كنا نأمل ونتوقع أن تكون النسوية عاملًا واقيا من التعصب الحزبي، ومن مخلفاته السلبية والمرضية، فهي وبحكم تعريفها تعول على التضامن النسوي العابر للاعتبارات المصلحية الضيقة. لكننا نصاب بخيبة أمل من ناشطات نسويات، يتقوقعن في الاطار الحزبي الضيق، حتى لو قام هذا الاطار بقمع وإقصاء النساء، وبمنع حتى مناقشة وتصويت عن قضية مثل تحصين مكان للمرأة في قائمة الكنيست.
كانت الأطر النسوية أول المتحمسين لنشاط النائبة زعبي البرلماني، فقد وُقِعَت العرائض من الناشطات والأطر النسوية من أجل دعم مشاريع قوانين النائبة زعبي الخاصة بالنساء، وتبادلت النائبة زعبي والأطر النسوية المعلومات حول وضع النساء، وقدّرت الغالبية العظمى من الأطر ومن الناشطات النسويات عمل النائبة زعبي. وفي حين مدت زعبي يدها للتعاون مع الجميع، نجد صوتا مستنكرا تحمله "نسويات" في جمعية نسوية كبيرة هي "نساء ضد العنف"، يحاول أن يعزي كل نجاح ومكتسَب للنائبة زعبي لنواب أخرين في الكنيست، صهاينة أو متصهينين، نستهجن كيف يجيّر إطار نسوي عربي من أجل خدمة مصلحة حزبية ضيقة، مستفيدا من قدرته على التحكم بموظفات وطواقم، ليقوم بإنكار دور النائبة زعبي بل والإفتراء عليه. علما بأن النائبة زعبي كانت أول المتعاونات مع هذا الإطار.
لقد مر قانون "تمثيل النساء في السلطات المحلية" تحت إسم حنين زعبي، لأنها أول من بادرت له، وهي التي طرحته من على منصة الكنيست بالقراءة التمهيدية والأولى، لكن موقع "الجبهة" بالإضافة لنسويات الجبهة، اللواتي يحملن من النسوية فقط ما تسمح به فئوية الجبهة وضيق أفقها، وإقصائها للآخرين، أنكرن وينكرن ما يعترف به الإعلام الإسرائيلي، المحرض الدائم على زعبي. وفي حين ينصف الإعلام العبري إنجازات حنين زعبي، ليس حبا بها، وإنما لأن انجازها مدون ومثبت في بروتوكولات البرلمان ولا يحمل تأويلًا أو وجهات نظر، تبعث جمعية نسوية مسخّرة بشكل كامل لفئوية وغطرسة حزبها، التحيات والمباركات للنائبه يفعات كريف، وللنائب دوف حنين ولغيرهما من النواب الصهيونيين، مهنئة إياهم ب"انجازهم" ومتجاهلة النائبة العربية الوحيدة بالبرلمان، والتي هي صاحبة القانون وقدمت مشروع القانون قبلهم.
التجاهل كان سيكون مفهوما خاصة من مندوبات عن حزب لم ينجح في ايصال أي امرأة عربية للكنيست رغم أن عمره التاريخي أكثر من تسعين عاما، وعمرة البرلماني ست وستون عاما، وكنا سنقول أن سبب التجاهل هو رفض الإعتراف بمكانة النساء في حزب التجمع، ورفض الإعتراف بالموقف النسوي للتجمع الوطني الديمقراطي بتخصيص ثلث مقاعده بالبرلمان للنساء، ربما كنا لن نقبل التجاهل ونستنكره ولكن كنا لنفهم من أين أتى ولاسيما بعد أن كانت هنالك محاولة نسوية داخل الجبهة الديمقراطية لتخصيص ربع المقاعد للنساء في القائمة الإنتخابية، لكن تم الغاؤها بطريقة القرصنة من قبل قيادات الجبهة الرجال، ومنعت نساء الجبهة حتى من طرحها على المؤتمر. ولكن ما كان معيبا هو أن يتم إنكار دور النائبة حنين زعبي، ثم اتهامها بأنها "تسرق" قوانين غيرها ب"القرصنة والخاوى"، كما جاء في نص كتبته مديرة جمعية نسوية على حائطها في شبكة التواصل –الفيس بوك، ويلقي الإعجاب من العشرات من أصدقائها ال"مبدئيين" جدًا. هذه المديرة قمعت في حزبها وبدل أن تستمر في النضال داخله لإحداث التغيير، نراها تنجر وراء لعبة تصدير الأزمة إلى الخارج بدل محاسبة الذات. ومن المؤسف حقًا أن تسير الامور بهذا الطريقة المسيئة للعمل النسوي وللنساء عمومًا.
نعرف أن مسيرة التجمع أمام الهيمنة ومحاولة الكولسة على النسوية والوطنية من حزب له باع في الأسرلة وإقصاء النساء، معركة صعبة ولكننا أبدا على طريق رفع مكانة المرأة في التجمع ومن أجل رفع مكانة المرأة الفلسطينية عامة.
"النسوية"، ليست دائماً البقعة الخضراء في صحرائنا، وبمقدورها أن تتلوث بسهولة بثقافة شوفينية، عنيفة، متغطرسة واستعلائية. الجبهة منظومة تلون ما تلمسه بهذه القيم، إنقاذنا من تلك القيم ضرورة, ورغم كل شيء ما زلنا نعول على نساء ورجال في الجبهة عندهم الاستقامة ولديهم قيم غالية على قلوبهم ليس أقل من انتمائهم الحزبي.
[email protected]
أضف تعليق