السجن في حياة الفلسطيني يرمز إلى أشياء كثيرة في تاريخ شعبنا النضالي، وتاريخ ثورتنا الفلسطينية المجيدة، وإن السجون ترمز في حياة الفلسطينيين إلى الوطن الأسير، والشعب الأسير، وقضيتنا المقدسة الأسيرة، وترمز إلى الصمود، والتحدي، والفداء؛ فالسجن من المعادلات الصعبة التي مثلت صخرة كأداء تحطمت عليها كل المؤامرات الدنيئة على القضية الفلسطينية.
إن السجن يمثل ذاكرة نضالية كبيرة في حياة شعبنا الفلسطيني، وتاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة، تمتد إلى العشرينيات من القرن الماضي زمن الاحتلال البريطاني البغيض لأرضنا المباركة، فقد اعتقلت القوات البريطانية الغازية ثوار فلسطين، وحكمت على محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير بالإعدام؛ بسبب أحداث ثورة البراق، ووقوف الشعب الفلسطيني في وجه المستوطنين اليهود.
اليوم يخوض أسرانا البواسل في سجون العدو الصهيوني كافة معركة وملحمة نضالية ثورية كبيرة، إنها انتفاضة السجون في وجه العدو، وقراراته العنصرية الجائرة، وانتفاضة في وجه سياسات الاعتقال الإداري الظالمة التي لا تخضع لقانون ولا نظام، والهدف منها الموت الزؤام لأسرانا الأبطال.
لقد أصبح الماء والملح عنوان صمود كبير وتحدٍّ في وجه ظلمة السجن والسجان، لقد قهرت عزيمة أسرانا البواسل جدران السجن وأقبية الزنازين، وفرضت معادلة الصمود والتحدي، والحصول على إنجازات للحركة الفلسطينية الأسيرة، إذ تصل مدد الحكم على أسرانا البواسل في السجون الصهيونية إلى آلاف السنين، حسب القوانين الصهيونية العسكرية الظالمة.
لقد فرض أسرانا البواسل في سجون الاحتلال المعادلة الصعبة، فقد رفضوا كسر الإضراب ورفضوا الإذلال والخنوع، حتى إن الكثير منهم نقلتهم إدارة السجون الصهيونية على الكراسي المتحركة إلى مستشفيات الاحتلال، نعم ثورة السجون تاريخ مضيء في حياة نضال شعبنا الفلسطيني نحو الحرية، والاستقلال، وقيام دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس على كامل التراب الفلسطيني.
في الأيام القادمة في معركة وملحمة صمود الأسرى الأسطوري سينضم المئات من الأسرى البواسل من السجون الصهيونية كافة إلى هذا الإضراب التاريخي، وسينجح الأسرى في تحقيق إنجاز كبير بعد هذا الصمود والتحدي للمؤسسة الصهيونية، خاصة أن إدارة السجون تراجعت عن الاتفاقات والتفاهمات التي تفووض عليها عام 2012م كافة، وعادت إلى فرض السياسات العنصرية في السجون.
تحاول سلطات الاحتلال بكل قوة كسر وإنهاء هذا الإضراب، الذي يمس بصورة الكيان العبري في المجتمع الدولي، وصورة الحريات والديمقراطيات التي يتغنى بها، خاصة أن مؤسسات حقوقية دولية بدأت ترفع أصواتها وتطالب العدو بوقف انتهاكاته بحق الأسرى الفلسطينيين.
اليوم يرتكب الاحتلال جرائم كبيرة بحق أكثر من (5000) أسير فلسطيني يعيشون العذابات اليومية، ومستمر في انتهاك حقوق الإنسان وحقوق الأسير في سجونه، ويقوم بحركة تنقلات كبيرة في صفوف الأسرى متعمدًا؛ للضغط على الأسرى البواسل وإرباكهم وإرهاقهم جسديًّا ونفسيًّا؛ من أجل كسر إضرابهم عن الطعام، وكسر ملحمة الصمود والتحدي.
في كل ساعة يأتينا خبر جديد من السجون الصهيونية، خاصة أن أعداد الأسرى الذين ينقلون من السجون إلى المستشفيات في زيادة، كما تزداد الأوضاع الصحية لأسرانا البواسل تدهورًا، فقد نقلت سلطات الاحتلال (18) أسيرًا من سجن النقب إلى مستشفى (سوروكا) الصهيوني، ونقلت ثلاثة أسرى من سجن عسقلان إلى مستشفى (برزلاي) العسكري، وهم: الأسير البطل سفيان وهادين، والأسير البطل بهاء يعيش، والأسير البطل ياسين أبو سنينة.
وعزلت سلطات الاحتلال هامات وقيادات فلسطينية كبيرة، مثل: الأسير البطل القائد حسن سلامة، والقائد عباس السيد، ومؤيد شراب، ونقلت (50) أسيرًا من سجن نفحة الصحراوي إلى عزل جماعي.
إن معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها أسرانا البواسل في سجون الاحتلال تدخل مرحلة خطيرة، وتحتاج من الجميع إلى التحرك والدعم والمساندة بشتى الوسائل والسبل، وهذا أقل الواجب نحو أسرانا الأبطال داخل السجون، كما أن هذه المعركة بحاجة إلى تحرك شعبي عربي لمساندتها ودعمها؛ من أجل تحقيق أهدافها، ووقف سياسة الاعتقال الإداري الظالمة بحق أسرانا البواسل.
ويجب على المؤسسات الفلسطينية الدبلوماسية في خارج الوطن المحتل كافة، ومكاتب منظمة التحرير الفلسطينية أن تبرز قضية الأسرى في كل الأنشطة والفعاليات اليومية المساندة للأسرى البواسل في سجون الاحتلال.
[email protected]
أضف تعليق