الى جميع اخواني وأخواتي في مدينة الناصرة ، مدينة البشارة، بشارة المحبة والسلام بين أبناء البشر سواء. المدينة التاريخية الخالدة، المدينة المقدسة مدينة المسيح عليه السلام وأمه مريم البتول . المسيح الذي بشر العالم بالخلاص من كافة أشكال الظلم والهوان ووسعت محبته وتقبله للآخر دون قيد أو شرط أحب الجميع دون تمييز في عرق أو دين رسالته تجلت للعالم بأجمعه " أحبوا بعضكم بعضا".ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان خلقه القرآن الذي قال : "إن الله حف الاسلام بمكارم الأخلاق ومحاسن ألأعمال".

لقد شاء الخالق عز وجل أن يحيا في كنف هذه المدينة المقدسة أبناء طائفتين جمعتهما رسالة الإيمان بالله الواحد ونبيه المسيح عليه السلام ووالدته مريم العذراء التي بشرت في هذه المدينة المقدسة بحملها من روح الله وكلمته "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه إسمه المسيح عيسى إبن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين" (٤٥ آلِ عمران.).

تشهد مدينة الناصرة على ضوء الانتخابات أجواء محمومة وعاصفة بين أبناء المدينة الواحدة من مسلمين ومسيحيين جمعتهم على مر الأزمنة تجارب حياة مشتركة. جميعنا نؤمن بالله الواحد نصلي ونصوم ونتوجه صوب قبلته نتمنى أن يسود العدل والسلام بين أبناء البشر. والجميع يدرك بأن العبادات والشعائر الدينية لا تقتصر فقط على أداء الصلاة والزكاة والامتناع عن تناول بعض أصناف الطعام والشهوات، بل عبادات تدركها جميع جوارحنا ونفوسنا إذ علينا أن نمسك أيضاً عن الحقد والكراهية والبغضاء وعن سائر أمراض النفس. نمسك عن الأذى الكلامي والجسدي بحق الآخر والمختلف عنا ، بل نسير بخطى المسيح روح الله وكلمته فنحب أعداءنا ونبارك لاعنينا ونحسن الى مبغضينا. نعم هذه هي رسالته إلينا جميعا ولكن أين نحن كبشرمن تطبيقها فالإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ، والمسلم يسير أيضاً على خطى حبيبه ونبيه خاتم الأنبياء والمرسلين يسير وفقا لتعاليمه ومنهجه داعيا لمحبة أخيه الانسان بالحكمة والموعظة الحسنة مجادلا إياه بالتي هي أحسن ويقابل الإساءة بالإحسان."والكاظمين للغيظ والعافين عنالناس".

إذن أين نحن جميعنا من تطبيق لرسالاتنا السماوية وكيف يتجلى إيماننا ومحبتنا وفق أدياننا وهدي أنبيائنا وما زالت قلوبنا تتأجج بالحقد والكراهية وازدراء الآخر متهمين إياه بما آلت اليه نفوسنا وأعمالنا، مقنعين أنفسنا بالخوف والرفض من الآخر لكي نحمي أنفسنا منه ولكن ممن نحتمي ، من أبناء شعبنا فنحن نعيش في كنف هذه المدينة منذ عقود من الزمن، ويشهد التاريخ على أواصر المحبة والترابط والتكافل بين أبناء هذا البلد. لا ننكر أحداثا وقصصا عصفت بنا أحيانا كما يحدث أيضاً بين أبناء العائلة الواحدة ولكن سرعان ما تتلاشى ويعود الأمن والاستقرار فنتماسك ونتعاضد عندما تلم بنا نائبة ومصيبة تهتز لها أركان مدينتنا الحبيبة فتجمعنا زمرات الدماء التي تسري في عروقنا والتي لا تفرق بين دم مسلم ودم مسيحي، لأن هذه الدماء تنبع من قلب وروح الله التي مثلها في أجسادنا وأرواحنا وأعمالنا على وجه الأرض أعمال الصلاح والخير لا نرجو منها سوى الطاعة للخالق ونيل ثواب الآخرة.

الناصرة كانت بخير وما زالت بخير وستبقى بخير بإذن الله، ليس بفضل الانسان بل بفضل الخالق عز وجل الذي أودع وأفاض في قلوبنا من هذا الخير الرباني، ففطرة الانسان ونزعته قائمة لا محالة على هذا الخير المتأصل في جذورنا الانسانية مسلمين ومسيحيين تجمعنا محبة الله الواحد وتجمعنا محبتنا وايماننا به وتطبيقنا لرسالته السماوية بصالح أعمالنا كما أرادها لخليفته على الأرض وبعد أن زودنا بأدوات الخلافة وعمارة الأرض من علم ومعرفة وقلب نابض واسع ومفعم بالمحبة والأمل والرجاء لبناء غد أفضل بإذن الله.

صياما مقبولا وكل عام والجميع بألف خير.

نسرين حمصي جبارين
الناصرة/ مدينة البشارة

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]