قبيل ساعات العصر من اليوم الجمعة احتشد العشرات من حفظة وحافظات كتاب الله تعالى من جميع أنحاء الداخل الفلسطيني في قاعة تل المرح – عارة، للمشاركة في المؤتمر القرآني الأول لحفظة وحافظات كتاب الله تعالى، الذي تنظمه مؤسسة حراء لتحفيظ القرآن الكريم للمرة الأولى, والذين كان بعنوان :"القرآن.. رؤية وعمل".

انطلقت فعاليات المؤتمر مباشرة بعد تأدية صلاة العصر في أرض المؤتمر.

عريف الحفل الشيخ محمد جواميس – مسؤول قسم التربية في المؤسسة, تميز بالتقديم للمؤتمر، وحيا الجميع أشد ترحاب, ترحاب يليق بالقرآن وأهله، داعيًا الجميع للوقوف مرددين خلفه : " اللهم إنا قد اجتمعنا حبًا لكتابك فلا تحرمنا أجره ولذته، اللهم إنا قد اجتمعنا من أجل أهلك وخاصتك فاكتب لنا ببركتهم ما يرضيك عنا، ووفقنا بنور القرآن وأهله، واجعلنا من المتحققين بالقرآن قولًا وعملًا، يا أرحم الراحمين".

وبث العريف في فقراته المختلفة رؤية المؤسسة, ورسالتها, وأهدافها.

موضحًا رؤية المؤسسة, بإضاءة كافة بيوت المسلمين من خلال حفظ جميع أفراد أسرها لكتاب الله تعالى والعمل به، والرسالة التي تتمثل بتنظيم وتطوير الجهود لخدمة كتاب الله عز وجل، عبر توفير بيئة محفزة للعطاء والإبداع بالانفتاح على المجتمع، إسهامًا في بناء الهوية العربية والإسلامية، أما أهداف المؤسسة فهي "الاهتمام بالقرآن وتنزيله بأبعاده التربوية لتلامس الواقع وتحدث فيه التغيير، وافتتاح الحلقات والمراكز القرآنية في جميع المدن والقرى لتكون منارات هدى في أرض الإسراء".

الحافظ لكتاب الله تعالى باسل يوسف كعبية, قام بتلاوة عطرة لكتاب الله تعالى.

ثم قدم الأستاذ عبد معز أبو واصل نيابة عن مسؤول الدعوة المحلي في قرية عارة كلمة ترحيب ، حيث رحب باسم الحركة الإسلامية في القرية، سائلًا الله تعالى أن يعم الحفظة جميع أرجاء البلاد. وقد سرد الأحاديث النبوية التي تذكر فضل حفظة كتاب الله تعالى ومنزلتهم الرفيعة بين الخلق وعند الحق تعالى، وكيف أن الله يرفعهم الدرجات العلى بفضل حفظهم لكتابه والعمل به.
كما حث الحفظة على التميز في القرآن، وأنه ينبغي لحافظ القرآن أن يكون شامة بين الناس بأخلاقه، معززًا كلامه بأقوال مأثورة للصحابة الكرام والسلف الصالح. شاكرًا في نهاية حديثه مؤسسة حراء على تنظيم مثل هذا اللقاء المبارك.

الفقرة التالية كانت كلمة رئيس مؤسسة حراء - الشيخ جلال زعبي, بعد ترحيبه بالحفظة قال:" أنتم المحسودون بحق، أنتم المغبوطون, حسدكم هو الحسد المحمود كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر منهم " رجل أتاه الله الكتاب فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار".

مكملًا: "يا حفظة القرآن الكريم، مبروك لكم ومبروك عليكم النجاح عند الله تعالى إن أخلصتم لكتاب الله تعالى".

وهنأ أولياء الحفظة بأنهم يوم القيامة سيكسون حلة الكرامة يوم القيامة بفضل حفظ أبنائهم وبناتهم لكتاب الله.

وعرض الشيخ جلال إحصائيات عن المؤسسة اليوم, بأنها تشرف على أكثر من عشرة آلاف طالب وطالبة, يقوم على تربيتهم وتحفيظهم أكثر من ألف مرب ومربية، في أكثر من 800 حلقة قرآنية تربوية، موزعون على 70 مركزًا قرآنيًا للذكور وكمثلها للإناث.

واستعرض أيضاً في كلمته مشاريع التحفيظ التي تقوم عليها المؤسسة، منها المقارئ والمعاهد القرآنية، لتتوج هذه المشاريع بملتقى الحفظة، الذين يجمعهم في لقاء ثابت لتثبيت كلام الله في صدورهم. داعيًا الأهالي التواصل دائمًا مع المؤسسة للرقي بالعمل القرآني، وللرقي بالحفظة ليتميزوا في المجتمع.
فرقة الاعتصام بأدائها المميز وبمرافقة طالبات حراء من القرية، رحبوا بأعذب الألحان والحركات الاستعراضية بأهل القرآن، مفتتحين نشيدهم "رشوا الورد والريحان وحيوا الحفظة يا إخوان ... قالها النبي العدنان خيركم أهل القرآن...".

وبنشيدة الأخرى :"يا حافظ القرآن .. بشراك بالجنات ... رضا من الرحمن ... ورفعة الدرجات"...

والنشيدتان هي من تأليف الأخ عرسان حجاجرة – مركز مشروع ملتقى الحفظة.

كلمة الحفظة قدمها الحافظ لكتاب الله الطالب الجامعي – أمين ذياب ابن مدينة طمرة، قائلًا: "مبارك حفظ القرآن" كانت يومًا حلمًا يراودنا، وها نحن ذا اليوم نلمسه واقعًا، ولكن صار الحلم اليوم أعظم وأكبر.. صرنا نطمع لذلك اليوم الذي يقال فيه " اقرأ ورتل وارتق"
وشاكرًا لأهالي الحفظة والحافظات الذي هم بيتهم الأول على وقفتهم مع أبنائهم ودعمهم في مسيرتهم مع القرآن، فهم الحضن الواسع الذي احتوى الحفظة حتى وصلوا إلى ما هم عليه.
أما بيت الثاني للحفظة – مؤسسة حراء – فهو الذي جمع بين قلوب الحفظة على الموائد القرآنية، لينهلوا من الأخلاق المحمدية ،ودعا الحفظة ليكونوا قدوات ربانية وأمثال قرآنية محمدية, ليكونوا عماد هذه الأمة.
الفقرة الرئيسة لهذا المؤتمر كانت استعراض منظومة ملتقى الحفظة، قام عليها د. علاء باسم –مركز المعاهد المحلية والمقارئ القرآنية، استعرض فيها المنظومة التي هي: "حديثة العهد، وقديمة الروح، فمما لا شك فيه أن حفظ كتاب الله تعالى لا يعني اكتمال الشخصية المسلمة، فلا بد من تنزيله على أرض الواقع بأبعاد إيمانية تربوية عقدية، وكل ذلك يتحقق بمنظومة ملتقى الحفظة".

أما عن مشروع ملتقى الحفظة نفسه فعرفه :"إطار قرآني تربوي يتحقق ضمن لقاءات أسبوعية وشهرية ثابتة ونشاطات لا منهجية لشريحة الحفظة على اختلاف أعمارهم".

وأضاف إلى أهداف المشروع، منها "توثيق صلة الحافظ بكتاب الله تعالى، وإثارة روح التنافس بين الحفظة، وتنمية مهارات الحفظة نحو الإبداع، حتى الوصول إلى أن يكون الحافظ نائبًا عن المؤسسة عالميًا في مقابلات وندوات ومؤتمرات ومسابقات".

كما أنه عرض تفاصيل المنظومة الدقيقة، مفتتحًا بالشريحة المخاطبة، ثم برنامج المراجعة بتفصيلاته وآلياته المختلفة، والمحفزات التي ترافق برنامج التثبيت, والبرنامج التربوي المستقبلي المرافق لبرنامج التثبيت من محاضرات منوعة، قرآنية وغيرها من الأمور الحياتية التي تهم شريحة الحفظة.
وفي نهاية العرض أعلن د. علاء عن المسابقة القرآنية في حفظ القرآن الكريم التي سيعلن عنها قريبًا لتضم جميع الحفظة في الداخل الفلسطيني.
الشيخ رائد صلاح – رئيس الإسلامية قدم كلمته بعنوان "مقام وأحوال الحافظ ظاهرًا وباطنًا ودوره الرباني".
افتتاح الشيخ كلمته بقوله: "عن مثل هذه المجالس تبحث الملائكة, وإلى مثلها تتداعى, ويقول بعضها لبعض هلموا لقد وجدنا مبتغانا...وتعود إلى رب العالمين وهي ملأ بالسرور".

توقف الشيخ عند قوله تعالى {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقًا}, وكما جاء في الأثر "أشراف أمتي هم حملة القرآن", "ففي الأصل أن الناس سواسية و {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} فهم يتفاضلون بالتقوى, لكن هناك من يرتقي أكثر من هذه المرتبة, وهي مرتبة الشرف، أي الذين يحملون القرآن بشروطه هم خير البشر بلا استثناء بعد الأنبياء والمرسلين".

ثم سبق نداءه جملة أضافها وهي : الله الكريم أنعم عليكم بمنزلة يحسدكم عليها الملوك والأمراء, لكن هيهات هيهات لهم.

أيها الحفظة, الله اجتباكم من بيننا، اعرفوا أنفسكم، اعرفوا منزلتكم، اعرفوا نعمة الله عليكم, فقد اجتباكم وأكرمكم واختاركم من بين مليار ونصف المليار مسلم في هذه الأيام، والنعمة تحفظ بشكرها, بنصرة القرآن الكريم بقلوبنا وقوالبنا, وسرنا وجهرنا, وعبادتنا وعملنا, وأخلاقنا وآدابنا, وأن نكون نعم السفراء للقرآن الكريم في الأرض في حلنا وترحالنا، بين المسلمين وبين سائر أمم الأرض بلا استثناء".

ليعلم كل حافظ وحافظة منكم أن من مات حافظًا للقرآن الكريم فإنه يبعث حافظًا للقرآن الكريم، فإن كانوا من إشراف الناس سيبعثون من أشراف الناس من عهد آدم حتى قيام الساعة، أنتم في خبر عظيم تبارك لكم فيه الملائكة والجن والإنس، بل منهم من يحسدونكم حسد الغبطة كي يكونوا معكم, الله رفعكم في هذا المقام الذين أنتم فيه، فاحفظوا أنفسكم في هذا المقام, وهذا لا يعين عليه إلا الله تبارك وتعالى.

من الناس من يفتخر بأنه يحفظ للشاعر الفلاني قصائد ومعلقات, ومنهم من يفتخر بحفظ كلمات الفيلسوف الفلاني، وأقوال السياسي المبدع الفلاني, أنتم أعلى من كل هؤلاء الحافظين والفلاسفة والسياسيين, فأنتم تحفظون كلام الله.

نعمة حفظ كتاب الله تستوقف القلب والروح، فالحمد لله أنه أوجد فينا الطاقة البشرية لسماع ونطق وحفظ كتاب الله, {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله}, تصوروا هذا الجبل العظيم الذي يناطح السحاب في السماء فإنه لو أنزل عليه القرآن لتصدع, أما أنت يا حافظ ويا حافظة القرآن فالله جعل فيكم قوة وشموخًا أكثر من الجبال, بحفظكم لكتاب الله، فقلوبكم أصبحت خزينة لا للذهب ولا للفضة, بل لكلام الله العظيم".

ابن عطاء السكندري مقامك حيث أقامك, فاعرفوا مقامكم, وحافظوا عليه, واشكروا الله عليه".

أما أنتم يا حراء، إدارة وموظفين وموظفات, طوبى لكم, فأهل السماء يعرفونكم، استمعت إلى كلماتكم ومشاريعكم فسأدعو الله أن يوفقكم بكل بند في هذا المشروع إن شاء الله بأنه انتصار للإسلام واستعداد للمشهد القادم وهو ظهور الخلاقة الاسلامية العالمية التي ستملأ الأرض قسطًا وعدلًا, اعرفوا مقامكم, واثبتوا عليه, حتى تلقوا الله العظيم لتكونوا كالنجوم الزاهرة بين البشر في المحشر العظيم".

ثم كانت فقرة تكريم الحافظ لكتاب الله تعالى من كفر كنا الطالب زيد مريد لتميزه في مراجعة كتاب الله تعالى من خلال منظومة الملتقى المذكورة.
ثم كانت فقرة أجوبة على التساؤلات قام عليها مدير المؤسسة – أ. عادل دحلة بمرافقة مركز المعاهد المحلية والمقارئ القرآنية د. علاء باسم.

في النهاية اجتمع الحافظون وقوفًا مرددين خلف عريف الحفل نص وثيقة العهد والوفاء للقرآن الكريم والانتماء لمؤسسة حراء.

ثم ختم اللقاء بدعاء الشيخ سليم عمري أظهر فيه الإلحاح على الله عز وجل بأن يديم علينا نعمة القرآن والعمل به.

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]