منذ هبوطه على أرض البلاد، فهم البابا فرانسيس ان للشرق الاوسط قوانينه الخاصة، وعندما قال: "يجب ان لا يستخدم أحد اسم الله لتبرير العنف والارهاب"، فقد أوضح بذلك موقفه في المعركة الاعلامية التي دارت من حوله. هذا ما يكتبه شلومو تسينزا في "يسرائيل هيوم" في تلخيصه للزيارة التي قام بها البابا الى المنطقة.
ويضيف ان الفاتيكان اوضح، على الورق على الأقل، ان زيارة البابا هي زيارة دينية، لكن الزيارة انطوت على كل القضايا المحلية المشتعلة والمختلف عليها بين اسرائيل والفلسطينيين: الفجوات بين ابو مازن وبنيامين نتنياهو، المعارك الاعلامية، التوتر الديني اللامتناهي حول قدسية القدس، نشاطات "بطاقة الثمن" مقابل اقصاء المسيحيين في الجانب العربي، وكلك اهمية الحوار عندما يجري الحديث عن الكارثة ودروسها.
ويتحدث تسينزا عن زيارة البابا الى بيت لحم، ويقول انه سمع من الأولاد الفلسطينيين هناك عن النكبة التي يمجدونها ويخلدونها بسبب قيام إسرائيل حسب تعريفهم. وحسب رأيه فانه بالنسبة لإسرائيل لم يكن في زيارة البابا الى بيت لحم جوهرا اكثر من اللقاء مع الاطفال لأنه اوضح عمليا ماهية التحريض في الجانب الثاني: كل شيء يبدأ في تثقيف الاطفال على ان إسرائيل ليست شريكا للسلام وانما مشكلة ولدّت الكارثة.
ويضيف: بعد ذلك اخذ الفلسطينيون البابا الى الجدار الأمني، ويتحدث عن الصورة التي انتشرت للبابا الى جانب الجدار، ويقول: لقد رغبت إسرائيل بأن تكون الصورة الوحيدة التي تعكس زيارة البابا الى الأراضي المقدسة، هي صورته الى جانب حائط المبكى، جدار دموع اليهود الذين تعرضوا الى الملاحقة من قبل المسيحيين طوال سنوات. لكن الفلسطينيين حاولوا سرقة الأضواء والتسبب بأن تنتشر في كل العالم صورة البابا مقابل الجدار الذي يعتبرونه نصبا يجسد سرقة اراضيهم وتركيزهم في غيتوات، من خلال تقييد حركاتهم وحرياتهم.
ويزعم تسينزا ان هذه اكذوبة فلسطينية لكنه يقر بأنها حظيت بابراز كبير بعد زيارة البابا. ويقول تسينزا انه بعد قيام الفلسطينيين بهذه العملية الاعلامية امام جدار الأمن، طلب رئيس الحكومة نتنياهو من وزارة الخارجية الخروج عن مسار الرحلة والانتقال الى مسار جانبي.
فبعد زيارة البابا الى قبر هرتسل، وبينما كان في طريقه الى متحف الكارثة استجاب لطلب نتنياهو وتوقف امام نصب قتلى العمليات العدائية، وكما فعل قرب جدار الأمن، احنى رأسه هنا ايضا وادى صلاة وحاول عدم خلق عناوين لم يتم تحديدها مسبقا. ويكشف تسينزا المحاولات التي قامت بها إسرائيل لمنع البابا من التقاء مفتي القدس الشيخ محمد حسين، بزعم انه يبرر العمليات الانتحارية.
ويقول ان الحكومة ووزارة الخارجية لم تحبا قرار البابا زيارة الحرم القدسي والتقاء المفتي. فقد كانت هذه الزيارة ذات معاني اشكالية مضاعفة بالنسبة لإسرائيل، بسبب موقع الحرم، حيث ترى إسرائيل ان البابا حين يصل الى الحرم كان يفترض به التقاء "صاحب البيت" (يقصد إسرائيل) وثانيا بسبب الشخص الذي التقاه البابا – المفتي الذي يعتبر عدوا. ولكن اسرائيل لم تنجح بتغيير القرار، فقررت عدم التسبب بضجة او التخريب على الزيارة.
وحسب رأي تسينزا فقد كان الصراع لاهوتي، ايضا. ففي بيت لحم "ادعوا" (حسب وصف تسينزا) ان المسيح كان فلسطينيا ابن المكان، بينما ذكّر نتنياهو بأن المسيح كان يهوديا، وانه اذا كان قد تحدث الأرامية فقد اجاد العبرية، ايضا!. كما يشير تسينزا الى قرار نتنياهو استغلال الزيارة بعد ما حدث قرب الجدار في بيت لحم ليوضح للبابا انه "لو توقف التحريض ضد دولة إسرائيل وتوقف الارهاب، لما كانت هناك حاجة الخطوات التي تتخذها إسرائيل، كالجدار الامني الذي انقد حياة آلاف البشر". وحسب نتنياهو فقد توقف الارهاب بعد اقامة الجدار.
[email protected]
أضف تعليق