لقد أنعم الله عز وجل على عباده بنعم كثيرة وآلاء عظيمة لا تعد ولا تحصى , لقوله سبحانه وتعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " , وإن من أجلِّ نعم الله عليك أيها الشاب والداك اللذان جعلهما الله لك ضياءً ونوراً تستضيء بهما في حياتك ودنياك .

بر الوالدين توفيق دنيوي ونجاح أخروي , فإذا أردت التوفيق والسداد فعليك برضاهما وبرهما , فهي فريضة ربانية كما قال سبحانه : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا " ( الإسراء ) , وقال عليه الصلاة والسلام : "رضا الرب في رضا الوالدين , وسخط الرب في سخط الوالدين " . ( أخرجه الترمذي وابن حبان وصححه ) , ومعصيتهما تستوجب الخسارة والندامة , فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه». قيل: "من يا رسول الله؟"، قال: من أدرك والديه، أحدهما أو كلاهما ثمّ لم يدخل الجنة .

أيها الشباب ....

بروا آباءكم وأمهاتكم , يدخل السرور إلى قلوبكم , وترضوا ربكم وخالقكم , فهنيئاً لمن أكرم والديه بطاعتهما وبرهما , وخفض الجناح لهما , ولم يرفع الصوت بحضرتهما وأطاب الكلام وأحسنه معهما , وأنصت لحديثهما وقولهما , وقدم برهما بعد رضا الله على كل شيء , فمن أحسن إلى والديه أحسن الله له في الدنيا والآخرة , فرضاهما غنيمة ونجاة , وبرهما فوز وفلاح , وإكرامهما سعادة وسرور , فقد قال الإمام التابعي الجليل - ذو النون - : " ثلاثة من أعلام البر : بر الوالدين بحسن الطاعة لهما ولين الجناح وبذل المال ، وبر الولد بحسن التأديب لهم والدلالة على الخير ، وبر جميع الناس بطلاقة الوجه وحسن المعاشرة " , حيث اعتبر الإسلام برهما من أفضل أنواع الطاعات التي يتقرب بها المسلم لله سبحانه وتعالى , لأن والديك سبب في وجودك في هذه الدنيا , وسبب سعادتك , فكم يحترق قلبهما حزناً ولوعة عليك , لأنهم يحبوك حباً عظيماً يعجز اللسان عن الوصف والتعبير عن هذا الشعور الجميل .

بر الوالدين من حسن الصحبة التي أوصى بها الحبيب - صلى الله عليه وسلم - , فقد جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك , قال : ثم من , قال : ثم أمك , قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك ؟ قال : ثم من ؟ قال " ثم أبوك . ( رواه البخاري )

فاحذر أيها الشاب ....

عقوق والديك وعصيان أمرهما ونيل سخطهما , فإن العقوق حرمان وشقاء , وخزي في الدنيا وعذاب في الآخرة , فإن الحبيب صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله حرم عقوق الأمهات " ( رواه البخاري ) , فقد ضرب الصحابة وسلفنا الصالح – رضي الله عنهم جميعاً – أروع الأمثلة في البر والوفاء لآبائهم وأمهاتهم فعن عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة قلت من هذا ؟ فقالوا : حارثة بن النعمان , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كذلكم البر كذلكم البر , وكان أبر الناس بأمه) .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة لا يدخلون الجنة: وذكر منهم ... العاق لوالديه " .
وموقف آخر ذكر عن أحد التابعين فقيل له: "إنك من أبر الناس بأمك ، ولا نراك تؤاكلها ؟"، فقال: " أخاف أن تسبق يدي إلى ما قد سبقت عينها إليه، فأكون قد عققتها" .

فهذه نصيحتنا إليكم أيها الشباب , أبناء مراكز حراء , حفاظ التنزيل , بروا ذويكم تسعدوا معهم في الدنيا والآخرة , وأعطوا غيركم القدوة الحسنة في طاعتهم وبرهم فإنهم سفينة نجاتكم , ومطية شوقكم , وسلامة عبوركم إلى الباري سبحانه وتعالى .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]