إن تصريحات وزير الخارجية الامريكي جون كيري بشأن مقاطعة دولية توجب على دولة اسرائيل أن تكف عن الكذب على نفسها. فلا امكان ألبتة لأن تستطيع اسرائيل الاستمرار على حفظ الوضع الراهن وهو استمرار الاحتلال الى ما لا نهاية لأنه إذا لم تنجح جنوب افريقيا الغنية والقوية التي لم تكن تهددها تهديدات امنية في الثبات للضغوط الدولية على نظام الفصل العنصري، فكيف تستطيع اسرائيل الصغيرة المتعلق أمنها بتفضل الولايات المتحدة والدول الغربية، أن تثبت لهذه الضغوط. ونشك أن تكون تريد حتى أن تحاول الثبات لها.
لن يدع العالم اسرائيل تستمر على كونها محتلة.
الانقسام الداخلي
ولن يدعنا الانقسام الداخلي بيننا نبقى محتلين الى ما لا نهاية، ولا تستطيع اسرائيل أن تبيح لنفسها أن تتدهور الى منزلة دولة فصل عنصري، ولهذا فان استمرار الاحتلال هو ببساطة ايهام للنفس ووضع لا بقاء له.
إن اسرائيل بسبب ذلك مطلوب منها أن تبدأ اجراء حوار في الخيارات التي تواجهها. والحديث كما نرى عن خيارين فقط وكلاهما مشروع من جهة ديمقراطية ودولية لكنهما سيئان وخطيران ايضا. ويجب أن ينحصر النقاش العام في سؤال أي البديلين أقل سوءاً لإسرائيل.
البديل الأول
البديل الاول هو ضم المناطق وجعل اسرائيل دولة كل مواطنيها.
ويشتمل هذا البديل على خطأين واضحين أولهما أن الامر مقرون بتخلٍ عن الحلم الصهيوني بدولة يهودية ذات اكثرية يهودية. والخطر الثاني في هذا البديل أنه حتى لو وافقت الاكثرية اليهودية على التخلي عن اكثريتها والاكتفاء بدولة ككل الدول ليست لها هوية محددة – فليس من المؤكد ألبتة أن ينجح هذا المزج بين الشعبين.
يُعلمنا التاريخ أن المزج بين الشعوب المختلفة في وحدة سياسية واحدة في وقت يكون فيه بين الشعوب هاوية ثقافية ودينية وفروق اقتصادية كبيرة – لا يسهل تنفيذه، وهناك دول أحدثت مثل هذا المزج بنجاح (سويسرا مع اربعة المحابس فيها، واقليم الباسك في اسبانيا، والفرنسيون والانجليز في كندا وغيرها)، وذلك لأن الفروق بين الشعوب التي امتزجت كانت صغيرة نسبيا. وفي دول اخرى انهار التمازج وأفضى الى مأساة وطنية ويجب أن يقض درس يوغسلافيا مضاجع من يفكرون بهذا الخيار.
الخيار الآخر
والخيار الآخر الذي يواجه دولة اسرائيل هو دولتان للشعبين، والخطر المقرون به واضح جلي وهو خطر سيناريو غزة، أعني تحول المناطق الى دولة حماس وإطلاق صواريخ على تل ابيب. والخوف من أن يغلب وضع الحرب الدائم بين الدولتين بدل السلام خوف حقيقي، هذا الى أن الميزة التضاريسية لمناطق يهودا والسامرة على منطقة المركز – من جهة الارتفاع والقرب الجغرافي – تجعل تهديد الصواريخ من هناك خطرا امنيا وجوديا.
قرارات مصيرية
اجل يشتمل كل واحد من البديلين ايضا على آمال كبيرة، لكن حينما تتخذ قرارات مصيرية تشمل أخطارا قد تهدد سلام دولة اسرائيل وأمنها، فان ادارة الاخطار هي التي يجب أن تكون معيار بت القرار. ولا تستطيع اسرائيل أن تفرض أن يكون كل شيء على ما يرام، بل بالعكس، ينبغي أن يُفرض أن يكون كل شيء سيئا وأنه إذا تحقق الاسوأ – أن يُفحص في أي واحد من الخيارين تستطيع اسرائيل البقاء بصورة أفضل.
حان الوقت للإصغاء لكيري ولبدء ادارة الاخطار الواعية عندنا بالاختيار بين خيارين سيئين وتفضيل أقلهما سوءً، وهذا قرار يجب أن يتم بته، وكل ما عدا ذلك إيهام.
[email protected]
أضف تعليق