لا أعرف حقيقة، أصل القول "ملأ فمه ماء" أهو عربيّ أم أعجميّ، ولكني وبغض النظر أراه أكثر الأقوال تعبيرا عن تعامل الإعلام معنا في محاكمات التواصل، وقد ملأ ت بعض وسائل الإعلام الإقليميّة والمحليّة العبريّة والعبريّة الناطقة بالعربيّة وبعض العربيّة المحليّة أفواهها ماء، وفي الكثير من الأحيان آسنا، لم يُتح لها تغطية المحاكمات.

منذ انطلاق مشروع التواصل مع الدول العربيّة "العدوّة" وفي مقدمتها سوريّة، زارها الآلاف بموافقة المؤسسة الإسرائيليّة وبدون موافقة، وزارها الكثير من الشخصيّات السياسيّة بموافقة وبدون موافقة. دعونا الآن من أولئك الذين تمّت الموافقة لهم علنا أو ضمنا، ولكن الكثيرين لم تتم الموافقة لهم وبضمنهم المُحاكَمين اليوم.

ارتأت المؤسسة أن تقدّم للمحاكمة بهذا الجرم العظيم، فقط ستة عشرة شيخا من العرب الدروز من رئاسة وأعضاء لجنة التواصل مع كاتب هذه السطور ، وجرمهم أن زاروا سوريّة "العدوّة" وبعضهم كذلك لبنان "العدوّ"، وكاتب هذه السطور يُحاكم أضافة بجرمِ مساعدة المشايخ (علما انه وابتداء من ال2007 لم تقتصر مساعدته في الزيارة على المشايخ العرب الدروز وإنما ساعد كل من زار من أبناء شعبنا من كل الشرائح)، وكذلك يُحاكم على التقاء شخصيّات سياسيّة من كارهي إسرائيل (بالعبريّة: سونئي يسرائيل)، خصوصا وأن غيره من الشخصيّات السياسيّة التي زارت تلك الدول التقت مع "أحباء صهيون" و"خيّري أمم العالم" (بالعبرية: حسيدي أوموت هعولام) الذين حموا اليهود في وجه النازيّة !.

كما لله في خلقه شؤون ( وبعيد الشبه) لإسرائيل في "مواطنيها" شؤون وهذا نفهمه، فقد دأبت وسائل الإعلام العبريّة ومنذ اللحظة الأولى لبدء المحاكمات، على ملء أفواهها بالمياه الآسنة، وإن استغربنا بداية إلا أننا ما فتئنا أن أدركنا أن مصدر المياه الآسنة هو تعليمات صدرت صارمة لها من الجهات المختصّة حفظا لأمن إمبراطوريّة إسرائيل وحفظا لماء وجوه بعض الوجوه من أزلامها.

وفهمنا أيضا أن الفضائيّات الإقليميّة الثوريّة (!) ملأت أفواهها ومن نفس المستنقع، خصوصا وأن المحاكمات تدور حول التواصل مع سوريّة ولأناس يدعمون سوريّة في تصديها لعدوان أسيادهم، وتدور في عزّ هذا العدوان. ولولا قناة الميادين والفضائيات السوريّة ربّما لم يعلم أحد إقليميّا عن هذه المحاكمات الجائرة.

ولكن ما لم نفهمه ولن نفهمه هو التجاهل الكليّ أو الاستحياء عند غالبيّة وسائل الإعلام العربيّة المحليّة من تغطية المحاكمات بما تستحق صحافيّا ووطنيّا، اللهم إلا صحيفة الاتحاد وبعض المواقع الالكترونيّة التي دأبت على نشر أخبار المحاكمات تباعا.
بقيّة الوسائل إمّا تجاهلت كليّا وإما غطت الأمر لماما لأنه على ما يبدو لا تسري عليها القاعدة الصحفيّة "كلب عضّ آدميا ليس خبرا ولكن آدميا عض كلبا فهذا خبر (!)".
الأمر لم يقتصر فقط على التعامل الإعلاميّ وإنما أيضا على التواجد التضامني والذي تراوح ما بين الغياب الكليّ للبعض والحضور الجزئي للبعض الآخر، قياديّا وجماهيريّا.

نقول هذا الكلام لأن الساحة شهدت خلال هذه الفترة محاكمات لقيادات عربيّة وإن في سياق آخر، ورأينا طريقة التعامل إعلاميّا وتواجديّا.
نحن لا نطلب التغطية أو التواجد في كلّ جلسة (عند الناس أشغال وصفحات وسائل الإعلام ودقائقها غالية) ولكن على الأقل تغطية الجلسات الأساسيّة، كجلسات إصدار القرارات مثلا أو جلسات إدلاء رجال "الشاباك" وضباط الشرطة الكبار لإفاداتهم، أو حتى جلسات إدلاء المتهمين لإفاداتهم.

لم تجر أية جلسة دون أن سبقها إصدار بيان وزع على كل وسائل الإعلام، فلا يدعينّ أحد انه لم يعلم إلا إذا كان "يدلّت" من (delete) ما يصله منّا بمجرّد أن يرى اسمنا وعن سبق إصرار وترصّد، هذا إن لم يكن "أسبمنا" من (spam) أصلا !

مثلا، في ال6 من هذا الشهر نيسان ال2014 ستصدر المحكمة قرارها بموضوع الإدانة في محاكمة كاتب هذه السطور ومن المتوقع أن يُدان، وإن غدا لناظره قريب. في ال18 من كانون أول الفائت 2013 أدانت المحكمة المشايخ ورأينا بأم العين الحضور الإعلامي والجماهيري وعلى من اقتصر، وفي ال20 من أيار ستبحث المحكمة العقوبات التي ستفرضها على المشايخ، وإن غدا لناظره قريب.

حقّنا أن نسأل: لماذا ؟؟؟!!!
حقّنا أن نسأل: ما المطلوب منّا أن نستنتج ؟؟؟؟؟!!!!!
 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]