جراح الشعب الفلسطيني ما زالت تنز بالعذاب، لم ييأس من نضاله الخالد أمام صلافة المحتل، ما زال يحيي ذكرى نكبته الأليمة، فهي ليست مجرد صرخة ألم عابرة، بل إنها زوبعة يأس تخرُجُ من أفواه ملايين اللاجئين الفلسطينيين، يعيشون في مخيّمات الشّتات، بلا هويّة. إن الدّول العربية التي "تبنّت" القضيّة الفلسطينيّة، تأبى الاعتراف بعدالتها... لم تفِ يومًا بالتزاماتها السّياسية والإنسانية تجاه شعب منحته شرعية اللجوء إليها قسرًا، إرضاءً للقوى العُظمى!! لم تُساند حلم عودته إلى وطنه، إلاّ بالشّعارات الكلامية.

أذكُر في عام 1998، أنتجت قناة الـ "بي بي سي" البريطانيّة الشّهيرة، برنامجًا يحمل عنوان "خمسون عامًا من الصراع العربي الإسرائيلي"... عندما عَرَضَت قناة "إم بي سي" السّعوديّة، البرنامج في تلك الفترة، قامت بعملية مونتاج، وبتعبير أدق قد حذفت منه بعض المشاهد، منعًا لتوسيع فوهات الخلافات العربية أكثر فأكثر! لأن مدّته كانت قصيرة، بحيث لم تفِ الصراع حقه التوثيقي، لذلك اليوم لا تجد أي قناة عربية مستعدّة أن تعرض أو تُنتِج فيلمًا وثائقيًا عن تاريخ النّكبة.

أنا لا أتحدث عن الفضائيّات العربية الإخبارية، بل عن القنوات العائليّة المشهورة، التي يجب أن يكون لها دور إعلامي تثقيفي، وليس فقط دورًا دراميًّا ترفيهيًّا، كما يجب على المواقع المحليّة أن تُساهم في ترسيخ النّكبة في عقول الشّبان الصّغار، المنغمسين فكريًا وحسيًّا بالإنترنت، وليس فقط أن تعرض هذه المواقع صورًا من مسيرات العودة السنوية، فهي برأيي تجسيد جميل وواقعي، حتّى الجيش الإسرائيلي، نجده يستنفر سنويًا عند الحدود الشّماليّة، خوفًا من هذه المسيرة السّلميّة.

النكبة تستحق تكريمًا إعلاميًا مرئيًّا ومقروءًا لائقًا أكثر، حتّى من خلال موقع الفيس بوك، كي تعترف الأجيال الصّاعدة بأهميتها، وأيضًا لتتعرّف على الأحداث التاريخية المأساوية والبطولية للشعب الفلسطيني. إن تأثير الإعلامَين المرئي والمقروء عظيم جدًا على نفسية جيل الشباب الذي يعيش بعضهم "نكبتين" ثقافيتين، عربية وغربية...

حتّى ألبومًا مصورًا، يعتبر مشروعًا رائعًا وقيّمًا بنظري، يحتوي على تسلسل تاريخي مرتب للأحداث المؤلمة التي حصلت للشعب الفلسطيني في البلاد وفي الشتات، فإنه سيجذب أنظار هذا الجيل اليه، ليستفيد معلوماتيًا من هذا العمل الضخم، لتنطبع في ذهنه النكبة إلى الأبد، وهكذا يتم تخليد ذكرى النكبة الإنسانية المستمرة إلى يومنا هذا في المناطق المحتلة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]