لم تكن يوما أمريكا وسيط نزيه أو محايد في علاقاتها مع العرب وبالأخص الفلسطينيين عندما يتعلق الأمر بمصلحة الدولة العبرية ,حتى وان حاولنا أن نخدع أنفسنا بالمسميات والألفاظ إن الأمريكان طرف مدافع وحارس لمصالح هذه الدولة التي اغتصبت حق شعبنا ولم يردعها قانون إنساني أو دولي بل اعتمدت في عدوانها على "الفيتو" الأمريكي الذي يحصنها ويجعلها فوق كل قانون ,فلا تأتي اليوم كيري وتهددنا بالمفاوضات التي تشكل علينا عبء أكثر مما جلبت لنا من منافع فأنت طرف ولست وسيط .

الثورة الفلسطينية لم تحظى يوما باهتمام أو إعجاب العالم الغربي و تحديدا الأمريكان الذين كانوا ولازالوا يصنفوا ثورتنا ونضالنا لنيل حقوقنا المغتصبة على قوائم الإرهاب الدولي ولا ينظرون لتجاوزات الدولة العبرية بحق الإنسان الفلسطيني الذي تسرق أرضه وما على وجهها وما في باطنها وتنتهك سماءه ويحرم من كل حق له ويعذب في سجون المحتل ويقتل أطفاله ويهاجم مدنيه بأعتى آلة عسكرية أمريكية ويحرم من كل حقوقه الإنسانية
ويجوع ويحاصر بجدار العزل العنصري ,ولم يكن قبولنا بكيري الأمريكي ترف اختيار أو عشق قديم بيننا ,لكنه تردي الحال العربي وسياسة القطب الواحد التي فرضها علينا الواقع .

رحم الله الزعيم القومي جمال عبد الناصر حين قال " ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة " لم تؤمن إسرائيل الدولة الاستيطانية بالسلام يوما ولم تقر بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير ولم تدخل في عملية السلام إلا وفق تكتيك مرحلي أرادت من خلاله استنزاف الحق الفلسطيني وتخفيض سقف الطموح في استرداد حقوقه بسلاحه ,آملة أن تجد بين قيادات الشعب الفلسطيني لحديين جدد يقبلون بملء بطونهم وأسرتهم لكنها تفاجأت بان الشعب الفلسطيني يدرك ما يريده جيدا ويتحرك عندما يتحتم عليه التحرك ولم تستطع تحويله إلى جثة هامدة لا حياة فيها ,وحتى لو وجدت هؤلاء اللحديين التي كانت تطمح بهم سيكون مصيرهم مصير روابط القرى ولن يجرؤ أي كان على تخفيض سقف المطالبة الفلسطينية إلى أدنى ما هو موجود الآن من فلسطين التاريخية إلى قرار التقسيم ومن قرار التقسيم إلى حدود الـ67 كاملة والآن نتحدث عن قدس شرقية مع إمكانية لتبادل أراضي ....

كيري إن المفاوضات التي تهدد بالانسحاب منها لم تعد مطمح أو مغنم للشعب الفلسطيني الذي بات في معظمه غير معول عليها وبات على يقين بان إسرائيل تريد كل شيء ولا تريد أن تعطي أي شيء ,بل أن هناك قطاع عريض من الشعب الفلسطيني ممن كان مؤمن بإمكانية حدوث السلام بات يرى في هذه الكلمة سخافة حقيقية في ظل استمرار الدولة العبرية في مشاريعها التهويدية والاستيطانية ,فلا تهددنا بما هو في مصلحتك ومصلحة الدولة العبرية اذهب وحدث إسرائيل عن السلام الذي لا تعرف معناه أقنعها بالتخلي عن أحلامها التوسعية ووقف نهب الأرض وتدنيس المقدسات وسرقة الماء وبناء الجدران وجلب الغرباء ليعيشوا في الأرض الفلسطينية أقنعها بكف يدها عن الشعب الفلسطيني وان تتوف عن حلم طرد العرب من أراضيهم أقنعهم بكف الحديث عن "يهودا والسامرة " التي تنطق بكل سم فيها بالعربية .

كيري أنت من تجني الثمن ودولتك من استمرار هذه المفاوضات التي تجعل منك القوي المسيطر على المنطقة والمقرر في شئنها وانك صاحب اليد الطولى رغم هزائمك المتلاحقة في العراق وأفغانستان وحديثا في سوريا وجزيرة القرم فأنت من يسحب البساط من تحت قدميك وعليك أن تعيد التفكير وليس نحن الفلسطينيين وان السلام المعروض على الدولة العبرية فرصة لها لن تتكرر إما أن تغتنمها وإما أن ترفضها وفي ذلك خير للشعب الفلسطيني , ولا تهددنا بمزيد من معاناة نحن نعيشها أصلا وأصبحت جزء لصيق من حياتنا بسبب الاحتلال وممارسته التي لم تتغير .

قيادتنا الفلسطينية واخص منها القيادة المنعزلة ,عليكم أن تنفضوا الغبار عن مؤسسات الثورة وتقوموا لتصنعوا المجد ولا تظنوا أننا في موقف هزيل أو ضعيف بل نحن أقوى من أي وقت مضى وما نحتاجه فقط هو لحمة وطنية ببرنامج حقيقي وواقعي نلتف حوله ,وعلينا أن نركب قطار التغيير الحادث في المنطقة ونستغل مراكز القوى التي تتشكل في العالم ونعيد أنفسنا إلى خارطة التأثير في القرار العربي والدولي وعليكم تذكر أن الثورة الفلسطينية كانت قادرة على إدخال دول في عزلة عن العالم أو إخراجها من هذه العزلة وهناك توجه واضح لدى عدد من الدول في المحيط ترغب بشدة في صنع خارطة سياسية جديدة فلم لا نكون جزء من المعادلة بما يخدم مصلحتنا الوطنية الفلسطينية ويخرجنا من زاوية الوحدة والضغط الأمريكي الإسرائيلي الذي يصب على رأس القيادة الفلسطينية .

قيادتنا انه زمن القرارات الشجاعة والجريئة ,رهاننا على شعبنا وأنفسنا فهو قوتنا ,وعلينا ألا نهادن فيما هو حق لنا وان لا نخضعه للمساومة ,فإذا كان من حقنا الانتساب للمؤسسات الدولية فلننتسب إليها ,وما يتبع ذلك من استحقاقات لنا ينظر فيه حسب مصلحة شعبنا ,وعلى الجميع التخلي عن الأنا العليا والأنانية الحزبية والتفكير كشعب وما هو في مصلحة هذا الشعب وان تتذكر كل هذه الفصائل أنها وجدت من اجل هذا الشعب وليس من اجل نفسها أو أفرادها .

الصحفي رمزي نادر 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]