تمّ في الأسبوع المنصرم الإعلان عن الأعمال الفائزة بجائزة "سپير" لأفضل إبداع أدبيّ وللباكورة الأفضل، عن العام 2013. وقد حصل الإبداع الأدبي الفائز على جائزة مالية قيمتها 150 ألف شاقل. بينما بالمرتبة الثانية، حصلت الباكورة الفائزة وكلّ واحد/ة من الكتّاب الأربعة الذين أدرجت أعمالهم في "القائمة القصيرة" على جائزة بقيمة 40 ألف شاقل. وفق "مفعال هبايس"، تأسست هذه الجائزة السنوية "من أجل تشجيع التميّز في المجال الأدبيّ وتطوير ثقافة القراءة بإسرائيل"، على غرار جائزة "بوكر" البريطانية. تجدر الإشادة هنا، بكون أحد مكوّنات الجائزة يقضي بإلتزام صندوق "سپير" القيام بترجمة العمل الفائز للعربية ولغة أجنبية أخرى حسب رغبة الكاتب/ة.

أعمال أدبية كثيرة وهامة، تُكتب داخل إسرائيل باللغة العربية. علاء حليحل راجي بطحيش وسمير نقّاش هم بعض الأمثلة التي بكل تأكيد لا تقلّل من شأن آخرين كثر غيرهم. بمعظم الأحيان، لا يصل هذا الأدب للجمهور الذي لا يعرف العربية، رغم كونها لغة رسمية في إسرائيل وهي لغة 20% من مواطنيها العرب إضافة لعدد لا بأس به من اليهود. من نظرة خاطفة على قوائم المرشحين للجائزة طيلة سنوات عمرها ال 13، تُظهر أنّه قد تنافس عليها حتى الآن 168 كاتباً وكاتبة، حصل 14 منهم على الجائزة الأولى و 84 على الهبات وجائزة البواكير. لكن ومنذ تأسيسها سنة 2000، أُدرج بقائمة المرشحين/ات كاتب عربي واحد ووحيد هو السيد قشوع.

يبيّن موقع "مفعال هبايس" على الشبكة العنكبوتية، أنّه ومنذ 2006 يُمكن أيضاً للأعمال الإبداعية الإسرائيلية المكتوبة بلغات أجنبية التي تُرجمت للعبرية وصدرت خلال السنوات الخمس الأخيرة، التنافس على الجائزة. جاء هذا التحديث بغية إتاحة المجال أمام المبدعين الإسرائيليين الذين يكتبون بالروسية، العربية، الإنجليزية ولغات أخرى، للمشاركة والترشّح للجائزة. لكن وللأسف، منذ إغلاق دار النشر "الأندلس" التي قامت بعمل رائع من خلال ترجمة وإصدار العديد من الأعمال الأدبية العربية، يغيب الأدب العربي المكتوب داخل إسرائيل، كلياً عن العالم الثقافي لجمهور القراء بالعبرية. والأنكى من ذلك أنّ تقديم الكتب المرشّحة للجائزة يتمّ من قبل الناشرين ودور النشر التي تقوم بإصدارها، علماً بأنه تكاد تنعدم في إسرائيل دور نشر للأدب العربيّ. كما أنّ الحكّام بلجنة الجائزة لا يعرفون العربية على الأغلب، ممّا يعني أنهم هم أنفسهم لا يعرفون هذه الكتب أو الإصدارات. الأمر ذاته بالنسبة للكتب التي تُكتب في البلاد لكنها تصدر بإحدى الدول المجاورة.

من المعلوم أنّ تقديم الكتب كما عملية التنافس والشروحات التي يعرضها الحكّام، جميعها تنال تغطية إعلامية واسعة. كذلك، يحظى الكتّاب الفائزون بشهرة شعبية وإعلامية بالإضافة لتوزيع العمل الأدبي الفائز على المكتبات العامة داخل البلاد. الحاصل هنا جراء ذلك أنّ الأعمال الأدبية المكتوبة بالعبرية تحظى بالتعريف والترويج إضافة لإحتمال فوز الكاتب/ة بمورد اقتصادي قيّم وبالشهرة. في المقابل، يتمّ تهميش الكتّاب (عرباً ويهوداً على حد سواء) الذين يكتبون بالعربية وإقصاؤهم عن الجائزة المالية ومعرفة الجمهور بأعمالهم. عادة، هم يُصدرون كتبهم خارج البلاد مما يعني أنهم غير موجودين بتاتاً ضمن عالم الأدب والجمهور داخل إسرائيل. وهكذا فإنّ "التميّز الأدبيّ" و "تشجيع القراءة" يبقيان حصراً على الأدب العبري فقط دون سواه.

وبما أنّ مفعال هبايس هو "سلطة جماهيرية" ملزمة بالعمل لصالح كافة مواطني الدولة وتوزيع أرباحها بالتساوي، عليها إذاً الاهتمام بالاحتياجات الثقافية واللغوية لدى كافة مواطني الدولة. 

من هنا، وكخطوة أولى لجعل الحيّز الأدبي مشتركاً يجب تأسيس فئة موازية، ضمن الجائزة، للإبداع باللغة العربية تحمل أسم أحد الكتّاب العرب، كاتب/ة أو شاعر/ة من بين مواطني الدولة. على أن تُعطى الجائزة لكاتب/ة مواطن/ة عن عمل كُتب بالعربية (مثلاً: "جائزة حبيبي" لذكرى إميل حبيبي). كذلك، على لجنة الحكّام أن تشمل كتّاباً وأدباء وشخصيات أكاديمية يهوداً وعرباً، ممن يتقنون العربية بالتمام، كما يجب تغطية الحدث والعمل الفائز كما هو الأمر في الجائزة العبرية، وأن يكون أحد مكّونات الجائزة القيام بترجمة العمل الفائز للعبرية إصداره وتسويقه بقوّة من قبل إحدى دور النشر الرئيسة، وكذلك توزيع نسخه على المكتبات العامة.

يجب أيضاً نشر ملخّص عن الأعمال المكتوبة بالعربية المرشّحة للجائزة، بالتوازي مع تلك المكتوبة بالعبرية، إضافة لنشر مبرّرات ترشّحها للجائزة ثمّ مبرّرات الحكّام في اختيار الأعمال الفائزة بفئتي التنافس وبقائمتي المرشحين/ات. عندئذ، يمكن للحيّز الأدبيّ أن يكبر ويصبح مشتركاً وكذلك تحظى الأعمال الأدبية العربية المكتوبة داخل إسرائيل بالتعريف عنها لدى الجمهور الذي لا يتكلّم العربية، بينما يحظى كاتبوها بالمحفّزات على الإبداع وإنتاج الأعمال التي ستثري دون شك الحياة الأدبية في المجتمع كافة.

حاسيا حومسكي بورات وعازر دكور، مديران مشاركان للمشروع "حيّز عامّ مشترك" لدى جمعية "سيكوي".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]