حسم "حزب الله" كل ما اثير عن "غضه النظر" عما اعلنه البطريرك الماروني بشارة الراعي انه ينوي القيام بزيارة رعوية الى الاراضي الفلسطينية المحتلة ومواكبة زيارة البابا اليها ايضاً.

وأتت زيارة الحزب الى بكركي امس(الخميس) لتحسم الجدل، فقالها رئيس مجلسه السياسي السيد ابراهيم امين السيد بالفم الملآن لا للزيارة وستكون لها تداعيات سلبية جداً على العلاقات اللبنانية- اللبنانية وعلى العلاقات بين الطوائف وحتى النسيج اللبناني فكيف يرفض المسلمون بمذاهبهم كافة زيارة القدس وهي تحت الاحتلال بينما يزورها ممثل طائفة اخرى وهي كذلك.

وعبّر السيد كذلك بكل ما يجول في خاطر قيادة الحزب التي ترى ان هذه الزيارة لا تخدم القضية الفلسطينية في شيء وتسيء اليها عبر الاعتراف والتطبيع مع المحتل فمهما اعطيت الزيارة من اسم او طابع فإنها في المضمون تصب في إطار واحد: التطبيع مع العدو والقبول باحتلاله ووصايته على المدن والاماكن المسيحية والاسلامية المقدسة.

كما شرح موقف الحزب المبدئي من القضية الفلسطينية والوقوف في وجه الظالم والى جانب المظلوم وكذلك النضال المشترك لدحر المحتل من الاراضي المحتلة كافة.

من جانبه جدّد الراعي موقفه ان الزيارة الرعوية تهدف الى كسر الهيمنة الاسرائيلية على المقدسات وانها ليست تطبيعاً وهو لن يلتقي ايًّا من المسؤولين الاسرائيليين وفق الجدول الذي بات معروفاً عن الزيارة.

بعد كلام الراعي سكت الجميع لينتقلوا الى كلام عام عن الاستحقاق الرئاسي فتم التأكيد على اهمية انتخاب الرئيس في الموعد الدستوري من دون الخوض في آلية الانتخاب او شخصية الرئيس. انتهى اللقاء وصرّح السيد بجزء مما دار في الاجتماع قبل ان يغادر الوفد على امل بالتواصل وأن يسمع رداً ايجابياً من البطريرك عندما يحسم امره في اللحظة الاخيرة ويقول كلمته.

لم يستغرق التمهيد لزيارة حزب الله الى بكركي اكثر من 4 ايام، فالقرار اتُخذ بعد المداولات داخل قيادة الحزب الخميس الماضي، وبعد زيارة عضو لجنة الحوار الاسلامي- المسيحي حارث شهاب الضاحية الجنوبية ولقائه مسؤول الملف المسيحي في الحزب غالب ابو زينب في مكان عام.

قبل ان يغادر شهاب الى مقر المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ولقاء الشيخ عبد الامير قبلان الذي كان اتصل هاتفياً بالراعي فبعد تهنئته بالعودة من الفاتيكان اخبره بأنه يحضّر لمبادرة روحية في خصوص زيارته الى القدس. فتمنى الراعي من قبلان ان يخبر التفاصيل الى موفده اليه الذي لم يكن الا شهاب نفسه. وفي مقر المجلس استفاض الشيخ قبلان في شرح وجهة نظره عن الزيارة وسلبياتها قبل ان يطلب من شهاب ان يحمل الى الراعي رغبة رؤساء الطوائف الاسلامية كافة وبعض الطوائف المسيحية بزيارته الى الصرح وأن يعلنوا من الصرح عبر الاعلام تمنيهم ان يعدل الراعي عن الزيارة وأن يعلن انه عدل عنها بناء على طلبهم وتمنياتهم وبذلك يكون الغطاء روحيا ودينيا ووطنيا واسعا.

انتظر المجلس الشيعي ثلاثة ايام رد البطريرك على مبادرة قبلان الا ان الجواب اتى من الراعي انه متريث ويدرس الوضع. توقفت هنا مساعي قبلان بعد تريث الراعي، الا ان الحديث عن الزيارة بدأ يكثر في الاعلام والمجالس السياسية وفي الوقت نفسه كان "حزب الله" فرغ من مداولاته الداخلية لاتخاذ القرار المناسب في كيفية التعامل مع الزيارة الى القدس المحتلة، وكلفت قيادته ابو زينب التواصل مع بكركي لاخذ الموعد فتم الاتصال صباح الاثنين المنصرم وزار ابو زينب في اليوم التالي (الثلاثاء) مقر البطريركية يرافقه عضو المجلس السياسي مصطفى الحاج علي واجتمعا بشهاب والمطران مظلوم في إطار اللجنة الاسلامية - المسيحية للحوار وخلال اللقاء مهّد للزيارة التي حصلت امس والتي حدد موعدها النهائي ظهر امس الاول. وحرص بعدها قياديو الحزب على عدم تسريب اي معلومة عن اللقاء او موعده قبل حصوله تلافياً للاخذ والرد الذي تردد منذ ايام ان البطريرك لم يعط موعداً، وأنه لا يريد مقابلة اي وفد من الحزب وكأنه كان المطلوب احداث قطيعة بين الجانبين.

في المحصلة يفصلنا عن الزيارة اسبوع ويبدو انه كافٍ لدراسة الراعي ابعاد خطوته واتخاذ القرار المناسب، فالجميع تقريباً قالوا كلماتهم باستثناء تيار المستقبل وتكتلاته الحزبية والسياسية، بينما تردد ان المفتي قباني عندما زار بكركي منذ ايام لم يتطرق في حديثه الى الزيارة مع الراعي لا جهاراً ولا همساً.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]