القمة العربية الراهنة تأت في لحظة سياسية صعبة عربيا واقليميا ودوليا، رغم ذلك إحتلت القضية الفلسطينية مكانتها واولويتها في سلم الاهتمام العربي الرسمي، بعد التراجع النسبي للملف السوري وملفات دول الربيع العربي، وبعد إعادة الاعتبار للزعامة العربية الرسمية مع تلاشي الدور القطري، وسقوط حكم الاخوان في مصر، وتراجع مكانتهم في تونس وغير مكان من دنيا العرب.
التوصيات ، التي تبناها وزراء الخارجية العرب حول القضية الفلسطينية تعكس الاهتمام الواضح بفلسطين، كقضية مركزية، لا سيما وانها إتخذت أكثر من بُّعد، فعلى الصعيد السياسي، لوح مجلس وزراء الخارجية باستخدام ورقة مبادرة السلام العربية، لجهة سحبها مجددا،وايضا اعلنوا مجددا رفضهم للاعتراف ب"يهودية " الدولة الاسرائيلية، مع انهم أخذوا علما بان الولايات المتحدة، لم تعد تعتبر شرط نتنياهو التعجيزي شرطا ملزما على الفلسطينيين، واكدوا على ان القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية، في حال واصلت دولة التطهير العرقي الاسرائيلية إعتداءاتها الارهابية على ابناء الشعب الفلسطيني، وعلى المقدسات الاسلامية والمسيحية وخاصة المسجد الاقصى؛ وهو ما يعني، ان القادة العرب، لم يعودوا مستعدين للصمت عن عمليات الذبح والتبديد لعملية التسوية السياسية وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وهو تلويح يحمل ضمنا ملامح اللحظة السياسية الجديدة، بتعبير آخر، ان اهل النظام لديهم القدرة واليد الطولى في إستخدام اوراق القوة المتوفرة بايديهم.
كما ان العرب أعلنوا إلتزامهم بضمان وتأمين شبكة الامان الماليةالمقدرة ب(100) مليون دولار شهريا، فضلا عن الالتزامات المتعلقة بصندوق القدس والاقصى. فضلا عن دعمهم للمصالحة الفلسطينية.
الموقف العربي الرسمي من حيث المبدأ يعتبر خطوة إيجابية، لكن السؤال، الذي يطرح نفسه بشكل دائم، هل القرارات العربية الرسمية، ستجد صداها في الواقع العملي؟ وهل العرب مستعدون لاستخدام اوراق القوة العربية بشكل فعلي للضغط على الولايات المتحدة وحكومة نتنياهو الاسرائيلية؟
لم تأت الاسئلة من فراغ او شكلا من اشكال التطفل والتزيد الفلسطيني لتحميل العرب ما هو فوق طاقتهم، بل جاءت من واقع عاشوه طيلة العقود الماضية، حيث لم يعد إتخاذ هذا القرار او ذاك معيارا للطمأنينة الفلسطينية، بانه سيأخذ طريقه للتنفيذ، لاسيما وان ادراج وارفف وفلاشات وسيدهات الجامعة العربية مليئة بمئات والاف القرارات، التي لم تر النور حتى الان. وبالتالي يأمل الفلسطينيون ان يقرن الاشقاء العرب قراراتهم بالفعل والتطبيق على ارض الواقع، كي يطمئنوا للحظة، بأن القرارات العربية لم تتخذ للمجاملة وتزوييق البيان الرسمي الصادر عن القمة، بقدر ما هي متخذة ومعتمدة للتنفيذ.
آن الاوان لان لبلورة سياسات واليات عمل عربية مختلفة نسبيا عما كانت عليه الحال في المرحلة السابقة لاعادة الاعتبار لمؤسسة القمة العربية، وروح الاخوة القومية، وإشعار العالم أن العرب موجودون، ولهم مكانة وثقل في النظام الاقليمي والدولي.
[email protected]
أضف تعليق