تحت هذا العنوان يكتب البروفيسور شلومو افينيري في "هآرتس"، ان نتنياهو على حق في قوله ان اسرائيل هي دولة القومية اليهودية، والجميع يعرفون ذلك، يهود اسرائيل وعرب اسرائيل والفلسطينيين ويهود العالم والأمم كلها، مهما اختلفت مواقفها من سياسة الحكومة. ولذلك لا يوجد أي مبرر لسن قانون كهذا، بل أنه يسبب الضرر.
ويضيف ان إسرائيل حظيت بالشرعية الدولية كدولة قومية يهودية من خلال قرار التقسيم في نوفمبر 1947، ولا توجد أي دولة ديموقراطية تعارض ذلك اليوم، واسرائيل هي احدى الدول المزدهرة في العالم واحدى قصص النجاح المذهلة خلال القرن الأخير، وهي دولة قوية، تملك احد الجيوش الأكثر تطورا في العالم، وفي الوقت الذي تقف فيه الكثير من الدول، من العراق وسوريا والسودان وليبيا وحتى اوكرانيا على حافة التفكك، تبقى اسرائيل صخرة راسخة في استقرارها وقدرتها على الحفاظ، رغم كل المشاكل، على نظامها الديموقراطي واهدافها القومية حتى في ظروف صعبة، والكثير من الشعوب تحسدها على ذلك. وفوق هذا كله، فانه على الرغم من ان اسرائيل لا تتمتع بمكانة رسمية بالنسبة لمصير الجاليات اليهودية في العالم، الا ان الدول تصغي لمواقف اسرائيل وردود فعلها عندما تشهد احداث لا سامية. ولذلك لا توجد أي حاجة لتشريع كون إسرائيل دولة القومية اليهودية من خلال أي خطوة قانونية، فهي قائمة كذلك واقعا وقانونا. وكل محاولة لسن قانون كهذا، كما يحاول رئيس الحكومة الآن، سيسبب الضرر والخلاف داخل اسرائيل وخارجها.
فالجميع يعلمون ان هناك خلافات عميقة بين المواطنين اليهود في اسرائيل حول معنى كون اسرائيل دولة يهودية: غالبية الجمهور اليهودي يفسر ذلك من منطلقات تقرير المصير القومي تاريخيا وحضاريا. وهذا، أيضا، ينطوي على تفسيرات مختلفة: فبالنسبة لاجزاء من الجمهور المتدين تعتبر الهوية اليهودية دينية بالذات، بينما هناك اطراف هامشية، بدء من ناطوري كارتا وحتى النواة المعادية للصهيونية (التي تفضل تسمية ذاتها "ما بعد الصهيونية") والتي ترفض – لأسباب مختلفة بل ومتناقضة – حقيقة قيام الدولة كدولة يهودية. ومن شأن طرح قانون كهذا في الكنيست تعميق النقاش، الذي يعتبر شرعيا، في حد ذاته، ولكنه بالتأكيد سيعمق العامل المشترك بين مواطني اسرائيل اليهود.
بالإضافة الى ذلك، وفي ضوء التركيبة الحالية للكنيست من يعرف أي بنود يمكن اضافتها الى القانون في اطار صفقة تهدف الى الحفاظ على وحدة الائتلاف الغريب، الذي يتألف من "البيت اليهودي" الأصولي التبشيري، و"يوجد مستقبل" التي تتظاهر بأنها علمانية، ليبرالية ومتنورة. كما يتوقع الكاتب قيام النواب العرب في الكنيست بالمحاربة بكل قوة ضد هذا القانون، ويمكنهم الحث على تظاهرات عارمة ضده. ويضيف: لا حاجة الى الموافقة مع المواقف المعادية لبعض النواب العرب كي نفهم انه ليس من السهل للجمهور العربي التواجد في دولة القومية اليهودية، لكن مبادرة رئيس الحكومة ستعمق شعور التغرب لدى هذا الجمهور. وفي الاجواء الحالية والمتفجرة بين اليهود والعرب يمكن لنقاش متوتر كهذا تشجيع العنف من جانب المجموعات المتطرفة، اليهودية والعربية.
ولا يستبعد افينيري معارضة مجموعات من يهود العالم لهذا القانون، لأنه يمكن أن تتخوف، واحيانا بشكل مبرر، من أن تحديد الموضوع يمكنه ان يشكل ذريعة لمجموعات معادية للسامية ستقول انه ما دامت إسرائيل هي دولة القومية اليهودية فلا مكان لليهود في بلدانهم. وهذا سيصب الزيت على النار. كما يرى الكاتب انه يمكن لمشروع القانون ان يشكل قاعدة دولية لانتقاد اسرائيل، حيث يمكن للكثيرين اعتبار مصطلح دولة يهودية تعبيرا عن الهوية الدينية فيرفضونه كما يرفضون مصطلح دولة مسيحية او دولة اسلامية. ومن ناحية تاريخية فقد عارضت الليبرالية اليهودية دوما تعريف الدول بمصطلحات دينية كهذه، والنقاش الذي سيحدث في البلاد في حال طرح القانون في الكنيست سيعمق هذه المعارضة ولن تنجح كل جهود الاعلام الاسرائيلي بتوضيح ان المقصود هوية قومية وليس هوية دينية.
كما ان طرح هذا القانون سيلفت انظار العالم الى المسألة غير البسيطة المتعلقة بمكانة المواطنين العرب في إسرائيل، وبالتأكيد سيستغلها الفلسطينيون سلاحا في معارضتهم لأي صيغة اعتراف باسرائيل كدولة قومية يهودية.
ويلفت الكاتب انتباه نتنياهو الى خطأ ارتكبه رئيس الحكومة الاسبق، مناحيم بيغن عندما سن قانون اساس – القدس عاصمة اسرائيل. فذلك القانون لم يغير شيئا من مكانة القدس، حيث لم يقنع أي دولة او أي سياسي في العالم بالموافقة على ضم القدس الشرقية، بل جعل بعض السفارات الاجنبية تنقل مقراتها من القدس الى تل ابيب. وهو ما تسبب بالتالي باضرار كبيرة لمكانة اسرائيل ترافق بقرارات شجب صودق عليها في مجلس الامن بغالبية ساحقة.
ويقول: ربما يكون البعض يستهتر بمجلس الأمن، ولكن اسرائيل لا تزال تشعر حتى اليوم بتأثير غياب السفارات الأجنبية من القدس، وكل من كان على صلة بسياسة الخارجية الاسرائيلية يعرف انه كانت هناك خطوات اخرى تضررت بسبب قانون القدس. ويؤكد افينيري ان قانون نتنياهو لن يجلب الا الضرر، ويأمل ان يتعلم نتنياهو من الثمن الذي دفعته اسرائيل جراء سن قانون القدس، ولا يمضي على طريق بيغن.
[email protected]
أضف تعليق