كُل شيء لم نتوقعه حدث في انتخابات بلدية الناصرة، فلم نتوقع أن يحصل التجمُع على ما حصل عليه ولم نتوقع أن تتوجّع الجبهة من ناصرتي (حديثة العهد) كل هذا الوجع، ولم يتوقع أحد، ولا حتى كُل فتاحات ومُنجمات العالم أنه بينما في الناصرة هُنالك نحو 53 ألف صاحب حق اقتراع يصوّت نحو 42 ألفًا ثُم تقف الأمور من الجولة الأولى على 20 صوتًا (وعشرين تعني انتقال عشرة من الضفة الأولى للثانية) ولم يتوقّع أحد أن تطالب الجبهة بأصوات الجنود وأن تبقى الناصرة حابسة لأنفاسها أسابيع كثيرة بسبب صندوق صغير فيه نحو 40 صوتًا لمحدودي الحركة ولم يتوقع أحد أن يتحوّل (الحبيبان) رامز جرايسي وعلي سلام إلى خصمين ومن اثنين رفعا منذ (شهاب الدين) شعار عدم توتير أجواء المدينة العزيزة إلى بطلين هُما مصدر التوتُر!

بكل الأحوال، هذا ما وصلت إليه الأمور، الأعصاب مشدودة وكُل العيون على الناصرة، والمقلق الآن أنه لا يوجد لأي طرف سيناريو مُناسب مقبول على البقية .. فالجبهة تتصرف بأسلوب واحد وهُو أنها تُريد العودة وعلي سلام قالها بصريح العبارة انه لن يتنازل والأقدار رمتنا هُنا، في مكان لا نُحسد عليه وبصورة لم يتوقعها أحد، وبالمناسبة، لنفرض جدلا أن صندوق محدودي الحركة رجّح كفة رامز جرايسي، فهل سيكون ذلك عادلا لعلي سلام، ثُم كيف سيؤلف رامز جرايسي مجلس بلدي؟! هذا سيكون برأيي خطوة أولى نحو شل عمل البلدية في عدم التصويت على الميزانيات وحل المجلس البلدي !

للتذكير، قائمة الجبهة حصلت على 8 مقاعد في البلدية، وناصرتي على 7 والقائمة الاهلية على مقعدين وكل من الموحدة وشباب التغيير حصلتا على مقعد واحد لكل منهما ( رامز جرايسي بحاجة الى 10 مقاعد لتشكيل المجلس البلدي) في حال عاد لكرسي الرئاسة. 

اللهجة الطائفية عادت فجأة، ونحنُ الذين ظننا أننا قد دثرناها ! لا أعرفُ لماذا الجو العام سخيف للدرجة التي يقبل فيها أن يتحوّل نقاش حزبي محلي إلى مسألة دينية !!

لقد فكرتُ مرارًا وتكرارًا بحل فعلي يمكن أن أطرحه كمواطن للمعضلة التي تعصف في المدينة، والتي بدأنا نرى أعمال عُنفٍ في الأيام الأخيرة على أساسها.. أنا لا أظن أننا يُمكننا في الظروف الموضوعية الحالية أن نبحث عن (حَل ممتاز للناصرة) إنما عن (الحل الأقل سوءًا)، ولكن من الممكن أن يكون توجه الأطراف لوزير الداخلية لإعلان انتخابات خلال عشرة أيام، وهكذا نُعيد الكرة لأهل الناصرة كي يكونوا هُم الحكم..

وضع الناصرة حساس جدًا وبحاجة لإظهار مسؤولية من قبل الأطراف المعنية – والأطراف المعنية هي أولا جميع من كان طرفًا في الانتخابات وليس ناصرتي والجبهة فقط - وهُنا استشهدُ بقول القذافي في خطابة المشهور – قد تندمون حينما لا ينفع الندم - !!

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
[email protected]