تشير ملامح مدينتي إلى أنّ سحابة تحوم في سمائها، قد لا تبعد كثيرا، ولعلّها توحي بغياب الأمن والأمان، الاطمئنان والاستقرار. تتبخّر مياه الأمطار من حولها، وتتصاعد غيوم متلبّدة لتغطي زرقة سمائها. تتساقط الأمطار بلا توقف، لكنّها بعيدة عنها؛ احتجاجًا، لوعة، وتمرّدا.

وأنا أتساءل مرة تلو الأخرى: مدينتي، أما زلت فوق أمواج الحياة تبحثين عن مرسى؟! وهل دخلتِ في روتين الجمود لترجعي إلى عهد أهل الكهف، فسيطر عليك الخضوع للواقع المرّ، وسياسة العهود، الوعود، التلوّن، والمظاهر؟ أين الآمال والأماني والأشواق التي سافرت مؤقتة، ثمّ غدت سفرة أبدية. أم أننا نعزف ونغنّي لأولادنا لننام نحن أنفسنا؟ أم نحن في طريقنا لتطبيق قول الفيلسوف الكاتب جبران: " ألا ليتني كنت شجرة لا تزهر ولا تثمر، فألم الخصب أمرّ من ألم العقم، وأوجاع ميسور لا يؤخذ منه، أشدّ هولا من قنوط فقير لا يرزق. ليتني كنت بئرًا جافة، والناس ترمي بي الحجارة، فذلك أهون من أن أكون ينبوع ماء حيّ، والظامئون يجتازونني ولا يستقون. ليتني كنت قصبة مرضوضة تدوسها الأقدام، فذاك خير من أن أكون قيثارة فضيّة الأوتار في منزل، ربُّه مبتور الأصابع، وأهله طرشان".

غاليتي، أحاول أن اكتب عامدًا متعمِّدًا عنك برموز؛ حرصًا وخوفًا من أنّ تصبح قصيدة الشاعر، إبراهيم بحوث "ويكفي أنّها بلدي لأهواها"، مجرّد كلمات عابرة، وكي لا تثير كلماتي سوء التفاهم وتزرع الفرقة، فلا تدوّن في سجل التاريخ. نعم لكلّ مكان ذاكرة، وبقيّة من ذاكرة، ذكرى وأحداث، سجلُّها مفتوحٌ على الطرقات والمفارق والمحطات. ليتها تكون محطات ناصعة مشرِّفة، أريدك بلدتي الأحلى والأنقى، وأتوق أن تكون البسمة على محياك، لتبدي كالربيع في فصوله التربويّة، الاجتماعيّة، السياسيّة والثقافيّة. وأن يأخذ كلّ مواطن قسطًا من المسؤولية؛ في سبيل صونكِ، وتقوية أواصر وجسور المحبّة، وحماية وحدتك وحرّيتك وقلعتك، رمزك الشّامخ، لننعم بالدّفء وتنقشع تلك السّحابة السّوداء الرّهيبة عن سمائك! 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]