هو، مهندس محترم في الخمسينات من عمره، جمعتنا مهمة مهنية مشتركة. أدركت بعد مدة صغيرة أن أفكاره صادمة بالنسبة لي، تماما كما قد تكون أفكاري صادمة بالنسبة إليه.مثلا، كالكثيرين غيره، وجدته يبرر التحرش الجنسي. أقبل الاختلاف في الرأي، لكن تبرير الجرائم ليس اختلافا في الرأي. هو جريمة أخرى نمارسها في حق الضحية.

أن أعطيه الأرقام والإحصائيات في العالم، أن أذكّره بكمّ الاعتداءات الجنسية على الأطفال وعن كونها لا تختلف في جوهرها عن التحرش لأنها تُعبِّر عن عدم قدرة على التحكم في الغرائز... لا شيء من هذا كان مجدٍ.

منذ بضعة أيام، تذكرته وأنا أتجول على كورنيش الدار البيضاء. رأيت هناك إعلانا للملابس الداخلية الرجالية، يصور رجلا جذابا بملابس داخلية لَصِيقة بأعضائه الحميمية. لا أنكر أن الصورة كانت مثيرة. ضحكت من ذلك.

الكثيرون يعتبرون إعلانات الملابس الداخلية النسائية مثيرة، لكن لا أحد اليوم يتحدث عن هذا الإعلان. منظورنا للأخلاق ذكوري في النهاية.

المشكلة أن النساء أنفسَهن يرفضن الاعتراف بأن صورا كهذه تحركنا، تماما كما تُحرك صورُ النساء الجميلات الرجال.

حين أقابل مثلا رجلا أنيقا يفتح أزرار قميصه ليكشف عن صدر مغرٍ، سأكون كاذبة إذا قلت بأن ذلك لا يحرك فيَ أي إعجاب. لكن، ولأني إنسانة متحضرة، فأنا لا أرتمي عليه كالحيوان. قد أعبر عن إعجابي بشكل حضاري، وقد أحتفظ لنفسي بذلك الإعجاب.

وهنا الفرق، مُخطئ من يتصور أن للرجل غرائزَ أقوى من المرأة. هي فقط التنشئة الاجتماعية ما يصنع الفرق.

حدثني زميلي عن رحلته إلى بلد أجنبي، وكيف أن سائق التاكسي أزعجه باقتراح خدمات مهنيات جنس. قلت باستفزاز لئيم: "لا بد أنه رأى في تصرفاتك أو ملبسك أو طريقة كلامك، ما يوحي بأنك تبحث عن علاقة جنسية؟"، غضب من كلامي.

لكن، أليسوا هكذا يبررون لنا الجريمة التي نتعرّض لها يوميا، بل ويحملوننا مسؤولية ذلك؟ فَلْيَذُق، ولو أحدهم، معنى أن تكون مسؤولا عن جريمة، أنت في الواقع ضحيتها... 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]