طافت حمائم البشرى، وعلا من مسرى الرباط الهديل.
وهبت نسائم التقوى، فطاب في ارض الثبات العليل.
عدت يا ربيع الأول بعبق مولد الحبيب، عدت فملأت باحات الأقصى بالمسك والطيب. رباه! بم نحتضن نفحات مولد البشير!
وسواعد المرابطين تقطر الدماء؟
بم نعانق عبق البدر المنير!
وقلوب المسلمين تطفح بالبغضاء؟
الهي!
يا كل رجائي وملاذي، أمطر علينا من غيث عزتك صيّباً نافعاً،
يغسل ما اعترى نفوسنا من أدران الهوان!
أنر سرمد قلوبنا بنور جلالك ،لنفق من الذّل والعصيان!
فغداً سترحل نفحات الثاني عشر من ربيع الأول، سترحل..
تبكي على حال امتنا ،تنوح لانتهاك مقدساتنا وأنهتاك حرمات بيوتنا،تصرخ لقتل أطفالنا وذبح شبابنا،تدمع لتناحرنا ،وفشلنا وذهاب ريحنا.
فبالله عليك أيتها النفحات الكريمة، مهلاً! خذي من آلام المسجد الأقصى، زفرة واحدة. ومن جروح هابيل وقابيل، قطرة واحده. ومن دموع جميلة العباش ،عبرة واحدة.
واكتبي رسالة عذر أهل المسرى، عن تخبط الأمة.وسجلي صحيفة عجزهم،وغَبّ نخوتهم، وضياع بوصلتهم، بين النكبة والنكسة.
خذي رسالة أولى القبلتين،وردديها على مسمع الثقلين،كلمة كلمه.
" إليك رفعتُ يا ربي دعائي، أجود عليه بالدمع الغزير لأشكو غربتي في ظل عصر، ينكس رأسه بين العصور أرى فيه العداوة بين قومي، وأسمع فيه أبواق الشرور وألمح عزة الأعداء حولي، وقومي، ذلهم يُدمي شعوري".
ما بال براثن الأشرم تنتهك المقدسات، وتطمس معالم الحضارات!
وطيور الأبابيل مكسورة الجناح؟
ما بال نداء المآذن يُحبَسُ عن الصلاة والفلاح؟
ما بال دم المسلمين يراق وعرضهم يستباح؟
بالأمس كانت جميلة العباش الغزيّه تعدو فوق رمال الشاطئ،ترسم أعقاب ساقيها أحلام الأفراح.
ترسم أمنية فلسطينيه فوق جدر المخيم،أمنية طفلة تستغيث معتصما واحداً من مليار ونصف يتقدم.
فما بال السنة العجم، وأفواه العرب، وشفاه الفخامة، عند مقتل الفلسطيني المسلم تتشدق، وتتلعثم؟
لله درك يا جميلة الهاشمية ! لم أضعتين حذاء ساقيك الطاهرتين عند بترهما؟
حذاء غزيّ أثمن وأسمى من كل تيجان القصب، وقصور وقلاع الحطب، وغاز ونفط العرب.حذاء وجب أن يكون شعاراً لهيئات القمم ،وراية مؤتمرات اللمم،ووساما يزيّن أكتاف القائد الملَجَم.
هاتوا ! من كل أطفال العرب والعجم،هل هنالك طفلة واحدة ،ليست فلسطينيه،قد سبقتها رجلاها الطاهرتين إلى الجنة؟
يا حفيدة عمرو بن الجموح!يا من سيطأ الجنة بعرجته،كلما انظر إلى براءة طفولتك،وعفة جلبابك،وسنا صبرك،استشعر بنسائم المعتصم القادمة من شموخ الصابرين،ومسالك الراشدين.
" لا تسلني عن حقوقٍ لم تزلْ بين تجَّار الأباطيلِ تضيع لا تسلني عن يد راجفةٍ لم تزلْ تَشري أساها وتبيعْ لا تسلْ عن واحةِ الصَّمت التي ضاقت التُّربةُ فيها بالجذوعْ يا لَها من ليلةٍ حالكةٍ نسَيِتْ أنجمُها معنى الطُّلوعْ ".
يا حفيدة ابنة الأزور ! ازحفي خلف راية خولة والخنساء المباركة، لتطأي الجنة،وتعلمين جيوش العرب كلها،كيف يكون زحف الشامخين.
آه يا "جميلة العرب" ! رغم الأسى ورغم النَصَب، من حق والدتك الطيبة أن تحتفل كلما هلَّ يوم مولدك، وتعيش ذكرى ولادتك، المجبولة بالصبر والحنان، لأنها ذكرى ملحمة البطولة والعناد.
لكن هل من حق امة كاملة أن تنعم بنفحات ذكرى مولد رسول الهدى،وقد ضلت سبيل الرشاد؟
اعاد الله علينا ربيع الأول ونحن ننعم بالخير والعافية وحسن الحال!
[email protected]
أضف تعليق