لم يمر طويلا على انسحاب الاعلامي الفلسطيني عبد الباري عطوان من صحيفة "القس العربي" ، حتى قلب المسؤولون الجدد للصحيفة ظهر المجن على الخط القديم للصحيفة ، وتحولت الى منبر معاد لمحور المقاومة الممتد من ايران الى لبنان مرورا بالعراق وسوريا، وبوقا للدفاع عن الخط الطائفي الفتنوي الانبطاحي للرجعية العربية وفي مقدمتها الانظمة الخليجية وعلى راسها حكام ال سعود وال ثاني وال خليفة وباقي الالات.

فلا يمر حدث في منطقتنا ، الا وتؤطره صحيفة القدس العربي ، في الاطار الطائفي المقيت ، وكأنها جندت لمهمة قذرة تتمحور حول الدفاع عن الانظمة الرجعية الطائفية المتعفنة وعن العصابات والزمر الارهابية التي شوهت صورة العرب والمسلمين، لا لدى الراي العالمي فحسب بل حتى لدى الراي العام العربي والمسلم.

وفي إطار الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية للتصدي للارهاب القادم من الصحراء، والذي يدفع العراقيون بسببه ومنذ اكثر من عشر سنوات، الف شهيد او اكثر كل شهر، عقدت الحكومة العراقية مؤتمرا دوليا لمكافحة هذه الافة الخطيرة التي تفتك بالمجتمع العراقي، الا انه وعوضا عن الوقوف مع هذا الاجراء الذي قد يساهم في وقف نزيف الدم العراقي، فإذا بصحيفة القدس العربي، بعد إن اشتراها الشيطان وفي اطار المهمة الجديدة التي انتدبت لها، لم تمر من امام هذا الحدث الهام دون ان تنفث فيه من سمومها الطائفية، وتشكك بكل جهد يمكن ان يجفف منابع الارهاب ويعيد البسمة لوجود العراقيين التي سرقها التكفيريون والعصابات الارهابية القاعدية.

ففي 13 اذار مارس الحالي اتحفتنا صحيفة القدس في عمود "رأي القدس"، مقالا لا نشك ولو لثوان ان كاتبه اما بعثي صدامي او تكفيري حاقد او مرتزق باع شرف الكلمة لحفنة من الدولارات. المقال يقطر حقدا طائفيا وضغينة مرضية ضد الغالبية العظمى من الشعب العراقي، وضد المسلمين الشيعة بشكل عام، كما اُتخِم المقال باكاذيب ومزاعم واهية لاتوجد الا في عقلية مريضة وحاقدة كعقلية كاتبه.

من بين الاكاذيب والاحقاد الفاضحة التي ترشحت من كاتب هذا المقال على الورق نقرأ: " تقوم حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعقد مؤتمر ضد الإرهاب، فيما يستخدم جيشه أساليب النظام السوري الإرهابية في إنهاء الحراك السلمي والمدني باستهداف المدن وحصارها وإجبار أهاليها على النزوح" ..."أن الإرهاب، بمعناه الشموليّ الفظيع، هو إرهاب الدولة على طريقة ستالين وهتلر وماو تسي تونغ… على المستوى العالمي، وحافظ الأسد ومعمر القذافي ونوري المالكي، على المستوى العربي"... "المالكي الذي يكافح ‘الإرهاب’ هو نفسه الذي يشرف، من مناصبه التنفيذية والدفاعية والأمنية، على 12 ميليشيا طائفية مسلحة تعيث الفساد في العراق وسوريا (وتتحرّش إحداها بالسعودية التي يتهمها بالإرهاب"..."هو نفسه (اي المالكي) الذي يسمح بمرور الأسلحة الإيرانية إلى هناك(سوريا) ، برّاً وجوّا، في خرق واضح لقرارات الأمم المتحدة"..." أما تحفة المالكي في مكافحته للإرهاب العالمي فهي اختياره وزير نقل حكومته مهدي العامري، زعيم أحد أشرس هذه الميليشيات (فيلق بدر)، والتي هي نظير تنظيم ‘داعش’ الشهير في أفعالها"..." في تدشينه لكفاحه ضد الإرهاب هاجم نوري المالكي السعودية وقطر (مكرّراً في ذلك خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، شريكه في الكفاح ضد الإرهاب)"..."لعلّ المقصود من هجوم المالكي على دول الخليج (الفارسي) هو تأطيره ‘الإرهاب’ المزعوم في اتجاه التنظيمات السنّية المسلّحة وحدها بدلاً من توزيع ‘المجد’ الإرهابي بالقسطاط على تنظيمات الطائفتين الكريمتين فتتسابق ‘داعش’ مع ‘فيلق بدر’ و’النصرة’ مع ‘عصائب أهل الحق’ و’الشباب’ مع ‘كتائب أبو الفضل العباس".

لم نكن بصدد ان نرد على هذا الهذيان لولا رغبتنا في تحذير من لازال ينظر الى الصحفية وكانها على ذات الخط الاعلامي السابق، ولفضح الخط الخبيث للصحيفة بعد ان ابتعلتها دولارات النفط القذرة.

اولا، تكرر الصحيفة عبارات؛ الارهاب المزعوم، وتحت ذريعة الارهاب وامثالهما، وان الارهاب الحقيقي هو ارهاب المالكي والاسد، وهو ما يكشف موقف الكاتب والخط الجديد لصحيفة القدس العربي من الارهاب ومن داعميه ومن مناهضيه في الوقت ذاته.

ثانيا، المحاولة البائسة التي يقوم بها الاعلام البترودولاري بزعامة قناتي "الجزيرة" (القطرية)و " العربية" (السعودية) لاظهار ارهاب القاعدة والعصابات التكفيرية السلفية في الانبار على انها انتفاضة شعبية، وان الجيش العراقي يقمع "السنة" لكونهم "سنة" فقط ، وتكرر ذلك من قبل "القدس العربي" بشكل غبي، دون ادنى اشارة للرفض الواسع لاهالي الانبار لتواجد العصابات التكفيرية في مناطقها، ودعوتها للحكومة في بغداد الى التدخل من اجل الحيلولة دون تدفق هؤلاء الغرباء الى مناطقهم.

ثالثا، الدفاع المستميت للمقال عن الانظمة الرجعية وفي مقدمتها النظام السعودي، المسؤول الاول والاخير عن انتشار السلفية الوهابية والقاعدة في العالم اجمع، الى الحد الذي اثار حتى حفيظة الولايات المتحدة، عبر التاكيد على ان المالكي لا يشكر السعودية ويشكك في مكافحتها للارهاب بينما، السكين السعودي مازالت تقطر من دماء العراقيين.

ويمكن ملاحظة حقد الكاتب على القيادتين العراقية والسورية حيث يشير وبالاسم الى حافظ الأسد ومعمر القذافي ونوري المالكي، على انهم مارسوا الارهاب ضد شعوبهم، بينما يتجاهل وبشكل ملفت، السفاح المقبور صدام حسين صاحب اسود سجل لحاكم عرفته منطقة الشرق الاوسط منذ قرون، كما لا ينبس ببنت شفه عن الانظمة الرجعية القبلية التي تحكم باساليب القرون الوسطى كما في مملكة ال سعود وال خلفية وباقي المشايخ الاخرى.

رابعا، يحاول كاتب المقال ان يضع الجلاد والضحية في خانة واحدة عندما يذكر اسماء بعض التنظيمات العراقية والسورية الى جانب ابشع العصابات التكفيرية من امثال داعش والنصرة، ويظن ان القارىء سيصدق ما يقوله، او سيقلل من وحشية من انتدب للدفاع عنهم، بينما العالم كل يعلم ان منظمة بدر، تضم رجالا قارعوا اعتى دكتاتورية عرفها العراق في تاريخه القديم والحديث، وهذه الدكتاتورية تبدو انها محببة الى قلب كاتب مقال صحيفة القدس العربي. فلو كانت منظمة بدر التي وصفها الكاتب بانها الاشرس بين التنظيمات التي ذكرها، ولو كانت 12 منظمة يقودها المالكي شخصيا كما يقول المقال، ولو كان الجيش العراقي، الذي يصفه الاعلام المسعدن والسعودي بقوات المالكي، ولو كانت ايران بحرسها الثوري وقوتها الجبارة موجودة في العراق، لو كان كل هؤلاء موجودين في العراق بالاضافة الى 65 بالمائة من الشعب العراقي، لماذا ياترى يسقط منهم كل شهر اكثر من 1000 شهيد ومنذ بضع سنوات؟ اذا كان كل هؤلاء عقدوا العزم على قمع "الانتفاضة السنية" !! و "السنة"!! ، كما ترى القدس العربي وباقي وسائل الاعلام العاملة في الحظيرة السعودية، ترى اين "الشهداء السنة" الذين يجب ان يسقطوا امام كل هذه الجحافل الجرارة من القوات والتنظيمات "الشيعية"؟!!، الا يجب ان يسقط في الشهر على الاقل عدة الاف؟ ولكن الحقائق على الارض تقول والاحصاءات الرسمية تؤكد، ليس هناك اي ضحايا بين ابناء الطائفة السنية في العراق. الا توجه هذه الحقائق صفعة مدوية على وجه كل اعلامي مرتزق كذاب ككاتب مقال صحيفة القدس العربي؟

ان دفاع صحيفة القدس العربي عن سياسة السعودية، التي كانت منذ ان زُرع الكيان السعودي في ارض جزيرة العرب، عامل تشرم وتفكك وفوضى وعنف ودمار، بسبب تفريخها للوهابية، الحاقدة على الحياة والبشر والشجر والحجر، حيث استخدام النظام السعودي الوهابية، لمقاومة كل تحرك يمكن ان يدفع بالامة الى الامام، فهي العدو، كما الصهيونية، لكل عناصر القوة في الامة، وتاريخها الاسود يشهد على معاداتها لحركة القومية العربية، و للرؤية الاسلامية المعتدلة للحياة، ولحركات المقاومة ضد العدو الصهيوني الغاصب للارض والمقدسات، والمناهضة لكل دعوة تقريب بين المذاهب الاسلامية، والتابعة الذليلة للسيد الامريكي، والمتواطئة منذ البداية مع توأمها الصهيونية العالمية.

ان النظام السعودي المنخور بالطائفية والتبعية، من اعلى رأسه حتى اخمص قدميه، لايمكن ان يكون صادقا في محاربته لظاهرة الارهاب لسببين رئيسيين؛ الاول ان الارهاب يعني الوهابية والوهابية تعني الارهاب ولايمكن تفكيكهما، فالعلاقة بين الاثنين كعلاقة الظل بصاحبه، ولا يمكن التخلص من الظل الا بعد التخلص من صاحبه. ثانيا، ان النظام السعودي الشاذ لا يمكن ان يستمر في الظروف الطبيعية، لانه يتعارض مع طبيعة الاشياء، لذلك لابد من توفر ظروف تسودها الفتنة والفوضى والاحتراب والنزاع الطائفي والتحريض على القتل، كما نشاهد الان في العراق وسوريا واليمن والبحرين وليبيا والجزائر وتونس والصومال ومالي وافغانستان وباكستان.

من اجل اشعال نار الفتنة، كما تريدها السعودية لابعاد اي خطر يهدد مصالح اسرة ال سعود، هي حاجة ماسة الى جيش عرمرم من الاعلاميين ومنابر اعلامية وفضائيات، تنفخ ليل نهار بنار الفتنة، لهذا السبب اشترت السعودية 80 بالمائة من الاعلام العربي المرئي والمسموع والمقروء منذ عقود، ويبدو ان آخر من دخل الحظيرة السعودية كان صحيفة "القدس العربي" التي تغير خط تحريرها 180 درجة بعد ان غادرها مسؤولها السابق عبد الباري عطوان، لتتلقفها السعودية وتستبيحها لمرتزقتها.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]