"واعطي نصف عمري للذي يجعل طفلا باكيا يضحك"، جملة قليلة الكلمات بعيدة المعاني وكثيرة التأثير، وبالرغم من ان قائلها الشاعر طيب الذكر توفيق زياد كتبها قبل عشرات السنوات ضمن رائعته قصيدته الشهيرة" المغني"، الا اننا بأمس الحاجة في هذه الايام لرسم هذه الابتسامة المفقودة على وجوه الأطفال في كل بقاع الارض، دون استثناء.
ارتأى موقع بكرا في هذا اليوم، يوم الطفل العالمي، وهو الحدث الذي يحتفل به في أيام مختلفة في أماكن كثيرة في مختلف أنحاء العالم، ففي حين تحتفل الدول" الاشتراكية" بشكل خاص باليوم العالمي للطفولة اليوم في 1 حزيران الا ان الامم المتحدة اعتبرت ان يوم الطفل العالمي يصادف يوم 20 تشرين الثاني واطلقت عليه اسم يوم حقوق الطفل اما يوم الطفل الفلسطيني فقد تحدد ليوم الخامس من نيسان.
ومهما اختلفت تواريخ احياء هذه المناسبة الا انها تبقى جديرة بالاهتمام لتسليط الضوء على جوانب مهمة، من اجل الهدف الاسمى وهو الحفاظ على اطفالنا حتى لا تبتلعهم انانية وجبروت وسلطة الكبار الاقوياء، مهما اختلفوا.
مخاطر جمة:
وفي هذه المناسبة، نتوجه الى الاهالي ونناشدهم الحفاظ على اطفالهم من كل سوء، وخاصة في عصر الانترنت الذي بدأ منذ سنوات قليلة يجتاح عالمنا من كل حدب وصوب، ولعلنا سمعنا وقرأنا مؤخرا العديد من الحوادث التي كان ضحيتها الاطفال عبر الفيسبوك والواتس اب ، وقع الاطفال ضحية لضمائر ميتة، لا تسعى الا لتلبية احتياجاتها اللحظية وتكون الضحية هم الاطفال الذين لا حول لهم ولا قوة، ومن هنا نناشد الاهل بأخذ الحيطة والحذر ومراقبة الابناء سواء لدى تصفحهم الشبكة العنكبوتية او باستخدام الهواتف ووو، حتى لا تقولوا يا ريت بعد فوات الاوان، فالبداية من البيت ومن الاهل ومن ثم المدرسة، والمجتمع والسلطة والمؤسسة.
مدى اهلية الزوجين لرعاية الابناء
هذا الموضوع يتطلب خطة عمل وبرنامج طوارئ لإنقاذ أولادنا من الاهمال وقلة الوعي لأهمية البيئة الآمنة، على مستويين الاول هو التربوي والتوعوي والذي يشدد على قدسية حياه الانسان وينمي تفكير وسلوك حذر وآمن. واما المستوى الثاني وهو تطوير وتحسين البنى التحتية ولهذه المهمة يجب تسخير وتعاون جميع الاطراف..
اما فيما يتعلق بالاهمال المؤسساتي والذي يبدأ من مستوى التهيئة البنية التحتية في البلدات العربية في اسرائيل الى السلطة والمؤسسة الحاكمة فإنه شائك لتعدد اخفاقات السلطات المعنية، وهذا يظهر في عدة مجالات ولعل اهمها:
نصف الاطفال الفقراء هم من العرب!
"بالرغم من أن نسبة المجتمع العربي بالدولة هي 20% ، إلا أن عدد العائلات العربية الفقيرة في عام 2012 وصل الى 161.000 عائلة، أي أن نسبة العائلات العربية بالمجتمعات الفقيرة وصلت الى 37%. وعدد الفقراء لدى العرب في عام 2012 وصل الى 813.100، أي ان نسبة الفقر لدى العرب من المجتمع الفقير في اسرائيل تصل الى 38.9%.عدد الاطفال العرب الفقراء يصل الى 394.000، أي أن الأطفال العرب يشكلون 60% من الاطفال الفقراء، وأكثر من 50% من الفقراء في اسرائيل هم من المجتمع العربي الفلسطيني في اسرائيل.
الحوادث البيتية تحصد ارواح 65 طفلاً عربياً:
في عام 2013 تم رصد 117 حالة وفاة لأطفال جراء اصابتهم بحوادث مختلفة، من بينهم 65 طفلا عربيا.
ويتضح من أهم المعطيات التي ضمها تقرير منظمة "بطيرم" ان ما يقارب 60% من نسبة الوفيات كانت من حصة المجتمع العربي عام 2013 فيما ان نسبة الاصابات في منطقة الجنوب لدى المواطنين البدو بلغت حوالي 18% وهي نسبة عالية جدا مقارنة مع نسبتهم في المجتمع التي تبلغ 4% فقط..
الطفل الفلسطيني
واذا ما تحولنا الى الطفل الفلسطيني الذي يحرم يوما بعد يوم من ممارسة حقه فإن اسرائيل لا تزال تعتقل الاطفال وتشرد العائلات بقانون يمنع" لم الشمل"حيث ان 25 ألف أسرة، قامت اسرائيل بتشتيتهم وتشتيت أطفالهم، قانونيا، وفق قانون "لم الشمل"، الذي يدوس أول ما يدوس على حقوق الطفل والأسرة، وهو حق مقدس في القانون الدولي.
اضافة الى ان 230 قاصرا فلسطينيا يقبعون داخل السجون الاسرائيلية بحسب معطيات وزارة الاسرى الفلسطينية التي نشرت في يوم الطفل الفلسطيني 5.4 الاخير.
الاطفال في سوريا ضحايا الحرب، مأساة فاقت كافة الحدود
ومن فلسطين الى سوريا التي تنزف يوما بعد يوم ويذهب الاطفال ضحايا هذه الحرب، حيث يخلص آخر تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة " اليونيسيف" حول أوضاع الأطفال السوريين ان أطفال الحرب اليوم هم قادة المستقبل". وتنطبق هذه الملاحظة عموما على أوضاع كل أطفال الحروب .
ولكن التقرير الذي وضع عن أطفال سوريا والحرب التي تشهدها بلادهم يؤكد أن مأساتهم فاقت كل الحدود التي كانت متوقعة عند بداية هذه الحرب. ومن أوجه هذه المأساة أن كثيرين منهم يولدون إذا كتبت لهم الولادة مشوهين بسبب أشكال العنف القصوى التي تطال أمهاتهم خلال فترة الحمل.
ويفيد التقرير أن عدد الأطفال السوريين الذين يعيشون اليوم في أوضاع إنسانية مزرية على أكثر من صعيد يبلغ خمسة ملايين ونصف مليون طفل، وأن ما يزيد عن مليون منهم غير قادرين على الحصول على الحدود الدنيا من الخدمات الصحية والاجتماعية الضرورية لأنهم محاصرون في مدن أو أحياء أو مناطق منذ أشهر عديدة.
وإذا كان جزء قليل جدا من أطفال سوريا لا يزال يؤم المدارس، فإن مليونين ونصف مليون طفل انقطعوا فعلا عن الدراسة، أو أنهم غير قادرين على الذهاب إلى المدرسة لأن مدارسهم دمرت أو لأن معلميهم قتلوا أو هجروا أو هربوا أو لأن مجموعات من المقاتلين أرغمت كثيرا من الذين تتراوح سنهم بين الثانية عشرة والخامسة عشرة على الانخراط في القتال واستخدمتهم أحيانا بمثابة دروع بشرية.
ويؤكد التقرير أيضا أن كثيرا من الأطفال السوريين الذين فروا بمفردهم من بلدهم بسبب الحرب، أصبحوا ضحية شبكات تستخدمهم للاتجار بالمخدرات أو لجمع النفايات أو لتعاطي البغاء.
جهاد النكاح وتزويج الفتيات السوريات
وبما اننا لا زلنا في سوريا فعلى المسؤولين في الدول العربية بشكل خاص محاربة ظاهرة جهاد النكاح، حيث يتم استغلال الفتيات القاصرات وترحيلهن الى سوريا من اجل تلبية رغبات الجهاديين وكثيرا ما سمعنا عن حالات عادت فيها المغررات الى بلدانهن بعد حملهن، اضافة الى ظاهرة تزويج الفتيات السوريات للهروب من الفقر المدقع في مخيمات اللجوء والايواء...
44% من اطفال السعودية تعرضوا للعنف الاسري
ولم تسلم السعودية من انتهاك حقوق الاطفال فتشير التقارير الى ان 44% من الاطفال في هذه المملكة يتعرضون للعنف الاسري، وان السلطات السعودية تعمل جاهدة لإيجاد اطر تحوي هؤلاء الاطفال الضحايا..
ان كل ما ذكر انفاً، يشير الى انه مهما تعددت الاليات والطرق التي يتم فيها انتهاك حقوق الاطفال و الاساءة لهم في كل اماكن تواجدهم، لسبب واحد وهو انهم يشكلون الشريحة الضعيفة، المستضعفة، لن تتغير الا اذا تغيرت رؤيتنا لهؤلاء الاطفال، بناة المستقبل، من قوة ضعيفة الى شريحة قوية، نعتز بقدراتها واستقلاليتها الفكرية والذهنية مهما كانت محدودة ، حتى يتحول العالم كله الى مشهد لابتسامة عريضة، وعندها باستطاعتننا ان نقول: نعم لقد انجزنا... لقد نجحنا بجعل كل الاطفال لا يبكون وانما يضحكون ويضحكون.
[email protected]
أضف تعليق