يا جرصتنا، نحن اللبنانيون، ليس لأن النساء في بلادنا يُضربن كالسجاد ويعنّفن كالقاصرات ويُقتلن كالبعوض بلا حسيب ولا رقيب تقريباً، بل لأن فتاةً اسمها جاكي شمعون تجرأت أن تتصور نصف عارية.

يا جرصتنا، نحن اللبنانيون ، ليس لأن كيان لبنان مهدد، ولأن شبح الحرب يلوح في الأفق في كل لحظة، ولأن الانتحاريين يعششون بيننا، ولأن المواطنين منقسمون بين سني وشيعي، وبين ماروني أزرق وماروني برتقالي، بل لأن فتاةً اسمها جاكي شمعون تجرأت أن تتصور نصف عارية.

يا جرصتنا، نحن اللبنانيون ، ليس لأن شريحة كبرى من الشعب تعاني الفقر، وتحارب الجوع، وتواجه البطالة، وتضرب رؤوسها بجدران اليأس وقلة الحيلة، بل لأن فتاةً اسمها جاكي شمعون تجرأت أن تتصور نصف عارية.

الخطر الذي يترصدنا في لبنان له إسم وشكل محددان: إنه خطر الثدي العاري. احذروه. كل ما عداه بلا أهمية.

كل ما عداه ثانوي،
الانقسام؟ ثانوي.
الكراهية المتبادلة؟ ثانوية.
الفساد؟ ثانوي.
السيارات المفخخة؟ ثانوية.
التطرف الديني؟ ثانوي.
السياسيون الذي يضحكون على الناس؟ ثانويون.
القتال في سوريا؟ ثانوي.
السرقات على عينك يا تاجر؟ ثانوية.
حرق المكتبات؟ ثانوي.

* جمانة حداد شاعرة وكاتبة وصحافية لبنانية، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة "النهار" في بيروت، أستاذة في الجامعة اللبنانية- الأميركية، ناشطة في مجال حقوق المرأة، ومؤسسة مجلة "جسد" الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. أصدرت عشرات الكتب في الشعر والنثر والترجمة وأدب الأطفال، لاقت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي، كما تُرجم معظمها إلى لغات أجنبية. نالت جوائز عربية وعالمية عديدة. من آخر إصداراتها "هكذا قتلتُ شهرزاد" و"سوبرمان عربي"

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]