ليس غريبًا على سلطات جيش الاحتلال الإسرائيلي أن تحاول كسر عزيمة الرفيق عمر زهر الدين سعد، رافض الخدمة الإجبارية المفروضة عنوةً على أبناء الطائفة المعروفية. فهذه السياسة المقيتة متواصلة منذ عام 1956، ومقاومتها متواصلة أيضًا.. وتتصاعد!

ليس سهلاً على المؤسسة الحاكمة أن يذيع صيت هذا الفنان الشاب في أرجاء العالم، وأن يجلجل هذا الصوت الأصيل من الجليل في شتى أصقاع الأرض: أنا إنسان عربي فلسطيني، لن أخدم في جيشكم المجرم! فهذا الشاب، ابن الـ18 عامًا، يهزم آلة الدعاية الصهيونية التي تستثمر المليارات في تبييض وجه الاحتلال وموبقاته.

حين زرنا عمرًا في المستشفى – حيث يرقد بعد أن أصيب في المعتقل العسكري بجرثومة في الكبد كادت تودي بحياته – وجدناه، رغم آلامه الشديدة، مبتسمًا. نفس الابتسامة التي رأيناه حين أعلن رفضه الخدمة، ودخل برجليه إلى السجن، وحوكم مرةً تلو المرّة، لمدة تزيد عن خمسة شهور حتى الآن.

إنّ دولة إسرائيل مُحقة؛ فعمر وأمثاله من الرافضين العرب واليهود يشكّلون تهديدًا حقيقيًا على الدولة! لأنّ عمرًا، حين يخرج من السجن، سيجوب العالم بآلة "الفيولا"، مع أشقائه مصطفى وغاندي وطيبة، ومع زملائه، ليقاوموا الاحتلال بأقسى سلاح، بسلاح الفن والثقافة الذي تريد إسرائيل الديمقراطية جدًا والحضارية جدًا احتكاره لنفسها.

إنّ نضال عمر ورفاقه هو أبلغ وأرقى جواب على مخططات التجنيد والفتنة الطائفية.. والثمن الشخصي الذي يدفعه، بابتعاده القسري عن رفيقة دربه، الموسيقى، وباستلاب حريّته، وبتعرّضه للموت دفاعًا عن كرامته وحريّته وقضيّته؛ هذا الثمن هو درس لنا جميعًا، يشحننا بطاقات كفاحية جديدة لقلب السحر على الساحر وإفشال مخططات السلخ والعسكرة.

لقد أخبر الأطباء عائلة عمر أنه كان قاب قوسين أو أدنى من الموت، فلو لم يتم نقله إلى المستشفى خلال ساعات، لكان أصيب بانهيار تام في أداء الكبد. ورغم القلق الغريزي لأي أب وأي أم على ابنهم، لم ألمح في وجه الرفيق زهر الدين وزوجته منتهى سوى المزيد من الإصرار، والمزيد من المقاومة، من أجل تحرير فلذة كبدهم.

وحين جاء المأمور العسكري بأمر نقله إلى مستشفى "إيخيلوف"، عرفنا أنّ الهدف الحقيقي هو التظاهرة التي شارك فيها عرب ويهود من حيفا ويركا وأم الفحم وشفاعمرو وسخنين والمغار وعرابة والطيرة والدالية وعسفيا وعكا.

هذا هو عمر، وهذا هو الخطر الذي يشكّله على إسرائيل النووية.

الحرية لعمر وجميع الرافضين ولجميع الأسرى السياسيين، والخزي والعار والشنار لدولة إسرائيل!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]