عشية الانتخابات، خرجت الجبهة بحملة دعائية خاصة، ظاهرها مناقشة وهجوم على المرشح المنافس، علي سلام، ولكنها، وفي الحقيقة، هي تحضير تبريرات وحجج لخسارتها المتوقعة. ولم تكتف الجبهة بما تبثه بالعربية في البيوت وفي اللقاءات الاجتماعية وفي البيانات والتصريحات الرسمية، وقامت باستكتاب صحفية في "يديعوت احرونوت"، التي نشرت مقالًا تبنت فيه دعاية الجبهة كاملة، مع فرق واحد، وهو ان "علي سلام" بالعبرية هو شخصية متطرفة خطيرة، وليس كما تصفه الجبهة بالعربية كمن "باع الوطن والوطنية".

تقول الصحفية، ياعيل جفيرتس، في مقالها بأن علي سلام هو مرشح الحركة الاسلامية الشمالية وتصفه بالمرشح "المتدين المتطرف"، ثم تفترض كما الدعاية الجبهوية بالعربية أن الليكود يدعمه وتتساءل لماذا يفعل الليكود ذلك، وتأتي الاجابة ايضا من المدرسة الدعائية للجبهة وهي أن نتنياهو يريد الناصرة ويريد من أسمتهم "عرب اسرائيل" أن يكون في صف حماس وحنين زعبي، ولهذا هو يريد القضاء على الحزب المعتدل الوحيد في الناصرة، الحزب اليهودي العربي.

بعدها تنبري جفيرتس للترويج لرواية الجبهة عن المحاكم وتستمر في اجترار نظرية المؤامرة، حيث تتهم "قوى كبيرة" غيرت قرار المحكمة وفرضت إعادة الانتخابات، والمستشار القضائي كان أيضًا برأيها جزءً من المؤامرة على الجبهة وكذلك الأجهزة الأمنية والقضاة والأحزاب. لم يبق طرف إلا وجرى استعداؤه لإكمال نظرية المؤامرة.
لعل اللجوء المهووس الى نظرية "المؤامرة" هو أكبر دليل على أن الجبهة مقتنعة بخسارتها وهي تبحث "بالسراج وبالفتيلة" عن مبررات. ولكن ينقص هذه النظرية وهذه المبررات أمر واحد ينسفها كلها، وهو أن عشرات الآلاف من مواطني الناصرة سيصوتوا ويحسموا الانتخابات، فهل هم متآمرون؟ وأين بالضبط اجتمعت هذه الجماهير الغفيرة لتحيك مؤامرتها السرية لإسقاط الجبهة؟

قال لي صديق بأن الجبهة ستمر بحساب عسير مع الذات وتستنتج النتائج وسيجري فيها تغيير داخلي عميق بعد الخسارة والفشل. وكدت أصدقه، خاصة وأنك لا تتعلم من النجاح بل تتعلم من الفشل. ونحن نريد للجبهة ليس فقط أن تفشل وأن تنتهي هيمنتها وتسلطها، المستمر منذ عقود، بل نريد لها أن تتعلم وتتخلص من القيادات البائسة ومن النهج المنفر والعنجهي. ولكن حين نسمع ونقرأ تفسيراتهم لفشلهم، ونرى أنهم باتجاه اتهام الآخرين بخسارتهم، ونشهد عودة "نظرية المؤامرة"، التي درج الحزب الشيوعي على اختراعها كلما احتاج لتبريرات، فإننا نستنتج بأنه لن يكون هناك حساب ولا مراجعة ولا نقد ولا تغيير. وبهذا تخسر الجبهة مرتين: مرة حين تفشل في الانتخابات والثانية حين تفشل في التعامل مع الخسارة.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]