زرت قرية إقرث المهجرة والمدمرة عدة مرات، لم أنتبه لوجود الصليب والهلال منقوشان عالياً على حجارة الكنيسة. أما في زيارتي الأخيرة لها يوم 28 أيار 2014 عندما كنت في انتظار زيارة البطريرك بشارة بطرس الراعي الى إقرث، لفت انتباهي شخص مريم العذراء الموجود على سطح الكنيسة، حيث قاد نظري الى المدماك (صف من الحجارة) الأخير قبل السطح، وقلت لنفسي هل ما أشاهده حقيقة أم سراب؟ أبصرت جيداً، صوبت آلة التصوير ونظرت على شاشتها من قرب، تيقنت بأن ما تشاهد عيناي حقيقة وهي بأن على حجارة المدماك الأخير، يوجد نقش للصليب والهلال معاً. ما السر وراء هذا النقش؟ كنيسة يرتفع فيها الصليب والهلال عالياً!!؟
بجوار قرية إقرث المسيحية العربية، كانت قرية تربيخا المسلمة العربية وكانت بينهما علاقة مودة وصداقة، تربيخا وإقرث أحتلتا في" حملة حيرام" سنة 1948 مدمرتان ومهجرتان بقي من تربيخا مسجدها ومن إقرث كنيستها، تربيخا وإقرث، قريتان لبنانيتان قد تم ضمهم مع 22 قرية لبنانية أخرى إلى فلسطين تحت الانتداب البريطاني.
نعود للصليب والهلال، بنيت كنيسة السيدة سنة 1875 ، في قرية اقرث العامرة يومها على أنقاض كنيسة قديمة، فهب أهل تربيخا لمساعدة أهل إقرث في بناء الكنيسة، أي أن المسيحين والمسلمين عاشا معاً بسلام، وإتبعا القول "الوطن للجميع والدين لله" تكريماً لهذه النخوة العربية لأبناء الشعب الواحد وبطيبة خاطر ورداً للجميل نَقش أهل إقرث، على حجارة المدماك الأخير عدة نقوش للصليب والهلال وكأنهما يتعانقان.
من هنا نستنتج بأن الصليب والهلال في بلادنا، يتعايشان بسلام قبل أن ظهور الجماعات المتطرفة التي استغلت الدين الاسلامي الحنيف واختطفته، اصبح المسلم يقتل المسلم في المساجد وفي كل مكان وذلك لأنه على مذهب آخر، ولنفس الأسباب يقتلون المسيحيين ويهدمون كنائسهم، هذا ما يحدث اليوم في العراق وسوريا .
ما زالت الصورة محفورة منذ سنة 1875 على حجارة كنيسة "السيدة" في قرية إقرث المُهجرة والتي هدمت جميع بيوتها وبقيت فقط كنيستها شاهدة على حسن الجوار والتعاون بين أبناء الشعب الواحد.
كيف يمكن أن يصل مغزى ذلك النقش، إلى قلوب المتعصبين والمتشددين، كيف يمكن أن نفهمهم أن يقبلوا الآخر؟ كيف يمكن أن نعود لتلك الأيام أيام النخوة والمحبة، نساعد بعضنا في بناء الكنائس والمساجد في قلوبنا ثم في قرانا ومدننا.
[email protected]
أضف تعليق
التعليقات
يا شباب ، تعلموا من الأجداد المحبة والنخوة،والمحبة، هيا نساعد بعضنا في بناء الكنائس والمساجد في قلوبنا ثم في قرانا ومدننا.