كمية الطاقة الذهنية التي يبذلها الفقراء في مواجهة المشاكل الملحة مثل دفع الفواتير وتقليص النفقات تحد من قدرتهم على معالجة ومواجهة المهام المعقدة والأكثر اهمية في حياتهم! مثل التعلم والثقافة وادارة وقتهم – هذا ما تبين من بحث نشر قبل مدة في مجلة Science العلمية.
حسب البحث فإن ضعف القدرة الذهنية الناتج عن الانشغال في مشاكل اقتصادية تساوي الهبوط ب 13 درجة في امتحان الذكاء ال IQ أو مساو للضعف الذهني الناتج عن عدم النوم لليلة كاملة أو مشابه للضعف الذي يحدث عند مدمن الكحول. هذا لا يثبت أن للفقراء ذكاء أقل، لكن كل انسان يعاني الفقر من الممكن يؤدي به ذلك الى ضعف في طاقته الذهنية.

في ابحاث سابقة وجد أن الفقراء اقل انتاجا في العمل، واقل استعمالا للعلاج الطبي الواقي، لا يحافظون على تناول الأدوية التي يجب عليهم تناولها، وكآباء هم أقل اصغاء لأولادهم، لديهم ميل للتأخر عن مواعيدهم ويستصعبون كثيرا ادارة امورهم المالية.
يقول: الإمامُ عليٌّ (عَلَيهِ الّسَلامُ) ـ لابنِهِ الحسنِ (عَلَيهِ الّسَلامُ) ـ: يابُنَيَّ، مَن ابتُلِيَ بالفَقرِ فقدِ ابتُلِيَ بأربَعِ خِصالٍ: بالضَّعفِ في يَقينِهِ، والنُّقصانِ في عَقلِهِ، والرِّقَّةِ في دِينِهِ، وقِلَّةِ الحَياءِ في وَجهِهِ، فَنَعُوذُ باللّه‏ِ مِن الفَقرِ.
* * *
بالمقابل تثبت الأبحاث أيضا أن الذين تربوا في بيوت فقيرة لديهم ميل أقل للتوفير وميل أكبر للتبذير وخاصة في الأوقات الصعبة والتي يوجد فيها ضبابية من الناحية الاقتصادية. فقد وجد الباحثون أن الذين تربوا في بيوت تنتمي الى طبقة اجتماعية-اقتصادية منخفضة كانوا اكثر اندفاعيين، وخاضوا في مخاطر اقتصادية اكبر ورضخوا أكثر للإغراءات عندما تعرضوا لأزمة اقتصادية.

يحلل البعض ذلك بأن الذين عاشوا في بيوت فقيرة يعانون من نقص في عدة مجالات، من بين ذلك المجال الاقتصادي، ويشعرون بحاجة الى تعويض هذه الفجوة، هذه الحاجة تظهر على شكل تبذير لا محدود واتخاذ قرارات خاطئة. وهم يعدون أنفسهم أنهم سيهيؤون ظروفا لأولادهم أحسن من تلك التي كانت لهم، وعندما يصبحوا آباء فإن التبذير يتضاعف والوضع المادي يتأزم. للآباء دور هام جدا ليس فقط في تربية أولادهم وانما ايضا في كيف سيتصرف أبناؤهم عندما يصبحوا آباء يوما ما.

الأخبار الطيبة هي أنه من الممكن التخلص من هذه العادات والسلوكيات السيئة اذا اعطينا فرصة لهؤلاء الناس ان يتعلموا عن انفسهم وعن قناعاتهم حتى يستطيعوا تحمل مسؤولية مشاكلهم، وخلق توازن بين التفكير والشعور والتحكم في انفسهم خاصة في المجال الاقتصادي. كيف يمكن ذلك؟

1. نظام
عادة فإن المشاكل الاقتصادية تنبع من نقص في المعرفة والنظام. لذلك مهم جدا أن تبدأ العائلة في ترتيب اوراقها المالية وفواتيرها، وان تقارن نفقاتها مقابل دخلها. وأن تبني لنفسها ميزانية تتوافق مع حجم دخلها وحاجاتها وأن تلتزم بها. اعداد ميزانية تعطينا صورة حية ومباشرة لقياس وضعنا الاقتصادي، الأمر الذي يمكننا من مراقبة كل التغييرات ومتابعتها.

2. تحديد الأهداف
مهم جدا أن تحدد العائلة اهدافها – إلى أين تريد أن تصل في الحياة، مثلا شراء شقة، اعمال صيانة للشقة، سفر إلى الخارج أو تعليم. بعد تحديد الأهداف يجب تحديد كم يكلف تحقيق كل واحد من هذه الأهداف. ومن ثم تحديد الزمن الذين نحتاج لتحقيق هذه الأهداف وتوزيع التكلفة على عدد الشهور حتى توقيت تحقيق الهدف ومن ثم البدء بالتوفير لهذه الأهداف. الصورة المستقبلية الجميلة تساعدنا في التغلب على الواقع المر.

3. تواصل عائلي
مهم جدا المحافظة على شفافية بين الزوجين في كل ما يتعلق بالأمور المالية. ووضع حدود للأولاد، وضع الحدود لا يعني أننا لا نحب أولادنا، بالعكس هذا يعني أننا نكسبهم عادات اقتصادية تساعدهم في تحقيق مستقبل مالي أفضل، وهذا افضل هدية يمكن ان نقدمها لهم.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]