لوحظ في السنوات الأخيرة تزايد ملحوظ في أعداد الشبان العرب الذين يتجهون على دراسة العلوم والتكنولوجيا، وازدياد أعداد العرب العاملين في صناعة الهاي- تك وازدياد أعداد المستثمرين العرب في هذا المجال. ومع ذلك وبرغم هذا الازدياد، إلا أن نسبة كل واحدة من تلك الفئات لا تزال بعيدة عن عكس نسبة العرب من مجموع السكان- واعتقد أن هذه المعلومة لن تفاجئ الكثيرين. وكذلك بات معروفاً أن هناك عدد لا بأس به من المعوقات المميزة التي تثني المستثمرين المحتملين عن خيار الاستثمار في مسار الهاي- تك، ومنها على سبيل المثال غياب المناطق الصناعية في الوسط العربي.

المشكلة الأساسية التي يواجهها المستثمرون العرب الذين اختاروا الاستثمار في مسار الهاي- تك برغم مختلف المعوقات هي الحاجة إلى الحصول على رأس المال الابتدائي. وهذا المعوق يواجهه كذلك سائر المستثمرون في البلاد، بغض النظر عن انتمائهم القومي. بعض هؤلاء المستثمرين يتوجهون بطلب الحصول على هبة للبحث والتطوير من مكتب رئيس العلماء الذي يُطلق مسارات دعم خاصة للمستثمرين في بداية طريقهم، حيث تمنح تلك المسارات فرصة للمشروع الأولي حتى قبل مرحلة إثبات جدواه.

وإليكم هذه المعلومة التي تستحق الاهتمام: بلغت ميزانية مكتب رئيس العلماء في العام 2013 حوالي 1.3 مليار شيكل، حيث خصص رئيس العلماء منها للمستثمرين العرب مبلغاً "هائلاً" بلغت قيمته حوالي 7 مليون شيكل فقط. سأختصر عليكم العملية الحسابية، المبلغ يعادل 0.5% من الميزانية.

وعلى ضوء هذه المعلومة قد تتعالى ادعاءات بشأن تمييز هذه الفئة السكانية وما إلى ذلك، غير أننا سننتهج المبدأ العملي لغرض هذه المناقشة وسننطلق من الافتراض بأن توزيع الهبات يتم بطريق سليمة كما يليق بهيئة حكومية. وهذا ما يقودنا إلى الاستنتاج المنطقي بأن الجماهير العربية ليست على دراية كاملة بإمكانية الحصول على تمويل من مكتب رئيس العلماء، وبكلمات أخرى: قسم كبير من المستثمرين في الوسط العربي لا يعلمون اصلاً بقيام هذه الإمكانية.

من الطبيعي الافتراض أن مكتب رئيس العلماء على علم بهذا القصور، حيث عقد المكتب مؤخراً مؤتمراً للنهوض بالابتكار التكنولوجي في أوساط الأقليات، وذلك بهدف نشر الوعي تجاه هذا الموضوع وبهدف عرض خطة مساعدات جديدة مخصصة للوسط العربي. من المتوقع ان يتم إطلاق الخطة عما قريب، حيث ستشمل مساهمة المكتب بتغطية حتى 85% من نفقات البحث والتطوير وبحدود أقصاها 2 مليون شيكل. وللمقارنة، فإن خطط مكتب رئيس العلماء المركزية المخصصة لكافة السكان تقدم تمويل بنسبة 20% حتى 50% لذات البند.

الخطة الجديدة مخصصة لمشاريع يمتلك فيها المستثمر العربي ثلث أسهم الشركة على الأقل ويعمل فيها ولمشاريع لا تزال في مرحلة الإنطلاق (شركات لا يزيد عمرها عن 4 سنوات). هناك إمكانية لاستخدام الهبة لتغطية النفقات المباشرة لعملية البحث والتطوير، بما فيها الرواتب والمواد المستهلكة وتمويل أتعاب المستشارين الخارجيين وشراء خدمات من مقاولين ثانويين. يمكن تقديم طلب الحصول على المنحة من خلال تعبئة استمارة مناسبة، ومن المتوقع أن يتم النظر في الطلب واستلام الرد من مكتب رئيس العلماء في غضون بضعة أسابيع.

الحصول على تمويل من مكتب رئيس العلماء ضمن الخطة الجديدة له عدد من الميزات، فكما هو الأمر بالنسبة لباقي الخطط التمويلية في مكتب رئيس العلماء، كذلك هذه الخطة لا تطلب من المستثمر التنازل عن قسم من حقوقه في المشروع أو تخصيص أسهم للدولة مقابل الهبة. وعلاوة على ذلك، يتم سداد الهبة بواسطة دفعات من الإيرادات المستقبلية، وإذا فشل المشروع يُعفى المستثمر من السداد. ومع ذلك ينبغي أن يفي المشروع بكافة تعاليم قانون البحث والتطوير، حيث تشمل التعاليم فرض قيود على نقل ملكية المشروع الفكرية إلى خارج إسرائيل.

أعتقد أن هناك أهمية بمكان تمكين العرب الإسرائيليون من الانخراط في الاقتصاد بشكل كامل، بما فيه مجال الهاي-تك الذي يُعتبر واحداً من ركائز الاقتصاد الأساسية في الدولة، وجهود رئيس العلماء في هذا المجال مباركة. آمل أن يزداد عدد الطلبات المقدمة من المستثمرين العرب خلال السنوات القادمة، وآمل أن يؤدي هذا الازدياد إلى رفع قيمة المبالغ الممنوحة فعلاً للمستثمرين.

نهاية، أعزائي المستثمرون العرب، يتضح حقاً أن الأموال لدى مكتب رئيس العلماء تنمو على الشجر، فما عليكم سوى مد أيديكم وقطفها، تقريباً. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]