تكمن المشكلة الحقيقية بين القوى السياسية المختلفة فى «مصر» فى أزمة «الثقة» المتبادلة بينهم، فالكل يرفض الكل مع سيطرة واضحة لروح العداء الخفى التى يضمرها البعض تجاه البعض الآخر، ولقد انعكس ذلك كله على استقرار الوطن، لذا يجب أن نعترف أن مشكلاتنا تبدأ من داخلنا حيث تسيطر علينا نظرية «الشخصنة» بما تنطوى عليه من تراجع لروح الفريق، ومبالغة فى الإحساس بالذات، وتحويل القضايا العامة إلى مسائل شخصية، أو تحويل الأخيرة إلى قضايا عامة لم يكن الوطن بحاجة إلى مزيد منها، إنما أريد أن أقوله صراحةً هو أن العقل العربى مكبل بقيود تحول دون انطلاقه وتصرفه عن القضايا الجادة إلى مسائل فرعية كان يجب أن يكون بمنأى عنها فى ظل الكم الهائل من المشكلات المتراكمة على الساحتين الداخلية والخارجية.
ولو أخذنا النموذج المصرى فسوف نجد أن هناك من يعبث بالوحدة الوطنية للشعب، ويصب الزيت على النار، ويدفع البلاد فى اتجاه حربٍ أهلية، يمارس فيها فصيل واحد أعمالاً إرهابية، تصل بنا إلى طريق مسدود، وتجعل المصالحة الشاملة شبه مستحيلة فى هذه الظروف الدامية والحزينة فى آنٍ واحد.
إن تأمل المشهد العربى كله يكاد يتلخص فى «انفجار المنصورة»، ثم «انفجار بيروت»، وقبل ذلك كله حالة سوء التأويل والتفسير السلبى للمواقف، تأكيدًا لما نقول به من غياب الثقة بين الأطراف كافة، وشيوع روح التخوين من خلال النظرة الضيقة التى تجعلنا أمام مشهدٍ فيه من القلق والغضب والتوتر ما يؤدى إلى اختفاء الثقة، وغياب الرؤية وضبابية المستقبل.
[email protected]
أضف تعليق