الجولة الثانية من “جنيف 2″ تبدأ بعنوان بارز يسمى “الممرات الانسانية” و التي تصدرت فيها الدولة السورية المشهد بامتياز.
سيناريو الممرات الانسانية في حمص أكد على نقطتين رئيسيتين، الأولى ان الدولة السورية هي الشريك الوحيد للمجتمع الدولي في الملف الانساني و تبلور ذلك في رمزية المشهد “حمص- الأمم المتحدة”.
اما الثاني فهو اظهار ان المسلحين هم أداة تعطيل انقاذ الوضع الانساني و الذي تجسد في مشهد اطلاق المسلحين النار على قوافل المساعدات الانسانية و الذي شجبته لاحقاً الأمم المتحدة عبر مفوضة الشؤون الانسانية آموس.
الملف الانساني سيقودنا منطقياً الى الملف الثاني و المرتبط بجزئية الحرب على الارهاب.
معالم الوصول الى هذه النقطة ظهرت في شكل و نمطية الحراك السياسي الاقليمي في الايام الاخيرة.
أهم التعبيرات ظهرت على الساحة السعودية. مسلسل النأي بالنفس السعودي عن خطر رعاية ملف الارهاب و دعمه بدأت مع محاولة السعودية استنفار أدواتها الاعلامية للبدء في تهيئة مخرج آمن و الانتقال من زاوية الطرف الداعم للإرهاب الى ملعب الدول المكافحة له.
هذه الرغبة السعودية لا يمكن ان تبقى في اطار التصريحات التلفزيونية او القوانين و التشريعات التي يتم استحداثها.
ليس هناك مساحات واسعة للمناورة لا بل ان مرحلة ترف الوقت تكاد تصل الى نهاياتها مما يعني انه لا بد من ترجمة خطوات عملية على الأرض في الأماكن التي اتهمت فيها السعودية فيها علناً بدعم الإرهاب و هي :سوريا لبنان و العراق.
رئيس الوزراء نوري المالكي اقتنص الدخول السعودي في مخاض التغيير و قدم اولى الفرص السعودية بإبداء كامل الاستعدادات لزيارة السعودية و التعاون معها بعد صدور التشريعات السعودية الصارمة في مسألة مواجهة الارهاب.
محاولات التماهي مع شكل التحولات الجديدة و التعامل مع مسار الاحداث الحالية يؤكد ان غرفة التحكم في مسار التسوية و خطواتها و تسلسلها يحددها واقع التطورات على الأرض السورية.
الرغبة الامريكية اليوم تختزل في محاولات اقصاء شخص الرئيس الاسد لكن مسار الأمور على الأرض يؤكد ان هناك وقائع قد تضطر الولايات المتحدة لتطبيق نوع من تكتيكات تبدل الاولويات.
تركيا التي سبقت السعودية و أرسلت عدة رسائل في الاسابيع الأخيرة تشير بوضوح الى رغبتها في الخروج من دائرة شبهات دعم الارهاب و انخراطها في دارة مواجهة الارهاب و ربما ابعد من ذلك حيث ان تركيا التي سعت لإعادة التواصل مع محور أصدقاء سورية و بالأخص ايران و العراق أرسلت رسالة مهمة لموسكو عندما لعبت دور مهم في الحفاظ على نجاح مشروع الظهور الروسي المتمثل بأولمبياد سوتشي عن طريق احباط محاولة خطف الطائرة المدنية التي كان يسعى خاطفها للهبوط في روسيا و استثمار الحدث لتشكيل عامل ضغط كبير على موسكو أثناء حفل افتتاح الألعاب الاولمبية و الذي كان سيعد ضربة كبيرة لروسيا. ضمن مناخات التحول الاقليمي هذا يبقى الأردن يواجه تحديات أمنية و اقتصادية داخلية، لكن التحدي المرحلي و الأهم اليوم هو الخروج السياسي من من حالة الغموض التي اتسم بها الدور الأردني على مدار الأزمة السورية و البدء بتسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية عداك عن ضرورة كسر طوق الالتباس الذي لبسه الأردن و عززه عدم قدرة الدبلوماسية الأردنية التعبير عن طبيعة وواقع الأمور بطريقة قادرة على رسم حقيقة شكل الموقف الأردني.
اليوم فشل هذه الدبلوماسية مجدداً قد يؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها مستقبلاً.
[email protected]
أضف تعليق