لو أن ما ترتديه النساء هو السبب فى التحرش لكان معنى ذلك أن غالبية نساء المجتمعات الغربية تعرضن للتحرش بل والاغتصاب.

كنت فى زيارة للولايات المتحدة الامريكية منذ يوم الاثنين الماضى.

فى شوارع ولاية فلوريدا النساء متحررات من معظم ملابسهن. ويكاد يكون الشورت الساخن والصدور شبه المفتوحة هو الزى الرسمى المعتمد.

زرت مدينة ديزنى فى مدينة أورلاندو بدعوة من شركة سيمنس لحضور مؤتمر عن تكنولوجيا طاقة الرياح. فى المدينة كانت هناك آلاف الفتيات والسيدات مع اسرهن يرتدين ملابس خفيفة جدا وكذلك الأمر فى الشوارع والمولات التجارية. ورغم ذلك لم نر الشباب يهاجم تلك الفتيات.

ليس معنى ذلك ان الشعب الامريكى اكثر ورعا وتقوى من شبابنا. الامريكيون يرتكبون العنف بأرقام قياسية ومعدلات الاغتصاب عالية وتكون مصحوبة بالقتل احيانا لكن هذة الجرائم لا ترتكب فى الشوراع لأن السيدات ترتدى ملابس خليعة كما يعتقد البعض.

ليس معنى الكلام السابق اننى ادعو الفتيات للتحرر من ملابسهن ــ على الأقل بحكم أننى صعيدى وزوجتى وجميع أخواتى وعائلتى محجبات ــ لكن النقطة الجوهرية هى ان الزى ليس هو السبب الرئيسى لظاهرة التحرش بل العقول المتخلفة والتربية المتحجرة التى تربى الناس منذ ولادتهم بطريقة تجعل الجنس والعلاقة مع الآخر هى محور الكون.

فى الشوارع والمولات التجارية فى امريكا والعواصم الأوروبية ترتدى الفتاة ما تشاء وتسير بحريتها ولا يلتفت لها الرجال ليس لأخلاقهم بل لأنهم تربوا على ان ذلك شىء طبيعى ولا يمثل دعوة إلى ارتكاب التحرش ومضايقة النساء.

مرة اخرى اتمنى ان تكون جميع ملابس النساء المصريات محتشمة. لكن ذلك ينبغى الا يكوم شرطا لكى نعطيه رخصة للمنحرفين والحيوانات الآدمية لكى تعيث فى الشوارع تحرشا وفسادا.

الاصل فى المشكلة ليست ملابس الفتاة بل عقلية المتحرش وحيوانيته وطريقة تربيته.

هؤلاء المنحرفون هم ايضا ضحايا فى نهاية المطاف. هؤلاء هم ضحايا تعليم واعلام ومجتمع حسنى مبارك. هم وجدوا انفسهم بين مطرقة الدولة الامنية المستبدة العاجزة عن إطعام شعبها وتعليمه وبين سندان جماعات تتاجر بالدين وجسد المرأة وكانت النتيجة اما تطرف فى اتجاه الدين واما تطرف فى اتجاه المخدرات والجنس والتوهان. نعم مطلوب تشديد العقوبات جدا ضد هؤلاء المنحرفين لكن للأسف ذلك وحده لن يحل المشكلة التى تحتاج لإصلاح عقول غالبية المجتمع اولا وليس فقط المتحرشين.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]