هذا ما يكتبه الأديب يتسحاق ليؤور في معالجته لظاهرة بطاقة الثمن التي يعتبرها وليد السياسة الاسرائيلية ازاء المواطنين العرب منذ قيام الدولة، موضحا ان المسافة بين نتنياهو ومستوطني الخليل، الذين يدفعون هؤلاء الصعاليك، أصغر بكثير مما يبدو لمن يشاهد الأخبار".

ويقول: "في اطار الاحتفال بالإسرائيلية، وفي كل حوار عام- في يوم الاستقلال، أو الأعياد الأخرى – لا يظهر أي وجود للعرب، الذين يشكلون خمس المدنيين. وفي الأماكن التي لا يتواجدون فيها، تحتفل "الإسرائيلية" المناسبة. أما في الأماكن التي يعيشون أو يعملون فيها، فانه يتم تمرير حياتهم، بكل انواع التمييز وفي كل مجال، لأنهم ما زالوا هنا. ويقول ان "بطاقة الثمن" لم تولد من الاضطراب النفسي الجماعي، ولا من "الارهاب"، ولا من الشريعة الدينية. فالدولة خلقت مناطقها بمساعدة الحكم العسكري. فـ93% من اراضي اسرائيل معدة لليهود، و3% فقط معدة للعرب، وهناك مسكنهم، واذا كان ذلك كله لا يكفي، فان نتنياهو يسعى الى شطب حقوقهم في وطنهم من خلال سن قانون "دولة الشعب اليهودي".

وقد بدأت عملية الاقصاء الرسمي من خلال مصادرة الأراضي المكثفة في الخمسينيات والستينيات. وفي المقابل، ولمواصلة سلب الأراضي وتوطين اليهود مكان العرب، تم سن القوانين والأنظمة. وفي عام 1950، تم سن قوانين "العودة" و"المواطنة" و"الحاضر غائب"، وبعد ثلاث سنوات جاءت قوانين "الدخول الى اسرائيل" و"مكانة الهستدروت الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية في أرض اسرائيل" و"الصندوق القومي لإسرائيل". وفي عام 1954 تم توقيع "مواثيق" بين الحكومة والهستدروت الصهيونية والوكالة اليهودية، وفي عام 1960 جاء "قانون أساس: ارض اسرائيل" و"قانون دائرة اراضي اسرائيل". وفي المقابل تم توقيع "معاهدة" بين الحكومة والصندوق القومي لإسرائيل. والعاصفة الاخيرة بشأن الفساد في الصندوق القومي لإسرائيل، تذكر بحوار النهب الذي نمّاه بن غوريون في صيف 1948، في خضم عمليات الطرد. وفي كلتا الحالتين تم التغطية باسم "الاخلاق" على ظلم أكبر بكثير.

ويضيف الكاتب انه تم اقصاء العرب بمساعدة الاجماع الواسع. فقد كتبت نصوص الدفاع المتحمسة عن القوانين في الاكاديمية، اما لائحة الدفاع المستفاد منها في تعديل قانون المواطنة، ذلك الذي يمنع الأزواج والاولاد الفلسطينيين من الحصول على جنسية رب الأسرة الاسرائيلي، فقد كتبها امنون روبنشطاين. كما شارك رجال اليسار في الاكاديمية بخلق الغبن الذي يقول ان قانون العودة يعتبر "تمييزا ايجابيا". وقد حدد الديالكتيك مسألة واحدة، وهي ان اسرائيل تعتبر دولة ديموقراطية في اقليمها، والتمييز ضد العرب تقوده المؤسسات اليهودية فوق الاقليمية. وعمليا، لا يوجد منذ 66 عاما، أي مجال لم يقاد فيه العرب نحو الدونية.

وقد أجاد تفسير هذه الخديعة وزير القضاء الاسرائيلي السابق زيراح فيرهابتينغ (مفدال) الذي قال خلال نقاش في الكنيست في تموز 1960 ان اراضي اسرائيل تعود للشعب الاسرائيلي. وشعب اسرائيل هو مصطلح أوسع بكثير من الشعب المقيم في صهيون، لأن شعب اسرائيل يتواجد في العالم كله. والآن يصر نتنياهو على سن قانون يحدد ملكية الشعب اليهودي كله على أرض اسرائيل. فهل سيصوت الشعب اليهودي كله للكنيست، أيضا؟ هذا ليس واضحا. وهل سيشارك المهاجرون اليهود في الانتخابات او الاستفتاء العام على الأراضي المحتلة؟ ربما. العرب الذين تركوا، لن يشاركوا، واليهود الذين لم يصلوا ابداً، نعم سيشاركون.، ودائما سيتوفر هناك الحكماء الذين سيجدون المبررات.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]