أطلّ وزير التربية والتعليم الراب شاي بيرون، على المجتمع العربي ببرنامجٍ جديد اقترحه - لم يتم تطبيقه بعد – وسمّاه بـ"البرنامج القومي" واعتبره بمثابة "تعلّم ذي معنى، إسرائيل ترتفع صفًا"، (وماذا عن جهاز التعليم منذ 1948 وحتى اليوم؟! ألم يكن يحمل معنىً؟!)
ووفق بيان الوزارة فإنّ البرنامج "يسعى لتذويت حوار تربوي جديد داخل جهاز التربية والتعليم، وسيطوّر التعلّم الهادف الذي يشجّع البحث العلمي، وسيشجع العمل الجماعي ويعدّ طلابًا يستطيعون التأقلم مع تحدّيات القرن الـ-21".

وجاء في بيان الوزارة أيضًا: "قررنا أن نخطو إلى الأمام في جهاز التعليم لأن الساعة قد حانت للقيام بذلك. نحن نؤمن بقدرة المديرين، بالمعلمين، بالطلاب وبجهاز التعليم على إحداث هذا التغيير". كما وأضاف "القرن الواحد والعشرون مليء بالتحديات التي تلزمنا إحداث تغيير جذري في مبنى، طريقة وأهداف التعليم".

ووفق البيان فإنّ البرنامج سيُطبق بداية العام الدراسي القادم 2014-2015، و"سيستقل المعلمون والمدراء والطلاب من خلال إعطاء جميع هؤلاء مرونة في العمل التربوي واختيار طرق التعلّم".

(وأصلاً - هناك حاجة لنقاش الإدارة الذاتية وقابليتها للتطبيق في المرحلة الحالية والسنوات القادمة، علمًا أنّ المدراء يُعيّنون أصلاً مِن قِبل السلطات المحلية، إذ لا يخفى على أحد أنّ هناك محسوبيات واختيارات تعكسها الإنتخابات المحلية، وبعض أصحاب المراكز في هيئة ووزارة التربية وكذلك توصيات لمقربين من بعض مفتشي المدارس، وغيرهم من المسؤولين وأصحاب الوساطات).
ولأنّ البيان الوزاري الخاص بالتعليم في المجتمع العربي طويلٌ ومفصّل، وفيه مِن البنود ما يُشير إلى بعض الإضاءات الجيّدة في البرنامج الجديد، لكنّ في لُب البيان وفي تفاصيله الدقيقة ما يُثيرنا إلى حد التخوف مِن مخططات ليست بعيدة عن المخططات السياسية التي تنتهجها السلطات الإسرائيلية وعلى رأسها فرض الخدمة العسكرية أو المدنية.

فهل قرّر الوزير بيرون تحديد الخدمة المدنية بثلاث سنوات؟!!

نتجاوز مرحليًا، البند الذي يتطرق إلى التحفيز على إعداد وظائف وبحوث علمية، تؤهله للالتحاق بمعاهد التعليم العالي، ناهيك عن برنامج تأهيلي للمديرين والمعلمين ودورات الاستكمال. والبند الذي يتطرق لضرورة إلغاء امتحانات البجروت في الصف العاشر، وإلزام الطالب بدراسة موضوع علمي، إضافة إلى تعلّم مواضيع فنية ولغات ومجتمع لإثراء الطالب، وهي مواضيع تُلزم الطالب بالحصول على شهادة بجروت، كل ذلك ممتاز ولا يختلف كثيرًا عما يجري على أرض الواقع.

ما يهمُنا هو العمل الاجتماعي المطروح مِن قبل الوزير بيرون شاي، الذي يتحدث عن العمل التطوّعي في المجتمع الذي يبدأ من الصف العاشر ويستمر حتى الصف الثاني عشر، أي ثلاث سنوات عمل تطوعي ولا يحصل على شهادة البجروت دونّ هذا البرنامج التطوعي، ويفصله الوزير كالتالي:
• 1- الصف العاشر : أنا والمجتمع، يرتكز العمل على طالب فعال في المجتمع يعرف كيف يتخذ القرارات. ويقوم الطالب بالعمل والتّطوّع في المجتمع 60 ساعة فرديّة و30 جماعيّة.
• 2- الصف الحادي عشر : أنا والمجتمع الإسرائيلي، يرتكز العمل على طالب يعرف هويته الشخصيّة وينمّي انتماءه الجماهيري من خلال التأثير على المجتمع الإسرائيلي. يقوم الطالب بالعمل والتّطوّع في المجتمع 30 ساعة فرديّة و30 جماعيّة.
• 3- الصف الثاني عشر:أنا ودولة إسرائيل، ترتكز الفعاليّات على البالغ الذي يعرف ويحترم ثقافة شعبه وثقافة الآخر بهدف إعداده لخدمة قومية أو مدنيّة ذات معنى ولحياة فاعلة في المجتمع. يقوم الطالب بالعمل والتّطوّع في المجتمع 30 ساعة فرديّة أو جماعيّة.

وواضح من هذه البنود الثلاثة التي تُشير إلى العمل التطوعي، النيّة المبيتة والمدروسة بإدخال الخدمة القومية والمدنيّة إلى المجتمع العربي من باب الفرض، عندما عجزت الحكومة وأذرعها مِن تطبيقها مِن خلال تحفيزات فردية واستغلال الحاجة للحصول على عمل مِن قِبل كثيرين من شباننا وشاباتنا في المجتمع العربي.

ثم يُجمل البيان بالإشارة إلى إمكانية قبول الطلاب العرب في المعاهد التعليمية العليا، وفق نتائج شهادة البجروت وتشمل (العمل التطوعي – الخدمة المدنية)، وقد لا تطلُب عندها امتحان البسيخومتري كشرط ٍ ثانٍ ومُلزِم.

لجنة متابعة قضايا التعليم العربي: نرفض تمرير مخطط الخدمة المدنية من خلال أبنائنا

وعّقب مدير لجنة متابعة قضايا التعليم العربي الأستاذ عاطف معدي على البيان بقوله: في المقترح بعض الإصلاحات الإيجابية، لكننا نتحفظ مِن التفاصيل ونرفض رفضًا باتًا أن يتم تمرير أي مخطط سياسي، من خلال طُلابنا، بِما في ذلك الخدمة المدنية، التي رفضناها طوال الوقت، ولا يُعقل أن نقبلها الآن. ونحنُ ندرُس تفاصيل البيان، وسنلتقي الوزير قريبًا جدًا، لمناقشته في إطارٍ موسّع ونقّدم توصياتنا حول النقاط الإيجابية في البيان والسلبية مِنه أيضًا.

ويضيف الأستاذ معدي: "سيسبق اللقاء بالوزير جلسة بعد أسبوعين، سيُشارك فيها إضافة إلى ممثلي لجنة متابعة قضايا التعليم العربي، ممثلون عن لجنة المتابعة لقضايا الجماهير العربية، بعد أن تنتهي مِن تجهيز تركيبتها الجديدة، كما ستدعى اللجنة القطرية، والإتحاد القطري للجان أولياء أمور الطلاب العرب، لتدارُس عدة قضايا تتعلق بجهاز التعليم العربي، بما في ذلك مقترحات الوزير بيرون شاي، لنخرُج بقرارٍ واضحٍ يُقدم للوزير، وفي حال كانت هذه الخلطة الكبيرة التي يعرضها الوزير "الريفورما" الجديدة المقترحة، تخبئ خلفها نوايا مبيّتة بتمرير الخدمة المدنية أو سواها مِن المخططات السياسية المرفوضة كُلها، فإنّنا سنكون واضحين وسنرفضها جملةً وتفصيلاً".

ويرى معدي أنّ (الريفورما) التي أطلّ بها الوزير وما يحتويها تبدو كعملية جس نبض للجهاز التربوي، وكأنه يمنح المدارس استقلالية، (وهي موجودة أصلاً في عدة مدارس)، ويُحاوِر الطالب العربي، الذي يشكو طوال الوقت مِن امتحانات البسيخومتري، وهكذا فإنّه يغريه بالتعليم العالي، مُقابل ساعاتٍ مِن الخدمة المدنية!!!، "لكنّ ذلك لن يَمُر".
وأنهى معدي بالقول" "ستُدار الطاولة المستديرة التي سأدعو لها، كما ذكرت بمشاركة المثقفين والأكاديميين، وطاقم "حراك" وسائر الجهات، لنخرُج بصوتٍ واحِد، بموقفٍ مشترك واضح وصريح أننا نرفض تمرير مُخطط على أكتاف أبنائنا، وأهلنا".

الإتحاد القطري للجان أولياء أمور الطلاب العرب: سنواجه مشروع الخدمة المدنية في المدارس!

من جهته صرّح المحامي فؤاد سلطاني: رئيس الإتحاد القطري للجان أولياء أمور الطلاب العرب أنّ البرامج الوزارية والخطط الجديدة التي تفرضها وزارة التربية والتعليم، على طلابنا الفلسطينيين في الداخل ما هي إلا محاولة لتجميل صورة المستقبل أمام أبنائنا، من الناحية التعليمية والتربوية، لكنها لا تعكس الحاجة الماسة لدى طلابنا العرب، لارتقاء من خلال البرامج التربوية والمنهجية، بل إنّ برامجها تفتقر إلى الواقعية والجدية ومدارسنا العربية تنقصها الموارد المختلفة، ولا يتم تحديد خُطة مفصّلة وموسّعة لجسر الهوة والفارق بين المجتمعين، بل تقوم بتعزيز هذا الواقع من خلال برامج مثل: (الأفق الجديد، اليوم المطول، عوز بتموراه، حوسبة المدارس، تسيلا وغيرها)، ومؤخرًا أطلّ علينا الوزير بيرون شاي، بمخطط جديد سماه " البرنامج القومي - إسرائيل ترتقي إلى صف أعلى" وفيه يلّوح بإلغاء البسيخومتري، وهو الإمتحان المخيف بالنسبة للعرب، بسبب صعوبته.

وأشارَ المحامي فؤاد سلطاني إلى أبرز النقاط المسيئة التي طرحها برنامج الوزير، حيثُ قال:

أولاً: ملائمة عمليات التعلّم والقياس مع القرن الـ21: كيف يكون ذلك ومدارسنا العربية بعيدة كل البعد من ناحية البنى التحتية؟ وهناك نقص في المختبرات وفي غرف التدريس؟ ناهيك عن انقراض المكتبات المدرسية، والمكتبات العامة في البلدات العربية؟! ناهيك عن انعدام الرقابة على صرف الميزانيات المخصّصة للتعليم في سلطاتنا المحلية؟!

ثانيًا: بخصوص منح المزيد من الإدارة الذاتية: كيف سيكون ذلك وأكثرية مدارسنا العربية تفتقر وتنقصها أولاً الإدارة الصحيحة والواعية والمسؤولة والمهنية لتقديم مستقبل أفضل لطلابنا وأولادنا (ازدياد حالات الغش وعدم النزاهة في الإمتحانات مثل: البجروت والميتساف وغيرها. وتبدو التعيينات غير المهنية للمعلمين والمدراء اعتمادًا على المحسوبية والوساطة وليس على الكفاءة والمهنية، أكثر خطورة مما يمكن توقعه).

ثالثًا: منح المزيد من التعلم والمساهمة للمجتمع: ثلاث سنوات التزام لخدمة في المجتمع – أساس في الحصول على شهادة البجروت!! المساهمة للمجتمع تعني التطوّع، والتطوّع مع فرضه واشتراطه لكي يحصل الطالب على شهادة وقيامه بالتطوّع بحوالي 180 ساعة في مراحل الثانوية، لكي يصادق على شهادة البجروت من قبل الوزارة، ما يدل على سياسة جديدة وقالب وزاري لترويج الخدمة المدنية بين صفوف طلابنا وشبابنا ومجالس الطلاب العرب!

رابعًا: مزيد من التعلم: التعلم في ثلاثة عناقيد (اللغة العبرية، التاريخ، العلوم) كيف يكون ذلك والوزارة ترفُض تعليم الثراث العربي الفلسطيني والنكبة، تهويد القدس والجليل، وتسعى لمحو الثقافة والهوية الفلسطينية والذاكرة والقرى المهجّرة وغيرها من ثراثنا وأصلنا!
وأكدّ المحامي سلطاني "أنّ تجاهُل موقف الأهالي وأولياء أمور الطلاب في المدارس وفرض الخطّة الجديدة تُعتبر انتهاكًا لحقوق الطالب العربي خاصة، ونحنُ كإتحاد قطري للجان أولياء أمور الطلاب العرب نستنكر ونرفض تنفيذ مثل هذه المخططات، دون إجراء فحص ميداني وواقعي ومهني لجميع النواقص والموارد داخل مدارسنا العربية وإصلاحها لتأهيل تنفيذ هذه المشاريع، ولن نسمح بتمرير الخدمة المدنية مِن قِبل طلابنا وأبنائنا".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]