بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على الإنتخابات السابقة لرئاسة بلدية الناصرة ودخول البلد بمتاهات أروقة المحاكم التي آلت في النهاية لإعادة الإنتخابات لرئاسة البلدية بين السيّد علي سلاّم من جهة وبين المهندس رامز جرايسي، من الجهة الأخرى، إختارت الجبهة لمعركتها الإنتخابيّة شعاراً مركزياً " علي خطر عَ البلد " وإتهمته بشتّى انواع العربدة والبلطجيّة وتهديد الأمن الشخصي للناس بالذات المعارضين وأنّ مصير البلد مع علي كارثي وأنّ الصراع هو بين العصري، التقدمي الوطني من جهة وبين الرجعي، الإنتهازي وحتى الإنبطاحي من الجهة الأخرى وقسّمت البلد الى محور الخير ومحور الشر كما فعل جورج بوش الإبن عندما قسّم العالم الى محورين " من ليس معنا فهو ضدنا " .

ولم تكتفي الجبهة بهذا الوصف للمعركة الإنتخابيّة بل تمادت الى تخوين الطرف الآخر والتشكيك بمصداقيته ووطنيته وإنتمائه وحبه لبلده .

لا أعرف حقيقة كيف وصلت الجبهة الى هذا الحد في دعايتها الإنتخابية وهل فكّر القيّمون عليها بنتائجها بعد يوم الإنتخابات وإنعكاساتها على المجتمع النصراوي بشكل خاص وعلى الأقليّة العربيّة الفلسطينيّة في الداخل بشكل عام ! أم أن كل همّها اليوم هو إستعادة مكانة الجبهة في السلطة باعتبار البلديّة والسلطة أولاً والطوفان من بعدها .

هنالك مقولة مشهورة للزعيم النازي أدولف هتلر تنطبق للأسف على دعاية الجبهة الإنتخابيّة حيث قال :"إذا أردت السيطرة على الناس .. اخبرهم أنهم معرضون للخطر، ثم حذرهم أن أمنهم تحت التهديد، ثم خوّن معارضيك وشكك في ولائهم ووطنيتهم"…

والمتابع اليوم للدعاية الإنتخابيّة للجبهة ومرشحها المهندس رامز جرايسي يجد وللأسف الشديد جداً ان ما قاله هتلر قبل عشرات السنين بنطبق اليوم وبالكامل على دعايتهم الإنتخابيّة التي همها الوحيد كسب أصوات الناس في المعركة القادمة والإستمرار في السيطرة على السلطة البلدية وإقناع أهل المدينة أنه فقط الجبهة تحمي الناس دون الأخذ بالحسبان لنتائج هذه الدعاية في الفترة ما بعد الإنتخابات ووقعها وتاثيرها على سكان المدينة مستقبلاً .

المتابع لإنتخابات الناصرة يفهم أن خطاب الجبهة ومرشحها، موجه بالأساس للطرف الذي يشعر انه الأضعف في المعادلة وأنه الطرف الذي بحاجة للحمايّة من هذا الخطر ومن هذه العربدة والبلطجيّة والتكسير، كما وصفتها الجبهة، وماذا سيفعل هذا " الطرف الأضعف والمُهدد " ؟ فليس أمامه من خيار من أجل الدفاع عن النفس إلاّ حلاّن : فإما ترك البلد والهجرة الى مكان اكثر أمناً وأماناّ ويستطيع ذلك فقط من تسمح له ظروفه الإقتصايّة لفعل ذلك كما حدث في الماضي، حيث إنتقل قسمٌ من أهل البلد للسكن في نتسيرت عيليت، وأما القسم الآخر والذي لا يملك أمكانيّة هجر المدينة فليس أمامه الاّ دخول الجيش والتجنُّد في جيش الإحتلال للحصول على السلاح بادعاء حماية النفس والأمن والأمان الشخصيين، وكلا الحليّن واحدٌ أسوء من الآخر .

على الجبهة ومرشحها للرئاسة التوقف فوراً عن استعمال هذا الأسلوب المتدني في حملتها الإنتخابيّة من أجل وقف الضرر الذي أحدثته وما زالت وإنها لتتحمل مسؤوليّة تاريخيّة إذا ما شهدت المدينة بعد الإنتخابات ظاهرة هجرة سكانها وإنخراط شبابها في الجيش وقوى الأمن كما حدث أيضاً بعد ما سُميّ بأزمة شهاب الدين والذي تتحمل مسؤوليتها بالإساس الحركة الإسلامية واستغلال الجبهة لهذه الأزمة لصالحها ولكن ضد البلد .

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]