وآحسرتاه على الكويت!!.
ففي الوقت الذي يترقب فيه العالم كله الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة، والذي بات يوماً مشهوداً في العالم كله، أكد رسوخ وأهمية ومكانة الصحف في حياة الأمم والشعوب، اذا بنا في الكويت نحتفل ليس بحرية الصحافة، وبمنحها مزيداً من الحريات، بل باغتيال هذه الحرية علناً وعلى رؤوس الأشهاد ومن دون احترام لدستور أو لنضال شعب بأكمله دفاعاً عن حريته!!.
هذه المناسبة العالمية التي تحل في 3 مايو المقبل والتي لا يفصلنا عنها سوى أيام قلائل، يجب ان تخجل أعداء حرية الصحافة والمطبلين والمهللين لوأد الحريات باغلاق الصحف وملاحقة وسائل التواصل الاجتماعي.
٭٭٭
بحلول ذلك التاريخ (3 مايو) سيكون قد انقضى على تخصيص الأمم المتحدة ذلك اليوم يوماً عالمياً لحرية الصحافة، عقدان من الزمان.. ولكن بينما يحتفل العالم كله باليوم نسدل نحن ستائر الحزن والآسى، وتتشح صحافتنا بالسواد، لأننا نكون قد أغلقنا صحيفتين تقريباً هم «الوطن» العريقة.. و«عالم اليوم» ثمرة قانون المطبوعات الجديد!.
بينما سيحتفل العالم بالصحافة ويوقد الشموع، نسقط نحن في الكويت بين مطرقة اللاحيادية وسندان الأهواء.. وهنا لا عزاء للسلطة الرابعة، التي كان واجباً ان ينظر اليها المجتمع الكويتي على أنها من أشد السلطات وأقواها ومبعث فخر لشعب الكويت كله، خاصة انها على مدى العقود الماضية كانت متميزة جداً، ان لم تكن متفوقة على نظيراتها العربيات!!.
٭٭٭
يأتي الاحتفال اليوم، وصحيفة «الوطن» العريقة مغلقة بموجب قرار النائب العام بعدم الخوض في قضية «الأشرطة».. فهل من المعقول ان تغلق صحيفة بسبب مقالين تناولا الجوانب السياسية فقط من القضية!! حيث استند السبب لغلق الصحيفة بسبب هذه المقالات بحكم مستعجل وليس بحكم قضائي نهائي بات يقدر هذه الوسيلة في المعرفة ونقل الرأي والمعلومة في عصر أصبحت فيه مثل هذه المعلومات أهم من أي شيء آخر؟!.
علماً بأن المادة 75 من قانون الاجراءات الجزائية تتعلق فقط بمسألة جواز حظر سرية التحقيقات فقط.. بمعنى ان مجريات التحقيقات في هذه القضية لا تمتد الى لحظر النشر عن الواقعة!.
وهذا النص يتعلق «بمظلة حرية التعبير» المكفولة دستورياً، ذلك ان الواقعة محل التحقيق لها جوانب مختلفة سياسية واجتماعية، لكن المعنى المقصود هنا هو الامتناع عن التدخل قضائياً في المعروض امام القضاء، اما الحظر الذي تم عن طريق قانون رقم 2006/3 قانون المطبوعات والنشر سيء الذكر في المادة (15) هو قانون يتخالف مع نص دستوري لأنه أصاب عقوبة دون تحقيق او دون دفاع الطرف الآخر عن نفسه، وهذا ما يتعارض مع شرعية القانون.. لكن السؤال هنا: هل أصبحت الكويت دولة مرتعدة، أو مذعورة او تخشى الحرية؟!.
٭٭٭
هل اليوم الخوف من مجرد رأي، أو من معلومة تنقلها اليوم التكنولوجيا العملاقة التي أصبحت الآن متاحة للجميع الصغير والكبير.. المسؤول ورجل الشارع البسيط.. لتعلموا أنه في ظل ثورة المعلومات وشفافيتها وسرعة تداولها، فان هذا الاجراء لن يحقق لكم أهدافكم، وانما سيفتح عليكم أبواباً من السخط، ورغماً عن ذلك سيتم تداول ما تريدون منعه وإخفاءه، وبكل وسائل التواصل والمعلومات المتاحة!!.
٭٭٭
لا يجوز اليوم ان تهدد حرية التعبير ولا ان يفرض على أحد ان يصمت أو يسكت، الا بقوة القضاء، ثم ان هذا العمل نفسه الخوض في قضية «منظورة أمام القضاء» لا تتعلق بعمل خطير او سر حربي.. بل هي تتعلق فقط في قضية سب وقذف، تقدم بها رئيس مجلس الأمة (السابق) وفيها شهود، لا يتعدى الأمر ما هو أكثر من ذلك، لكن ما تتطلعون الى تحقيقه، من اسكات الأصوات المعارضة لكم.. انما هو أمر مخالف للدستور الذي هو أساس الحريات، والذي يراد تنقيحه لمزيد من الحريات وليس لمصادرة الحريات، ومن ثم فلا يجوز مطلقاً ان يصل الأمر بأي جهة كانت الى التحريض على وسائل الاعلام التي هي وجه آخر من وجوه الحريات والديموقراطية التي قد تكون الملاذ الأخير للمواطن، لكشف أي مستور واظهار أي حقيقة غائبة أو مغيبة، والمواطن من دون أي وصاية عليه، هو وحده من يستطيع ان يميز بين الغث والسمين في المضمون الذي تقدمه اليه هذه الصحف، وبامكان أي من الأطراف المتضررة كما تشاء ان تقوم باثبات زيف المعلومات التي تبثها الوسيلة الاعلامية وذلك بطرق متنوعة، لكن ليس من بينها تقييد حرية هذه الوسيلة وحجبها واغلاقها ومنع القارئ من حقه في استقاء المعلومات ممن يشاء، فهذه للأسف سمة من سمات الدول الديكتاتورية، ونحن والحمد لله طوال العقود السابقة نتمتع بهامش حرية يميزنا عن دول اخرى فيجب ان نثق بالمجتمع واختياراته.
٭٭٭
أما وزارة الاعلام، ففي – تقديري، وقد أعلنت هذا مراراً - انه لا فائدة ترتجى منها، فان العصر الفضائي الذي نعيشه قد أطلق عليها رصاصة الرحمة!!.
نحن اذن بانتظار ان يراجع الكل مواقفهم، وأن ينظروا الى الجانب الذي يقفون معه، وهل هم مع حق التعبير ام ضده، هل هم مع الحقيقة ان عكسها.. هل يقبلون ان يكون معيار القرار واحداً، والمسطرة واحدة، أم يفضلون معيارا انتقائيا يتبع الأضواء ويفتقر الى الحيادية ويخدم طرفاً ضد آخر، ما يفضي حتماً الى ظهور دولة القمع، من دون ان يكون للقضاء كلمة أو قرار، فهي اذن لحظة مصيرية ولحظة اختيار.. فما يواجهنا الآن هو مصاب بكل تجلياته، وسيحترق بها ويكتوي بنارها أول الساعين الى اشعالها!!.
٭٭٭
جانب مشرق.
.
أبارك للأخت أبرار الصالح حصولها على شهادة البرنامج القضائي الأمريكي، وهي هنا تستحق التهنئة مرتين، الأولى لأنها كويتية وممثلة لدولة الكويت في البرنامج، والثانية لأنها كانت المرأة العربية الوحيدة بين ممثلي 18 دولة من مختلف دول العالم التي شاركت في البرنامج.
كل التهنئة للمرأة الكويتية التي تثبت يوماً بعد آخر تميزها على كل الأصعدة، ونحن ننتهز هذه الفرصة لنتقدم للأخت ابرار بالتهنئة ونتمنى لها كل التوفيق، وأن نراها في موقع قيادي يتناسب مع امكانياتها العلمية والفكرية في المجال القضائي.
.. والعبرة لمن يتعظ!!.
[email protected]
أضف تعليق