عندما نصبتُ طاولة كتاباتي الجديدة في غُرفتي العتيقة، وكتب مطالعاتي، دبّ الغضب في عروقي، فانتضَيْتُ قلمي، رفيق دربي، وبدأتُ أخُطّ هذه الخاطرة في ساعةٍ متأخرة من ليلة حالكة الظّلام. كنت في تلك الحالة أشبه بامرأة غجريّة خبيرة بمعرفة الطّالع، وهي تنتضي فناجين قهوتها الموحلة. ولعلّها تكون أخت تلك الغجريّة الّتي غنّى وتغنّى بها كاظم السّاهر في قصيدة الحزن.
تلك السّاحرة اللّعينة، بعصاها السّحريّة المُزركشة، ترحل في سماوات نجومها إلى غير رجعة؛ لأنّها تكره الاستقرار، وفي عينيها تحدٍ كبير. من يومها وأنا أحلِّق بعيدًا، أطوف في الأفلاك، محاولا معانقة الحرّيّة المُطلقة المعدومة، أبحث عن العدل والعدالة المفقودة، وعن أسئلة كثيرة لا إجابات لها. أكتُب وأكتُب لأُداويَ جروحي وجروح أبناء مجتمعي النّازفة نتيجة حزنه وذكرياته وحكاياته المؤلمة الّتي لم، ولن تُسدلَ عليها السّتارة على ما يبدو. إنّ لها بداية، ولا أرى لها نهاية.
عذرًا، قد تكون كلماتي، أحيانًا، مُبهمة المعاني، مشوّشة الأفكار، لا تتلاعب بها الأقدار فقط، وإنّما اللاعبون الّذين ماتت قلوبهم، أولئك الّذين لم ولن يعرفوا معنى الرّحمة، فهُم يواصلون التّلاعب بمصائر النّاس!!
يؤلمني، بحقّ وحقيقة، أنّ مصيرنا كان وسيظلّ منسيًّا كرصيف عتيق في قرية مهجورة ونائية، أو كشاعر متشرِّد ينصُت لهياج الأمواج العاتبة على الشّاطئ المظلم وأشباحه، يعاني ويندب الوحدة ...
[email protected]
أضف تعليق