تواجه الأقلية الفلسطينية في الداخل مخاطر كبيرة وتحديات متعاظمة تصنعها حكومة اليمين الاستيطاني المتطرف بقيادة نتانياهو وتتعاظم هذه المخاطر نتيجة الوضع المتردي على الساحة الفلسطينية من استمرار حالة الانشقاق والحصار المفروض على غزة والحالة العربية الاقليمية التي لا تبشر بالخير على المدى القريب على الأقل. ونقف أمام كل هذه التحديات وحالتنا التنظيمية السياسية والاجتماعية الداخلية أقل ما يقال فيها أنها ليست على ما يرام.

ولا زلنا في حالة من الهشاشة تجعل انتخابات محلية لبلدية مثل بلدية الناصرة تشغل مجتمع كامل أشهرا وتضعنا في مهب ريح الطائفية والاستقطاب من جديد. لجنة المتابعة غائبة لقصور بنيوي وسياسي والأساس لغياب الإرادة السياسية لدى الأحزاب والقوى السياسية العربية الأساسية بتغليب المصلحة الجمعية للمجتمع الفلسطيني في الداخل ووضعها فوق كل إعتبار وكذلك وبطبيعة الحال لغياب رؤية استراتيجية موحدة لواقع ومستقبل هذا الشعب في مواجهة المؤسسة العنصرية وسياسات الدولة العبرية الاقصائية .

إذا كان من الممكن لشعبنا في الماضي أن يتعايش مع حالة معينة من التشرذم في القيادة وضعف في المؤسسات إلا أن المرحلة الحالية والمستقبلية تشهد تعاظما في مخططات التهميش والاقصاء والمصادرة والتهويد والترحيل نعتبرها درجة أعلى في سلم سياسة الفصل العنصري الاسرائيلية لا يمكن معها القبول برثاثة العمل الجماعي وأداء المؤسسات الوطنية الجامعة. وهذه مسؤولية كل الأطراف ولا يستطيع أن يقوم أي حزب أو أي قيادي بما فيه كاتب هذه السطور "بغسل يديه من دم هذا الصديق" والاكتفاء بالتصريحات العامة الإيجابية. الوقت الأن يقتضي خلق النشاطات والبرامج الموحدة والتوحيدية على الأرض وفي الميدان وحتى لو بقي البعض خارج هذه الإرادة الشعبية الموحدة.

هذا ما جرى عمليا في التصدي لبرافر فإضافة إلى عامل الشباب وبروز دورهم القيادي والمبادر كان هناك حقيقة صهر ميداني لأوسع وحدة نضالية في الميدان بديلا عن حالة الوحدة الرثة في المكاتب وأمام الكاميرات. هذه الوحدة الصلبة حتى لو بدأت غير شاملة من حيث القوى السياسية أو لكونها ميدانية في مظاهرة معينة أو في نشاط معين إلا أنها تأثيرا ورمزية هي العامل المهم والجديد واللذي يدعونا للتفاؤل والأهم لاستخلاص العبر في معاركنا القادمة. فها نحن في بدايات مواجهة المخطط الصهيوني الجديد لتفريق وشرذمة شعبنا الفلسطيني وضرب نسيجه الوطني من خلال مخطط تجنيد المسيحيين. تعاملنا مع الموضوع في البداية كبالون إعلامي فارغ يقوده رجل دين نرجسي وعميل لليمين الاسرائيلي وسرعان ما تبين حجم المخطط الممول والمدعوم من نتانياهو شخصيا وحكومته ويحظى بتعاطف ودعم حتى حزب العمل وأوساط أخرى. كيف سنواجه هذا المخطط الخطير؟؟ بوسائلنا وأدواتنا الحالية وبالالتهاء بمعاركنا الجانبية وبغياب دور قيادي للمؤسسات الوطنية لن يكون بالامكان التصدي للماكينة الصهيونية ومواردها الضخمة خاصة وأن الظروف المحلية والاقليمية مواتية لها (حسب قرائتها هي على الأقل).

الشباب الوطني بدأ يتحرك للتصدي وفي الجو روح الحراك الشبابي الذي دعوته في مقال سابق لأخذ دور طليعي وكفاحي أيضا في هذه المعركة الحاسمة للحفاظ على نسيجنا الوطني وهويتنا القومية من خلال إفشال مخطط تجنيد المسيحيين وكذلك لاستعادة الروابط وتقوية العلاقات الوطنية مع أبناء شعبنا من الطائفة العربية الدرزية لإلغاء قانون التجنيد الاجباري. هنا أيضا علينا بخلق الوحدة في العمل في الميدان وعدم انتظار حتى تستعيد المؤسسات القطرية عافيتها أو حتى نخرج من مطبات تشغلنا مثل بلدية الناصرة أو غيرها. هم لا ينتظرون فهل ننتظر؟؟ لنعمل مع كل من يرفض التجنيد بكل أشكاله ولتكن نشاطاتنا موحدة وتوحيدية ولينخرط كل أبناء شعبنا من كل المناطق على اختلاف انتماءاتهم الدينية وحتى لو حمل البعض خطابا مختلفا المهم أن نفشل مخططات التجنيد والتجند والخدمة المدنية وليفرز النضال الميداني ألأطر والهيئات التوحيدية الجديدة المؤهلة لمواجهة التحديات القادمة, هذه عبر ودروس مواجهة مخطط برافر الذي للتذكير لم ينته وهكذا علينا الانطلاق لقبر مخططات ام ترتسو ويريف لفين ونتانياهو بسلخ المسيحيين عن شعبهم الفلسطيني وكذلك لمواجهة مخططات التهويد الجديدة وكذلك فيما سيتضح قريبا جدا من محاولة إلغاء التمثيل السياسي للعرب بواسطة رفع نسبة الحكم. 

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]