق بقوة مع قشرة الخشب، ويراجع فريق ماهر مؤلّف من اختصاصيين في مجال التنقيح القطع الخشبية، فينقّحون ويلوّنون أي قسم من التجزّع الذي تمّ حشوه لإخفاء الحشوة وتكرار خطوط القشرة الخشبية على كامل القطعة. ثمّ تُرسل القطعة لُتطلى بطبقة ورنيش تتراوح سماكتها بين 1 و2 ملم وتُترك لتجفّ. وبعد ذلك، تذهب القطعة في رحلتها ما قبل الأخيرة إلى منطقة الحفّ والتلميع، حيث تحفّ باليد قبل تلميعها للمرّة الأخيرة.
والمرحلة الأخيرة هي عملية الخراطة لوضع اللمسة النهائية، التي تعطي القطع الخشبية حجمها المعروف. ويُزال كل الورنيش الفائض ويتم تخريط كل ثقوب الأزرار والكبسات.
[email protected]
أضف تعليق