في أعقاب أبحاثه العديدة حول تدريس اللغات، تحدّث بروفسور محمد أمارة، رئيس برنامج اللقب الثاني في تعليم وتدريس اللغات في المعهد الأكاديمي العربي للتربية في كليّة بيت بيرل، حول المشهد اللغوي الضحل داخل المدارس العربية، وقال إنّ في يومنا هذا هنالك توجه جديد في العالم، يعتمد على الربط بين اللغات وعدم التعامل معها كلغات منفصلة، فتعزيز اللغة العربيّة يؤدي إلى كفاءة عالية في اللغات العبريّة الأخرى، العبريّة والإنجليزيّة. وبناءً على هذا التوجه، قام بمشاركة طاقم مهني في كليّة بيت بيرل ببناء برنامج للقب الثاني في تعليم وتدريس اللغات، والذي أعدّ بشكل حصري في المعهد الأكاديمي العربي للتربية، بحيث يتبنى إستراتيجيّة الربط بين اللغات الثلاث العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة، فهذه اللغات الثلاث، وفق البرنامج، هي ليست منفصلة وإنّما تتفاعل فيما بينها وتثري الواحدة الأخرى.

3 لغات 

وأكّدّ أنّ الواقع اللغوي الإجتماعي للفلسطينيّين داخل إسرائيل يتطلب منهم معرفة ثلاث لغات على مستويات عالية جداً، بحيث أنّ إتقانها لا ينبع عن ترف وإنّما ضرورة حياة، إبتداءً باللغة العربيّة، لغة الأم واللغة التي تعبّر عن الهويّة الفرديّة والجماعيّة، واللغة العبريّة وهي لغة الحراك الإجتماعي والإقتصادي والتواصل مع الآخر، أي الطرف اليهودي، واللغة الإنجليزيّة والتي تفتح الأبواب على العالم، وتربطهم بالعالم إقتصادياً، إجتماعياً، سياحياً وبكل مناحي الحياة الأخرى.

وذكر أيضاً أنّ سياسة التربية اللغويّة في جهاز التربية والتعليم العربي المبنيّة على أساس تدريس اللغات الثلاث، العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة، هي سياسة صحيحة تماماً، والخطأ لا يكمن في السياسة وإنّما في كيفيّة التعامل مع اللغات في المدارس العربيّة، إذ أنّ النتائج المتدنّية في اللغات هي بيّنة للعيان كما يظهر في الإمتحانات الدوليّة والمحليّة، وعلى الأخص في اللغة العربيّة، وذلك يعود إلى الإشكاليّة الواضحة في مسألة التطبيق.

المعلم هو الأساس 

واعتبر بروفسور أمارة أنّ المشهد اللغوي الضحل داخل المدارس العربيّة يعود بالأساس إلى المعلّم، كونه العامل الأوّل والأهم والأكثر تأثيراً على إحداث تغيير في جودة التعليم. وتطرق إلى المركبات الأخرى التي تؤثّر على التربية اللغويّة كالمنهاج وكتب التدريس وطرق التدريس والبيئة التعليميّة داخل المدرسة وربطها بالمحيط الخارجي. وأكّد برفسور أمارة أنّ هنالك إشكاليّة في جميع هذه المركّبات في المدارس العربيّة، وأنّه تطرّق إلى ذلك في العديد من الدراسات التي قام بها، إلا أنّه شدّد على كون المعلم هو أهم هذه المركبات وفق جميع الأبحاث العالميّة. وأوضح أنّ هنالك إشكاليّة في أساليب التدريس التقليديّة التي يتّبعها المعلمون وإشكاليّة في فهم السياق والتعامل مع الطلاب وكأن العمليّة التدريسيّة منقطعة عن العالم الخارجي وعن التطوّر التكنولوجي. وأضاف أنّه يجب أن يكون فهم المعلم لما يحدث من تغيير تكنولوجي هائل ومتيسّر للطلاب أعمق بكثير، ووجوب ربط ذلك مع العمليّة التدريسيّة.

واعتبر بروفسور أمارة، أنّ المنهاج هو بمثابة بوصلة، إلا أنّ المعلم غير مجبر بالتقيّد بكل ما يرد في الكتب، فللمعلم دور كبير في حال كان تأهيله جيّد وإدراكه واسع وشمولي ولديه وعي للبيئة التعليميّة، عندها يكون بمقدوره أن يحدث التغيير، حتى لو كان المنهاج سيئاً.

وبناءً عليه، يأتي برنامج اللقب الثاني في تدريس اللغات في بيت بيرل، وفق بروفسور أمارة، كمسعى لتحسين المشهد اللغوي داخل المدارس العربيّة، وهو يعد، كما قال بروفسور أمارة، "من أفضل البرامج لتدريس اللغات القائمة في الجامعات والكليّات المختلفة في البلاد، وليس هنالك أي برنامج شبيه له في جميع المعاهد التعليميّة العليا في البلاد. ويكسب الطلبة في هذا البرنامج، الأدوات والمهارات اللازمة لتوسيع آفاقهم من خلال التعامل مع اللغات بمنظور شمولي، ما يساهم بالتالي في تقوية وتعزيز المعرفة اللغوية لدى طلاب المدارس".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]