لو سمحتي يا “آنسة”، كلمة بريئة قالتها الطالبة الجامعية للمرأة التي تقف أمامها بعربة السيدات (بمترو الانفاق) للنزول في محطتها بسلام، ولا تعلم أنها ستفتح بابأ لجدل نسائي، وحديث لن ينتهي، وما إن استدارت المرأة “الأربعينية”، حتى أدركت الفتاة ما قالته لتعتذر برقة “أسفة يا طنط”، لترد المرأة.. طنط!!.

لماذا؟، “آنسة” أحلى بكثير، فردت أخرى - تكبرها بسنوات- ليت الشباب يعود يوماً، “آنسة” هذه كانت من ثلاثين سنة فاتت.

فباغتتها المرأة.. لماذا؟. بهذا أكون تزوجت وأنا عمري ثلاث سنوات.

ضحكت ضحكة غير مقصودة ولكنها مسموعة للأطرش حتى خشيت إحراجها، فأسرعت بالقول: بهذا يكون المجموع 33. “لماذا كَبرتي نفسك؟”.

تنهدت المرأة تنهيدة حارقة، ثم قالت: من يأخذ مني ألف جنيه ويعود بي آنسة!!.

فقالت فتاة – يبدو أن قطار الزواج غادر محطتها بغير رجعة – “من يأخذ مني عشرة آلاف جنيه ويحرمني من كلمة أنسة”، أنا حتى لو عدت للبيت متأخرة لا أشعر بالقلق رغم التوتر الأمني، ولا تمل أمي من تكرار “لا داعي للتأخير، الشوارع مليئة بالمخاطر، كل يوم نسمع عن حوادث خطف للبنات.. أنا خائفة عليك”. أضحك وأقول: لا تخافي، أنا نفسي أتخطف منذ عشر سنوات، حتى المجرمون وقطاع الطرق ليس لديهم “رغبة” لأنني أحض على التقوى والفضيلة!!.

وبصوت مخنوق، قالت أخرى “فوجئت أن عمري أصبح 46 عاما، وكأن العمر يجري دون إستئذان”، من كام عام كانت حفلة تخرجي، واليوم أرى الشعر الأبيض يتسلل خفية ليلا إلى رأسي، وفي الصباح اكتشف مكانه، وأستيقظ كل يوم لأرى خارطة رأسي تغيرت، وبعد أن كنت أعد الشعر الأبيض.. أصبحت أعد الأسود منه بإعتباره أقلية في رأسي.

وقالت لها عجوز غير ناقمة على الزمن، ربما لأنها حققت أحلامها وأتمت رسالتها، يا إبنتي.. الكثيرات من في مثل عمرك لم يتزوجن بعد، ولم يبدأن حياتهن “هوني على نفسك”، فقالت الأربعينية “أصبحن عوانس، ولا تنقصهن غير شهادة بخاتم حكومي”.

هنا إنفجرت العربة في ضحك هستيري انتهى مع بعضهن ببكاء، وأخريات انخرطن في الحديث، ولم تنه حالة الضحك سوى كلمات إمرأة قالت: العمر يمر على الجميع، فلا تحزن عليه إلا من فات قطار عمرها دون فائدة، فمن تعمل وتنجح تشعر بجمال حياتها، كل الفتيات تحلمن بالزواج والأمومة، فمن تدركه أصبحت لديها رسالة عليها أن تؤديها بنجاح، ومن لا تدركه فلا تحول حياتها لكابوس.

فقاطعتها “خمسينية”: من تزوجن لم تحصدن إلا الهم والمشاكل، ياليتني كنت أنسة بلا مسؤولية، ومصروفات، وتدبير متطلبات الأسرة، الكل معلق برقبتي، الأولاد والدروس الخصوصية ومشاكل العمل.

في النهار.. أنا إمرأة عاملة وطباخة وغسالة بالكهرباء ومربية أطفال وشغالة بدون أجر، وفي الليل.. فيفي عبده بلا “نقطة”!!.

وردت عليها فتاة في نهاية الثلاثين لم تتزوج، ويبدو من ملامحها أنها لن تتزوج وهي تعلم “أحياناً الإنسان يكون في يده خير كثير ولا يعرف قيمته، أنت محظوظة بالرغم مما تقولينه، أعمل بوزارة أشتهر عن أحد مدرائها علاقاته المتعددة، وتحرشه بالموظفات ما دفعهن لنصب كمين له، وأبلغن الوزير بذلك، وكنت الوحيدة التي لم تشتك للوزير حتى إرتاب في الأمر، فأستدعاني، وسألني أليست لديك شكوى من هذا المدير، فضحكت قائلة: نعم، “أنا الموظفة الوحيدة التي لم يتحرش بها”!!.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]