التسامح مفهوم يعني العفو عند المقدرة وعدم رد الإساءة والترفع عن الضمائر والسمو بالنفس البشرية إلى مرتبة أخلاقية عالية وهو الشعور بالرحمة والتعاطف والحنان وشيمة الأقوياء الصادقين والأوفياء العاقلين وهو الطريق إلى الله والحب والسعادة ودواء للأحقاد وهدوء للأعصاب وراحة للنفس واحترام ثقافة وعقيدة وقيم للآخرين وركيزة أساسية لحقوق الإنسان والديمقراطية والعدل والحريات الانسانية العامة.

التسامح كمفهوم أخلاقي اجتماعي دعا إليه كافة الرسل والأنبياء والمُصلحين لما له من دور وأهمية كبرى في تحقيق وحدة بين الأفراد والجماعات.

إننا اليوم في أشد الحاجة إلى التسامح الفعال والتعايش الايجابي بين الناس أكثر من أي وقت مضى ليس التسامح فقط من أجل الآخرين ولكن من أجل أنفسنا وللتخلص من الأخطاء التي قُمنا بها والإحساس بالخزي والذنب الذي لا زلنا نحتفظ به داخلنا فكلنا نخطئ ونذنب وكلنا يحتاج إلى مغفرة، والتسامح هو الممحاة التي تُزيل أثار الماضي المؤلم قال تعالى ((وإن تعفوا أقرب للتقوى))، ((وللكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)).

وقال صلى الله عليه وسلم (أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك) كم هي عظيمة تلك النفوس المتسامحة التي تنسى إساءة من حولها وتظل تبتلع حماقاتهم وأخطائهم لا لشيء سوى أنها تحبهم حبًا صادقًا يجعلها تعطف على حماقاتهم تلك وتضع في اعتبارها انه لا يوجد إنسان معدوم الخير ولكن يحتاج إلى مُخلص يبحث عن ذلك الخير فهي تعذرهم لأنها تضع في اعتبارها أنَّ من يسيء لغيره قد يعيش ظروفًا صعبة أدت به أن يسيء لمن حوله لكنه لا يجد من يعذره ويتسامح عن ذلته.

والتسامح قد يُقلل كثيرًا من المشاكل التي تحدث بين الأفراد والأحبة لسوء الظن وعدم الالتماس الأعذار فقد يكون صديقك وأخٍ لكَ ولكن لِتصرف صدر منه خطأ قامت الدُنيا ولم تقعد وبدأ الشيطان يوسوس لا بد أنه فعل كذا لأنه يريد كذا يقصد كذا وهو قد يكون ما قال تلك الكلمة لشيء ولا لسبب إنما خرجت منه دون قصد لذلك نقول أنَّ علينا أن نزن كلماتنا قبل أن تخرج لأن الكلمة رصاصة إذا خرجت فلا تعود، وحتى تكون نفوسنا عظيمة كتلك النفوس صافية شفافة لا تعرف الأحقاد كالزجاجة تشف عمَّا بداخلها لأنها تحوي سوى الحب والإخلاص تلك النفوس حقًا هي التي تستحق أن تُقدر وتحترم فهي تأسر القلوب بسرعة ولأول وهلة لأنها صدقت مع الله ثم مع نفسها فصدقت بالتالي مع خلقه.

إنَّ المسؤولية لا تقع على عاتق الأسرة فقط إنما هي مسؤولية الجميع فلا بد أن تعمل المؤسسات والجمعيات على إيجاد مجال للحوار البنَّاء وإلقاء الضوء على أهمية التسامح ونبذ العنف من خلال طرح برامج تربوية ثقافية يُشارك فيها الجميع لتشكل المعرفة في أساليب التفكير والتخطيط السليم والحوار المستمر والنقاش بصورة حرة والعمل المنهجي لمواجهة ظاهرة العنف ونشر ثقافة التسامح.

فلنكن من يبادر في التسامح ونبني حياة إنسانية هانئة مستقرة لنرتقي ونعلو بمجتمع واعٍ صاحب أفكار أخلاقيه فإنَّ الله يحب العافين المتحابين المتسامحين. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]