دموعك وتنهّداتك المنبعثة من الأعماق تؤلمني! تقاسيم وملامح وجهك الّتي أخذت لون رمال الصحراء بعد الغروب تشير إلى أنّك تعاني وتتألّم بحقّ وحقيقة، صمتك المطلق يقلقني... يبدو أنّك اخترته لأنّ الكلام في هذا المشهد أشدّ ألمًا، وهذا ممّا جعلني أدمع بسخاء، وأنا لا أدمع على رخيص!
حاولتُ أن لا أدع دموعك تتساقط لأنّها لا تٌقدّر بثمن، نصف نظرتك السّريعة تخفي قصّة مجهولة واقعيّة حاولت حلّ رموزها لكنّي عجزت، فبادلتك بنظرة مماثلة راجيًا هادفًا الكفّ عن البكاء...
كيف لا؟ وأنت أخي، والأخوّة رباط إيمانيّ يقوم على منهج الله وينبثق من التّقوى ويرتكز على الاعتصام بحبله، وهو أكبر نعمة وقوّة، يولِّد الشّعور بالأمن والأمان ويبعث الرّاحة، المحبّة، الإخلاص، العفو والرّحمة، ويُبعد عن الكراهية والمسّ بحرّيّة وحرمة الغير.
عذرا عزيزي القارئ، لا أحاول أن أبدوَ كيشوطيًّا نادر الوجود في هذا الزّمن العصيب الرّهيب الّذي غابت عنه الأخوّة الحقيقيّة، وتشتّت صفّها فطمع الضّعيف قبل القويّ، والذّليل قبل العزيز، والقاصي قبل الدّاني، إنّما أردت التّنبيه إلى ضعف النّفوس المتهوِّرة الّتي باتت كالذّئاب الشّرسة، وإلى مرض العقول والقلوب، حتّى كبرت على النّعمة وخالقها ولم يعد مكانٌ للإخلاص والمخلصين والتّضحية، وبات النّقاش والاجتماع بأقرب المقرّبين مقصورًا على المواسم والأعياد، فغدا أشبه بالرّسم على الماء مهما أبدعتَ فلن يغيّر الواقع.
أناشدك أيّها العزيز الغالي، أن تبكي على ما يستحقّ البكاء! وحاول أن لا تبكي عندما تغيب الشّمس، لأنّ الدّموع سوف تمنعك من رؤية النّجوم وأنصحك أن لا تأخذ تمساحًا صديقًا وإن سالت منه الدّموع.
آمل أن لا تكون هذه الدّموع دموع الوداع، ولا دموع الرّحيل، العجز ،الانكسار ،الانهزام، والنّدم، بل اجعلها دموع الخشوع إجلالاً وتعظيماً للخالق لأنّها أصدق وأنبل دمعة. وخير ما أنهي به قوله تعالى:" فاتّقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إنْ كنتم مؤمنين".
[email protected]
أضف تعليق