اللهم بارك في شأمنا، التي يربض فيها الأردن على سيف الصحراء، والبركة التي حلت عليه ونحن في أكناف بيت المقدس المغتصب، ونهر الأردن الخالد الذي تعمد فيه السيد المسيح، يؤمه المؤمنون المسيحيون للتبرك بموسم الحج الأكبر، يؤكد أن هذه الأرض "الشام" وضعها الله عموداً في الأرض لتكون مهبط الرسالات، ونموذج التسامح وحاضنة الأديان كلها.
رغم السنوات العجاف التي اختلط الحابل بالنابل فيها، وحاول المرجفون في الأرض قتل كل صور الإنسانية فيها، لم تستسلم ولم تخضع للابتزاز المالي والديني والسياسي.
وقوف الحبر الأعظم فرانسيس الأول على نهر الأردن، وهو ما ميزه عن أسلافه، يؤكد على أن الحبر الأعظم جاء إلى الأردن حاجا ومصليا، ليؤكد على أن الأردن سيبقى وطناً لكل المؤمنين، وهذا طبع أصيل وصفة ثابتة في مُكون أهل الشام التي باركها الله وسيد الخلق محمد عليه السلام.
صورة الإسلام التي حاول الكثيرون، من مسلمين وغير مسلمين، تشويهها تدحضها الكتب والتاريخ، ففي كتابه "تاريخ مصر القبطيّة" يقول الأسقف يوحنا نيقوس الذي عاش في القرن الثاني عشر الميلادي "لأن الرب في عليائه لما رأى ظلم الرومان وعسفهم بِنا وعدم استماعهم إلى أناتنا وإلى عذاباتنا، فإن الرب أتى من الجنوب بأبناء إسماعيل لكي ننعم في ظلهم بالأمان والراحة والسلام" .
وهو نفس ما ورد عن بطريرك السريان المؤرخ ميخائيل السرياني الكبير في أواخر القرن الثاني عشر يقول: "إنّ الله إله النقمة الذي وحده له السلطان على كلّ شيء هو الذي يغيّر الملك كما يشاء ويعطيه لمن يشاء ويقيم عليه الضعفاء، إذ رأى خيانة الروم الذين كانوا ينهبون كنائسنا وأديرتنا كلّما اشتدّ ساعدهم في الحكم ويقاضوننا بلا رحمة جاء من الجنوب بأبناء إسماعيل لكي يكون لنا الخلاص من أيدي الروم بواسطتهم. أمّا الكنائس التي كنّا فقدناها باغتصاب الخلقيدونيين فبقيت بيدهم لأن العرب لدى دخولهم أبقوا لكلّ طائفة ما بحوزتها من الكنائس. وقد فقدنا في هذه الفترة كنيسة الرها الكبرى وكنيسة حرّان غير أن فائدتنا لم تكن يسيرة حيث إنّنا تحرّرنا من خبث الروم ومن شرّهم وبطشهم وحقدهم المرير علينا وتمتّعنا بالطمأنينة".
هذه صورة المسلم كما يصورها الرهبان والقساوسة، فليس منا من يقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، نحن البشر عيال الله، ومن يقول غير ذلك فهو موغل في الجهل ولم يعرف معنى أن يكون من عيال الله.
[email protected]
أضف تعليق