إن تمادي العنصريين اليهود الذين يعملون تحت تسمية "تاج محير- شارة الثمن"، ويقومون بالاعتداء على دور العبادة من مساجد وأديرة وكنائس ومؤسسات دينية أخرى للمسلمين والمسيحيين بين فترة وأخرى، وأن تزداد وتيرة تلك الاعتداءات في الفترة الأخيرة، وأن يصل الأمر بأحد نشطائهم أن يتجرأ على كشف هويته وأن يحضر بنفسه إلى دار مطرانية اللاتين في الناصرة، ويسلم بيده لإحدى الراهبات رسالة تهديد لسيادة المطران بولس ماركوتسو، ومن خلاله لعموم المسيحيين العرب في البلاد، انما يشير إلى تصعيد خطير وممنهج في عمل تلك العصابات اليهودية العنصرية.
ويسأل السؤال: لماذا الآن ترتفع وتيرة الاعتداءات وتصل الى هذا الحد المفضوح؟ بالطبع هناك عدة عوامل تشجع أفراد تلك العصابات على تماديهم، وفي رأسها تساهل السلطات الاسرائيلية الرسمية وخاصة الشرطة وكافة الوزارات وفي مقدمتها رئيس الحكومة وتقاعسها عن ملاحقة أولئك الجناة وعدم تقديمهم للقضاء. أضف الى ذلك الرد الصامت أو الخافت من قبل المعتدى عليهم، أو الرد الفوري اليتيم- مثل التظاهرة على مدخل أم الفحم الأسبوع الماضي- وخاصة من قبل رؤساء الكنائس أمام مثل تلك الاعتداءات، يجعل تلك العصابات تتمادى في ممارساتها العدوانية العنصرية.
والأمر الآخر هو نشاط الكاهن جبرائيل نداف في خدمة فرض التجنيد الاجباري على الشباب المسيحي وسلخ المسيحيين عن قوميتهم وهويتهم العربية. لأنه لا يمكن لأحد أن يستمر في الاعتداء على الكنائس والأديرة، إلا من خلال التشرذم والتفرقة التي تعيشها كنائس الأرض المقدسة للأسف، وهذا ما سبق واعترف به وأدانه نداف بنفسه قبل عشر سنوات في تصريح له لصحيفة "بانوراما" يوم 27/4/2004 عندما استنكر نشاطات مجموعة تدعي "التبشير بالديانة المسيحية"، حيث قال فيها " إن هذه المجموعة هدفها ليس تبشيريا وهو أبعد ما يكون عن الايمان المسيحي، وانما تستهدف ضرب الكنيسة المحلية التي لها جذور عميقة في هذه الأرض وطمس الهوية المسيحية للمسيحيين."
واذا استبدلنا كلمة "تبشيريا" بكلمة "دينيا" فنجد أن هذا الكلام ينطبق على نشاط نداف ومجموعته التي يعمل على ضرب الكنيسة المحلية، والكنيسة تعني ليس البناء أو رجال الدين فقط بل جمهور المؤمنين، وطمس الهوية العربية للمسيحيين، فهو سبق أن أدان نفسه بلسانه. ومن خلال تحركات مشبوهة كهذه تعمل على التفسيخ والتشرذم تتسلل العصابات اليهودية العنصرية الى الأديرة والكنائس لحرقها والعبث فيها. ومن ناحية أخرى سكوت رئاسة الكنيسة الأرثوذكسية وخاصة البطريرك عن ممارسات هذا الكاهن، وعدم تجريده من ثوبه الكهنوتي وعزله عن الكنيسة انما يزيد من حالات الانقسام والتشرذم وبالتالي تشجع المعتدين.
صحيح أن لجنة المتابعة العليا أقرت وتعمل حاليا مع عدة أطر وهيئات على اقامة مؤتمر وطني عام، للتصدي لمحاولات سلخ المسيحيين وتجنيدهم وتبنت مظاهرة أم الفحم، لكن تلك الأعمال يجب أن يرافقها عمل ممنهج ودائم، كما أنه يجب الالتفات الى جمهور الشباب الذي يموج غضبا وحيرة ولا يجد له السبيل للوصول الى شاطيء السلامة. وأود الاشارة مرة أخرى الى ضرورة أن تقوم الهيئات الكنسية والمجالس العلمانية في الكنائس الى اتخاذ خطوة عملية للرد والتعبير عن الغضب الكبير، واطلاق صرخة حقيقية في وجه السلطات الاسرائيلية، كأن يعلن عن اعتصامات محلية في كنائس رئيسة في البلاد، أو يعلن عن اغلاق الكنائس والأماكن الأثرية في وجه السياح مع ايصال رسالة لهم توضح أسباب هذه الخطوة كي نقلوها الى بلدانهم، كما يمكن تنفيذ اضراب صامت ولو لمدة خمس دقائق في المدارس الأهلية، ويمكن للمتابعة أن تتبنى هذه الخطوة وتعميمه على جميع المدارس العربية في البلاد.
لا يمكن الركون بعد اليوم الى "جهود" الشرطة أو تصريحات مسؤوليها الناعمة والمؤكدة على "حرص" الشرطة وغيره من التعابير الممجوجة، كما لا يمكن الاطمئنان الى وعود رئيس الحكومة نتنياهو، وهو الذي سارع الى منح حمايته الشخصية لنداف وتقديم كافة التسهيلات له من أجل ضرب وحدة المسيحيين والعرب في هذه البلاد، ولا يمكن القبول بعد بأن يتم لفلفلة القضية والاعلان عن مهدد المطران مار كوتسو والمسيحيين العرب بالقتل والترحيل، بأنه "مختل عقليا" كما سبق الاعلان عمن اقتحم كنيسة البشارة وأقدم على اضرام النيران في المسجد الأقصى.
(شفاعمرو- الجليل)
[email protected]
أضف تعليق